الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

هل وُلِدَ بلدُ الحلمِ؟

د. ميشال الشمّاعي
هل وُلِدَ بلدُ الحلمِ؟
هل وُلِدَ بلدُ الحلمِ؟
A+ A-

على ما يبدو اليوم أنّ #الحكومة في مخاضها الأخير، وبرغم الصّعاب والمطبّات كلّها والتي شكّلت عوائق ظنّ بعضهم أنّها ستكون الوسيلة لاستعادة ما سلبته منه الانتخابات النيابيّة الأخيرة، من شعبيّة اضمحلّت كرياح أيلول العاتية. لكن حساب الحقل لم يكن على قدر حساب البيدر على حدّ قول المثل الشّعبي. فهل ستنعكس هذه الطّريقة في الممارسة السياسيّة على مرحلة ما بعد الحكومة؟ أم أنّ ولادة البلد الحلم قد حانت؟

المعطيات الجديدة التي استند إليها الرّئيس المكلّف تنحصر في المجال الدّولي أوّلاً في موضوعين:

- ازدياد المخاوف من الوضع المالي والاقتصادي ومصير مؤتمر سيدر في ظلّ غياب السّلطة التّنفيذيّة المرتقبة.

- اقتراب موعد العقوبات الدّوليّة على الجمهوريّة الاسلاميّة في إيران وما يترتّب عليها من تداعيات على حزب الله اللّبناني، لا سيّما بعد الحديث عن عقوبات خاصّة قد تفرض على الحزب نفسه.

والملاحظ طيلة فترة التّشكيل كيفيّة رفع الوزير باسيل وتيرة تهجّمه على حزب القوّات اللّبنانيّة ليعود من فرنسا داعيًا مناصريه لوقف الحملة التّحريضيّة التي بدأها بمؤتمره الصّحافي، وتابعها في إطلالته التّلفيزيونيّة مع الإعلامي مارسيل غانم، ونأمل أن يكون قد ختمها في احتفال 13 تشرين. كما نأمل أن يكون هذا الفريق السياسي قد آمن بأنّ سياسة نبش القبور لم تعد تنطلي سوى على بعض من هم من جماعة :"عنزة ولوْ طارت."

حروب الإلغاء غير مقبول بها اليوم بعد الوصول إلى الخلاصة التّوافقيّة في الحكم نتيجة عمليّة التّسويات المتكرّرة في حياة جمهوريّة الطّائف، وليس انتهاء بالدّوحة، أو حتّى اتّفاق معراب الذي فتح أبواب القصر الرّئاسي أمام خصم القوّات اللّبنانيّة التّقليدي، رئيس التيّار الوطني الحرّ السابق، العماد ميشال عون. واليوم لن يكون أيّ رئيس جمهوريّة في لبنان إلا تمثيليًّا، ولتحقيقه هذه المواصفات عليه أن يعبّد طريق بعبدا بالمصالحات المسيحيّة - المسيحيّة أوّلاً، ومن ثمّ بالمسيحيّة اللّبنانيّة ثانيًا. وغير ذلك لا يحلمنّ أحد بالوصول حتّى على مفرق القصر الجمهوريّ.

لذلك، يترقّب اللّبنانيّون أن تكون الحكومة المقبلة حكومة إنتاجيّة تعمل على تنفيذ القوانين التي يشرّعها المجلس النيابي، فضلاً عن إدارتها للشّأن العام بطريقة ترشيديّة في الإنفاق المالي، لا سيّما وأنّ مؤتمر سيدر قد وضع لبنان تحت الرّقابة الماليّة الأوروبيّة والدّوليّة. ومن المفيد جدًّا أن يكون المعطّلون الذين عرقلوا ولادة الحكومة العتيدة قد اقتنعوا أنّ عواقب التّعطيل انعكست عليهم أوّلاً وآخرًا. أمّا في حال لم يقتنع هؤلاء بعدم جدوى سياساتهم التّعطيليّة فهم حتمًا سيتابعون ما كانوا قد بدؤوا به فور تكليف الرّئيس الحريري. وعندها سيدخل العهد برمّته في مرحلة شلل تنفيذيّ في الحكم.

لقد ملّ النّاس من تنابذ بعضهم، ومن تهافت بعض آخر على جنّة الحكم. النّاس بحاجة اليوم إلى تأمين أبسط أمورها اليوميّة، من ماء، وكهرباء، ومواصلات، وفرص عمل، وطبابة، وضمان شيخوخة، وتعليم، واللائحة تطول؛ لكنّها في دول العالم تعتبر من بديهيّات الحياة. وللأسف يفقدها لبنان تباعًا، وليس آخرها في هذا الزّمن الرّديء الذي نأمل أفوله. فهل يحتمل من نادى بالإصلاح والتّغيير طوال نيّف وعقد أن يتحوّل عهده إلى رمز للشلل والتّعطيل؟ ومتى سيقتنع هؤلاء كلّهم بأنّ لبنان الجديد الذي مللنا من انتظار ولادته، لن يولد إلّا بتوافق أبنائه جميعهم؟ أم أنّ بلد الحلم، والجمهوريّة الحلم، وحلم الجمهوريّة ما زال نطفة لم تولد بعد؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم