الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مستشارة رئيس الوزراء الكندي العلمية منى نمر لـ"النهار": لتوظيف الكفاءات في لبنان وتعزيز البحوث في الجامعات

ملاك مكي
مستشارة رئيس الوزراء الكندي العلمية منى نمر لـ"النهار": لتوظيف الكفاءات في لبنان وتعزيز البحوث في الجامعات
مستشارة رئيس الوزراء الكندي العلمية منى نمر لـ"النهار": لتوظيف الكفاءات في لبنان وتعزيز البحوث في الجامعات
A+ A-


"نعم، نجحتُ في أن أغيّر شيئاً في العالم" تقول كبيرة علماء كندا، ومستشارة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو للشؤون العلمية الدكتورة منى نمر لـ"النهار"، وهي الباحثة اللبنانية التي كانت تحلم منذ صباها في لبنان في أن تغيّر بعض الأمور في العالم، فهاجرت، ودرست، وثابرت، وعملت بجهد وباصرار، وعلّمت، وخرّجت أجيالاً، وأجرت البحوث، وشغلت منصب نائب رئيس لشؤون البحوث ومديرة مختبر علم الوراثة الجزيئية في جامعة أوتاوا، ونالت الجوائز، لكي تصبح اليوم من يقدّم التقارير والاستشارات العلمية لرئيس الوزراء الكندي ولوزيرة العلوم في كندا كريستي دنكان بغية اتخاذ القرارات المبنية على الوقائع والأدلة في كندا ونشر الثقافة العلمية في العالم.

تشرح نمر لـ"النهار" عن أهمية دور المستشار العلمي في الحكومات: ترتكز الكثير من البلدان في العالم، اليوم، على تعيين مستشارين علميّين للحكومات بغية اتخاذ قرارات موضوعية، دقيقة، مرتكزة على أدلة وعلى براهين علمية في مجالات مختلفة في الصحة، والبيئة، والتكنولوجيا وغيرها. اذ تحتاج الحكومات لخبراء علميّين للتفريق بين الأمور العلميّة الصحيحة وغير الصحيحة، لمنح الثقة لبعض العوامل والمعطيات، ولاتخاذ القرارات الصائبة التي تتصف بالصدقية.

فعلى سبيل المثال، طلب الرئيس الكندي من العالمة نمر المشورة العلمية في وضع سياسات البحث العلمي وميزانيتها بغية ان تحافظ كندا على مكانتها في جذب المواهب والكفاءات في العالم، كما طلب منها وضع الدراسات الوطنية في شأن المنشآت العلمية الكبرى من تلسكوبات كبيرة، ومن مسرّعات الجسيمات، وتوفير المعطيات العلمية في شأن الزراعة المائية والمزارع السمكية وأثرها البيئي، ومراجعة الدليل الوطني للتغذية المرتكز على معطيات علميّة للتأكد من صدقيته.

تلفت نمر الى أن اتخاذ الحكومات القرارات المبنية على البراهين العلمية يوطد علاقة الثقة بين الحكومة والشعب، فالشعوب تثق أكثر بقرارات موضوعية بعيدة من الضغوط الشخصية، أو السياسية أو غيرها.

وفي ظلّ المشاورات في شأن تأليف حكومة لبنانية جديدة، تتمنى نمر أن يكون الوزراء الجدد من أصحاب الكفاءات، الذين يعملون لخدمة المجال العام، ولمنفعة الشعب. كما تدعو نمر الوزراء في لبنان الى تعيين مستشارين علميّين بغية اتخاذ القرارات الصائبة والدقيقة في مجالات مختلفة، خصوصا أن لبنان يضمّ الكثير من الكفاءات العلمية ذات المستوى الرفيع.

تحض نمر الفئة الشابة في لبنان على التقدّم في مسار العلوم، فالعلم هو المستقبل في مختلف ميادين الحياة، من ابتكار، واقتصاد، وأمن، وبيئة وغيرها. وتلفت الى ان لبنان، ومنذ نحو عقد من الزمن، سجّل تقدّما في البحث العلمي بالرغم من وجود معوّقات عدة ومنها: الصعوبات التقنية والادارية والضرائب المرتفعة لاستيراد المواد البحثية، البنية التحتية للبحث العلمي، والتمويل. ويدرج تعزيز البحث العلمي ضمن ضمان الازدهار الاقتصادي للبلد، ورفع مستوى الجامعات اذ لم يعد ينحصر دور الجامعة في التعليم بل يتعداه الى انتاج البحوث العلمية، وتشجيع الشباب على البقاء في لبنان وعدم الهجرة.

من جهة أخرى، تجد نمر ان من الضروري العمل ضمن السياسات البحثية الوطنية في لبنان على ارساء التوازن بين البحوث التطبيقية، والبحوث الاساسية بغية ايجاد الحلول للمشكلات التي يواجهها البلد، وعلى توطيد العلاقة بين القطاعين العام والخاص والجامعات بغية نقل المعارف من القطاع الأكاديمي الى القطاعات الاقتصادية مثل الصناعة وغيرها والى المجتمع.

تشير الدراسات التي تجرى في كندا، والولايات المتحدة الأميركية، وفق نمر، الى ان الأخبار العلمية المرتبطة بالبحوث العلمية وبالاكتشافات هي من أكثر الأخبار التي تهمّ الفئة العامة. وتعيد نمر ذلك الى ان الاخبار العلمية تعطي أملا للأشخاص بالمقارنة مع الاخبار السياسية المحبطة. ومن جهة أخرى، توفّر المعلومات العلمية تفسيرات للإنسان عن شخصه، وعن الهواء الذي يتنشقه، وعن عمل دماغه، وعن نوعية المأكولات التي يتناولها، ما يثير فضوله ورغبته في اكتشاف نفسه والعالم الذي يحيط به. لذا تلفت نمر الى ضرورة أن تولي المؤسسات الصحافية والاعلامية في لبنان الأهمية للأخبار العلمية وأثرها على المجتمع.

من جهة أخرى، تؤكد نمر ضرورة رفع الوعي العلمي في المجتمع، وتأمين نشر ثقافة علميّة ليصبح المواطن، على سبيل المثال، قادراً على اتخاذ القرارات الصائبة المرتبطة بحياته، وعلى التفريق بين الأمور الضارة أو غيرها، وعلى اختيار مصادر المعلومات الجيدة والموثوقة المتوافرة على الإنترنت بدل المصادر المغلوطة، وعلى فهم ما يقوله الطبيب له، أو ما يقرأه على بعض المنتجات وغيرها.

أما عن دور المرأة في العلوم، فتؤّكد نمر أن المرأة تساهم في شكل فاعل في تعزيز العلوم في العالم وفي تطوّرها، وأن المرأة اللبنانية تحقّق انجازات مهمة وذكية خصوصاً ان عالمات لبنانيات ينلن جوائز عالمية ويمكن لهن أن يشكلن مثالا أعلى يحتذى.

"غير شي" تعلّق نمر عن تكريمها في الجامعة اللبنانية الأسبوع الماضي ومنحها شهادة الدكتوراه الفخرية تقديرا لجهودها ومسارها العلمي، وهي التي حازت على تكريمات عالمية عدة، وعلى شهادة دكتوراه فخرية من بلدان فرنسا، وفنلندا، "كانت اللحظة مؤثرة أمام الطلاب، تذكرتُ نفسي حين كنت في أعمارهم وكنت أحلم في أن أغيّر العالم، وكنت اطرح تساؤلات كثيرة عن الوطن، وعن بحره وكيف لا يمكن لجميع المواطنين في لبنان التمتّع ببحر مجاني مفتوح، او ممارسة الرياضة في أماكن عامة مفتوحة لتحسين الصحة... وما زلت أحلم اليوم بلبنان بلد منظّم، تتساوى فيه الفرص للجميع من دون تمييز جندري أو طائفي أو مناطقي، ويتم منح المناصب فيه وفق الكفاءات والقدرات".

"لا يتغيّر العالم بين ليلة وضحاها، وبين عام وآخر... يتغيّر العالم شيئا فشيئا من خلال مساهمات ضئيلة لبناء مستقبل أفضل" تقول نمر، مشيرة الى ان سرّ النجاح يمكن في الاصرار وعدم الاستسلام، وفي العمل الشاق، وفي وضع الأهداف البعيدة المدى، وفي الاحاطة بأشخاص جيدين يمكن الاستفادة من تجاربهم ومعارفهم للتفوّق على أنفسنا وللتعلّم من بعضنا البعض "فليتمسك الأشخاص بأحلامهم، ولا يستسلموا في الحياة". 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم