الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

جان جاك آنو في أعنف هجوم على "الموجة الجديدة": طوال ستين سنة ظلّت جديدة!

المصدر: "النهار"
جان جاك آنو في أعنف هجوم على "الموجة الجديدة": طوال ستين سنة ظلّت جديدة!
جان جاك آنو في أعنف هجوم على "الموجة الجديدة": طوال ستين سنة ظلّت جديدة!
A+ A-

لطالما كان المخرج الفرنسي الكبير جان جاك آنو ضد "الموجة الفرنسية الجديدة" التي يعتبرها أساءت إلى السينما. بعد جزء أول من مقابلة أجرتها "النهار" معه في الدورة الأخيرة من مهرجان الجونة السينمائي، فتح فيه النار على "أفلام المهرجانات"، في الآتي جزء ثانٍ لا يخلو من النقد اللاذع في حقّ تيار سينمائي ألهم كبار الأسماء حول العالم في القسم الثاني من القرن الماضي.


"أفلام جان رونوار هي التي ساهمت في تأهيلي. لم أطق "الموجة الجديدة" يوماً. فيلم تخرجي من الـ"إيديك" كان عنوانه "خطايا المخرج السبع". احدى هذه الخطايا كانت "الموجة الجديدة" التي قامت على الأشياء الآتية: قصّة ليست بقصة، لقطات مغبّشة، كاميرا تتحرّك في الاتجاهات كافة، حكايات لا تهمّ أحداً سوى الذين يعتقدون انه اذا كان النصّ غير مفهوم فهذا يعني انه ذكي. وطبعاً، الاعتقاد السائد في هذه الأوساط هو ان الجمهور غبي بطبيعته كي يستوعب شيئاً بهذا السمو (ضحك).

منذ البداية، وجدتني غريباً عن هذه السينما. مع العلم ان فرنسوا تروفو كان أكثر مَن ساعدني في مسيرتي. ساعدني وكلود ميللر. اتصل بي يوماً كي أساعده في المونتاج. كنت في الثالثة والعشرين وها ان آلهاً سينمائياً يطلب عوني. أخرجتُ فيلمي الأول، "النصر بالغناء"، بسببه. راح يقنع جماعة "يونايتد أرتستس" كي ينتجوه. كانت علاقتي به قوية جداً جداً واستمرت لسنوات. أحببتُ عدداً من أفلامه. الأول، "الحياة الماجنة"، كان بديعاً مثلما أحببتُ أيضاً فيلم غودار الأول "مخطوف النفس". ولكن في ما بعد، قدّم بعضهم أي كلام. أحببتُ أيضاً شابرول، وصادقتُ لوي مال، وجان بول رابنو عزيز مقرّب لي. عندي احترام لهؤلاء الذين لهم أهمية كبرى في تطوير السينما تاريخياً، ولكن حصل هذا كله لأسباب اقتصادية. فأنا عملتُ مع راوول كوتار الذي كان مدير التصوير المعتمد لدى "الموجة الجديدة"، واكتشفتُ ان حلمه هو إنجاز أفلام تقليدية. عندما تعاونّا معاً في أفلام دعائية، كان يأتي ببروجكتورات ليضيء المشهد، وكنت أعترض. أنا كنت مهتماً جداً لمعرفة كيف كان ينجز الأفلام التي أنجزها والتي أدهشت العالم، فتبين انه لم يفعلها سوى لأنه لم يكن يملك المال للحصول على الإضاءة التي كان يتمنّاها.

هناك اختراعان عدّلا مسار السينما: الكاميفلكس (الكاميرا الفرنسية التي يمكن حملها على الكتف) والشريط الخام "دوبل إيكس" الأسود والأبيض الذي تتيح حساسيته امكان التصوير في ظروف الضوء الخافت. أحببتُ أفلاماً عدة لـ"الموجة الجديدة" بسبب القصّة. بعد ذلك، كانت لدينا موجة جديدة لا تتوقف عن ان تكون جديدة. طوال ستين سنة، ظلت الموجة جديدة. آسف، ولكن الموجة الجديدة هي الأولى أو الثانية أو الثالثة، لا الموجة رقم ٥٨٠. أنا موضعتُ نفسي مبكراً خارج التيارات الفرنسية؛ لم أرد ان أنال إعجاب النقّاد الفرنسيين، وددتُ الانصات إلى غريزتي لأنجز سينما سردية ومشهدية، حول أفكاري التي حاربتُ من أجلها. وعندما نجحت أفلامي جماهيرياً، قالوا: "لا بد انه مخرج سيئ". منطقهم، وهؤلاء يصنّفون أنفسهم يساريين، هو الآتي: "الشعب غبي، انه رهط من الحمقى والفاشلين، لذلك اذا أُعجب عدد كبير من الناس بفيلم فهذا يعني انه فيلم فارغ".

السينما فنّ جماهيري ولكن في فرنسا الحال مختلفة، اذ ينظر اليه كفنّ نخبوي. في نظرهم انه فنّ يساري. عندما صرحتُ في الثمانينات بأن السينما فنّ ترفيهي، قوبلتُ بمعارضة شديدة. كان ردي انه يُمكن ان نقول أشياء مهمّة من دون ان نُتعِب الناس ونضجرهم. ولكن هذا لا ينسجم مع العقلية الفرنسية. لهذا السبب، شعرتُ بنفسي على هامش فرنسا، فرحتُ أعيش في الخارج: ثماني سنوات في الولايات المتحدة، وأربع في الصين، والآن وصلتُ للتو من كندا حيث عشتُ سنتين. نجاح أفلامي في شبّاك التذاكر سواء في فرنسا أو خارجها كان يُنظر اليه بسلبية شديدة. هذه فضيحة! المنوال الذي يكررونه: مع موازنة فيلم من أفلامي يُمكن إنجاز ٤٠ فيلماً. ولكن، يمكننا إنجاز ٤٠٠ فيلم أيضاً (ضحك). حتى "اسم الوردة" لم يحظَ بآراء نقدية جيدة. لكنني اعتدتُ هذه الحال، فأخذتُ بنصيحة تروفو ألاّ اقرأ النقد. أينما حللتُ، هناك جمهور يحبّ أفلامي ويعددها بلا مشكلة. النقّاد في فرنسا يريدونني ان أصنع أفلام مهرجانات. وان أكون صاحب أفلام فشلت بشكل مشرّف. "أفلام كبيرة مريضة"، كما يقولون. هذا ما يصنع نبل السينمائي في نظرهم. للأسف، لهذا السبب صار تصدير السينما الفرنسية صعباً".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم