الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هاغوب كالندجيان يلتقط بالأبيض والأسوَد حياةً ضائعة وفردوساً مفقوداً

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هاغوب كالندجيان يلتقط بالأبيض والأسوَد حياةً ضائعة وفردوساً مفقوداً
هاغوب كالندجيان يلتقط بالأبيض والأسوَد حياةً ضائعة وفردوساً مفقوداً
A+ A-

تعرض "غاليري روشان"، صيفي فيلدج، صوراً فوتوغرافية بالأبيض والأسود، التقطتها عدسة الفنان هاغوب كالندجيان، بواسطة كاميرا من طراز كلاسيكي قديم. أهمية هذه الصور أنها تحية إلى الأرض التي لم تصل إليها يد الهمجية البشرية، الأرض المهجورة، المنسية، حيث لا شيء سوى البياض والسواد الطبيعيين، سوى الزهرة الأولى بذاتها، الهواء الأول بذاته، الحجر بذاته، والغيمة بذاتها.

الصور "طبيعية" للغاية. أقصد أنها ليست "مشغولة" و"مصنّعة" و"مُعاد توليفها وتظهيرها".


أقصد أن غرفة التحميض حيث تمّ تظهير هذه الصور، لم تجمّل هذه الطبيعة، ولم تتلاعب بها، بل أتاحت لها أن تعبّر عن ذاتها، وأن تكتفي بذاتها، وأن تلمّ بتفاصيلها المرهفة والحساسة، التي قد لا يُنتبَه إليها في العادة، أو قد تكون موضع إهمال مقصود.

العلاقة بين الأسوَد والأبيض، الفارق البسيط بينهما، الفارق الجوهري، التنافس والتضادّ والتداخل والتماهي، هي أسرارٌ جمّة مفترضة في منطق اللقطة التصويرية التي يبرع فيها المصوّر الفوتوغرافي.


في هذه الجدلية بالذات، تكمن شعرية الصورة، ولحظتها الباهرة.

يمكن العين أن تلاحق جوهر المشهد، عروق الورقة، أكمام الزهرة، شرايينها، تحولاتها بين الأمس واليوم، كيف كانت قبل أشهر، وكيف صارت اليوم، كما لو أن كاميرا المصوّر تروي حياة تنمو وتتحوّل أو تهرب باستمرار، أو كما لو أنها تتسلل إلى أعماق الزهرة مثلاً، فتدخل إلى روحها، إلى ذكرياتها وعواطفها وأفكارها وأعمارها ولحظاتها، بحثاً عن فردوس ربما بات مفقوداً تحت وطأة الماركنتيلية المادية النفعية التي تستولي على حياتنا وعلى الطبيعة في الآن نفسه.

الصور تمثل وراءها كاميرا ذكية. ليست الكاميرا هي المقصودة، بل عين المصوّر الذكية، ثقافته البصرية، عقله النيّر، ذائقته المتفتحة على المعنى، على الحالة، وعلى اللحظة الاستثنائية.

يستمر المعرض إلى 31 تشرين الجاري.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم