الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

ظِلّ بولتون حاضر... واشنطن تقترب من تنفيذ تهديدها

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

منذ 31 سنة، وقّعت الولايات المتّحدة والاتحاد السوفياتي على تلك المعاهدة بعدما زار الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف العاصمة الأميركيّة ولقائه بالرئيس رونالد ريغان. وفي هذا السياق، انتقد غورباتشيف قرار ترامب لأنّه سيقوّض جهود نزع السلاح النووي كما قال. في صورة موازية، سبق للرئيسين دونالد #ترامب وفلاديمير #بوتين أن التقيا في #هلسينكي أواسط تمّوز الماضي. لكنّ قمّتهما لم تفلح في تبديد أسباب التوتّر على الرغم من اعتقاد الرئيسين بضرورة التعاون بين بلديهما.


الحلّ موجود

لم تكن الخطوة الأميركيّة مفاجئة إلى هذا الحدّ، إذ سبق لواشنطن أن هدّدت أوائل الشهر الحاليّ بالانسحاب من المعاهدة بعدما وجّهت الاتّهام لموسكو ب "انتهاك" الاتّفاق. حينها قال السفير الأميركي إلى الأمم المتّحدة لنزع الأسلحة روبرت وود أمام مجموعة من الصحافيّين في جنيف: "لا أعرف إلى متى يمكن أن نستمرّ في احترام التزاماتنا التي تنصّ عليها هذه المعاهدة في حين تنتهكها روسيا بشكل صارخ وعلنيّ". إذاً، لم ينتظر العالم كثيراً كي يعرف أنّ استمرار واشنطن في احترام التزاماتها قد لا يدوم طويلاً.




عمليّاً، تتّهم واشنطن موسكو بخرق هذه المعاهدة منذ أيّام إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، عبر اختبار صواريخ من طراز "9 أم 729" التي يؤكّد الروس أنّها لا تخرق المعاهدة لأنّ مداها لا يتخطّى 500 كيلومتر. وأعلنت إدارة ترامب في كانون الأوّل الماضي أنّها ستتّخذ خطوات ديبلوماسيّة واقتصاديّة وعسكريّة لإلزام موسكو بتعهّداتها. وجاء تصريح مبعوثة واشنطن لدى حلف شمال الأطلسي كاي بايلي هاتشينسون في الثاني من الشهر الحاليّ شبه صادم حين حثّت #روسيا على إيقاف عمليّاتها السرّيّة لتطوير نظام الصواريخ هذا "وإلّا فإنّ الولايات المتّحدة ستسعى إلى تدميره قبل دخول الخدمة". لكن سرعان ما سحبت هاتشينسون والناطقة باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة هيذر نويرت فتيل التوتّر بعدما أعلنتا أنّ المقصود بهذا الكلام لم يكن توجيه ضربة استباقيّة ضدّ هذه الصواريخ. غير أنّ هذا التطمين لم يعنِ أنّ الموضوع سيعاد إلى أدراجه. فموسكو تتّهم واشنطن أيضاً بخرق هذه المعاهدة عبر نشر صواريخ "إيجيس" في أوروبّا. يرى باحثون ومن بينهم والخبير في شؤون حظر الأسلحة النوويّة في معهد "بروكينغز" ستيفن بايفر أنّ الحلّ موجود لتهدئة الطرفين. لكن مع غياب الثقة المتبادل تصبح تلك الحلول نظريّة في غالب الأوقات.


غير مرتاحة لموقعها في المنافسة

يشكّل انسحاب الولايات المتّحدة من هذه الاتّفاقيّة قضيّة متعدّدة الأبعاد لا تنحصر فقط بالعلاقة الثنائيّة مع روسيا. يكاد واقع أن يكون التحرّك الأميركيّ موجّهاً إلى الصين أيضاً، محسوماً بحسب عدد من الخبراء. فمراسل الشؤون الديبلوماسيّة والدفاعيّة لهيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" جوناثان ماركوس أشار إلى أنّ الصين كانت حرّة في تطوير ونشر صواريخ نوويّة متوسّطة المدى، بما أنّ المعاهدة هي ثنائيّة بطبيعتها. لذلك، هنالك شعور داخل إدارة ترامب بأنّ المعاهدة تضع البلاد بازدياد في موقف متأخّر عن منافستهم الاستراتيجيّة. من جهته، أعلن المحامي والاقتصاديّ ومدير معهد "هوفر" التابع لجامعة "ستانفورد" جون جوردان في حديث إلى شبكة "فوكس نيوز" أنّ خطوة ترامب مرتبطة بروسيا والصين معاً، مشيراً إلى أنّ الأخيرة راحت تطوّر أسلحة ضمن هذه الفئة بما أنّها لم توقّع على المعاهدة.


ظِلّ بولتون ... ومساعده الجديد؟

على الأرجح، جاء قرار ترامب بعد نصيحة من مستشاره لشؤون الأمن القوميّ جون #بولتون الذي حثّه على اتّخاذ هذه الخطوة بحسب ما ذكره مراسل صحيفة "غارديان" البريطانيّة في واشنطن جوليان بورغر الذي أضاف أنّ وزارتي الخارجية والدفاع عارضتا رؤية بولتون. وبدا أنّ مستشار الأمن القوميّ الثالث في هذه الإدارة تمكّن من إقناع ترامب بتبنّي النظرة الأكثر تشدّداً في هذا المجال. وعلى أيّ حال، أمضى بولتون مسيرته في معارضة معاهدات حظر الأسلحة كما كتب بورغر مشيراً إلى أنّه يمنع أيضاً محادثات بشأن تمديد معاهدة أخرى مماثلة مع الروس وهي "نيو ستارت" لتقليص الأسلحة الاستراتيجيّة والتي تنتهي سنة 2021.




بناء على ذلك، لم يكن من قبيل المصادفة أن يأتي بولتون في تمّوز الماضي ب "نسخة عنه" إلى مجلس الأمن القوميّ وهو تيم موريسون الذي يتمتّع أيضاً بنظرة عدوانيّة إزاء القيود على الأسلحة النوويّة الأميركيّة. ويعترف خصوم موريسون بخبرته الطويلة في هذا المجال إضافة إلى أنّ أحد المسؤولين وصفه بأنّه "أكثر متشدّد بين المتشدّدين في السياسة النوويّة". وقد نجح حتى في تعديل وجهة نظر أوباما في هذا المجال إذ وافق الرئيس السابق على تحويل الأموال لتحديث الترسانة النوويّة بعدما وعد بعالم خال من هذه الأسلحة. وقال مسؤول سابق إنّ موريسون "يكره روسيا في جميع المجالات".

يمكن أن يكون بولتون على طريق النجاح في تطبيق رؤيته بالتخلّص من "القيود" على القوّة النوويّة لبلاده. لذلك تبقى الأنظار شاخصة إلى روسيا التي يزورها اليوم لمعرفة مدى إمكانيّة تغيير موقفه خلال لقائه بوزير الخارجيّة سيرغي لافروف اليوم والرئيس الروسيّ يوم غد. فهل يتمكّن الروس من تعديل موقف بولتون وربّما بالتالي ترامب خلال 48 ساعة؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم