الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المملكة أملٌ وحياة

وائل ضو- رجل أعمال مغترب
المملكة أملٌ وحياة
المملكة أملٌ وحياة
A+ A-

كانت رياضة الخيل والفروسية ولا تزال تحظى برعاية واهتمام شديدين لدى النخب في عالمنا العربي. وكان لدول الخليج الأثر البالغ في تطوير هذه الرياضة وضمان استمراريتها عبر الأجيال المتعاقبة لما تحمله الخيل من خصائل ومزايا فريدة جعلت منها إرثاً عميقاً ومؤثراً في ذاكرة أبناء هذه المنطقة. لهذا تحول مفهوم تربية الخيل تدريجاً لتُصبح رياضة شائعة ومُحببة في الكثير من المجتمعات والدول وتحديداً الخليجية منها.

اكتسبت مدينة الرياض شهرة واسعة في سباقات الخيل المحلية لكونها تُنظم ثلاثة سباقات تحمل أسماء كل من المؤسس والملك وولي العهد. وتقام هذه السباقات كل عام على ميدان الجنادرية الذي يتميز بمواصفات عالمية متقدمة، كما يحرص الملك وولي العهد على الحضور أو إرسال من ينوب عنهما، الى جانب متابعة كبار الأمراء والشخصيات وملاك الخيل وجمهور واسع وعريض من عشاق الرياضة.

ذات عام تلقيتُ دعوة من أحد كبار الأمراء لحضور أمسية مهمة للسباقات، وكانت يومها على ما أذكر كأس الملك. وكان للمُضيف خيول مشاركة ينتظر منها نتائج طيبة في سباق تحضرت له الإسطبلات طيلة عام كامل. خلال دقائق السباق وفي غمرة المنافسة وأنا بجانبه نتابع المجريات، أخذني جمال المشهد من على شرفة الطبقة الرابعة من النادي لسؤاله عن سبب عدم استثمار المرفق في سباق دولي جامع يشارك فيه معظم الدول المهتمة بالسباقات في العالم, خصوصا أن المنشأة لها خصائص مميزة تتناسب طبيعتها وحاجة ملاك الخيل العالميين. أجابني: "السباقات عندنا لم تتحول الى صناعة حتى الآن كما هو الحال في دول ومدن مختلفة، بل ما زالت هواية جميلة مُحببة على قلوبنا ورثناها عن أسلافنا، إنما الكثير منا يُمارسها من باب الواجب للحفاظ على هذا التراث القيم". وأردف: "نحن دولة لها بعدٌ عربي وإسلامي وعليها واجبات ومسؤوليات تجاه هذه الدول، وديننا الحنيف أوجب علينا الوقوف إلى جانب الفقراء والمحتاجين في هذا العالم. وإن لم نفعل هذا نكون قد خالفنا التعاليم أولاً، وثانياً قد يُنهكُ ويموت الملايين من المجموعات المُحتاجة جراء أي تلكؤ أو تغاضٍ أو عدم اهتمام.

قد يسأل البعض لماذا هذا السرد؟

ما ذكرتُه أعلاه هو للدلالة على جانب واحد في غاية الأهمية في زمن الكذب والنفاق والابتزاز، ألا وهو أن حقوق الإنسان لا يمكن أن تتجزأ، وأن المعيار يجب أن يكون واحداً موحداً، وأن لا يختلف بالشكل والمضمون إلا إذا وقفت خلفه غايات مُبيتة خبيثة. وليس مقبولاً أن نقوم بعملية التفاف وتغاضٍ عن دور المملكة العربية السعودية الإنساني والأخلاقي تجاه فقراء ومحتاجي هذا العالم ورفعها عنهم حالات البوؤس والجوع والمرض ودفعها بكل ما تملك من إمكانات وقوة لحماية الأطفال والنساء والعجزة من الموت المُحتم، وذلك من خلال البعثات الإنسانية وفرق الإغاثة والمساعدات العينية التي أرسلتها وترسلها مع شقيقاتها من دول الخليج كدولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت والتزام هذه الدول مساعدة حكومات الدول الفقيرة ومدها بالمال وفتح أسواق العمل لأبنائها، وغيرها الكثير...

لا يُمكن المجتمع الدولي أن يقف مراقباً ثكلاً أمام موت مئات الآلاف من الأطفال والنساء والعجزة في كل من سوريا وفلسطين، وأن يتشرد ملايين البشر على مرأى أعينهم ويكتفوا بتوثيق الجريمة وتعداد الضحايا همساً. لا يُمكن أن ينتفضوا فجأة وينفضوا الغبار الذي تكدس على وجوههم وضمائرهم طيلة سنين بحجة الدفاع عن مواطن سعودي ذهب ضحية سوء سلوك وتصرف لأشخاص محدودين، معدودين ومعروفين دون علم قيادة المملكة بفعلتهم هذه التي عاجلت بدورها مع تبيان الحقيقة لاتخاذ بحقهم أشد الإجراءات العقابية.

البُعد الإنساني والأخلاقي والمسؤولية العامة لقادة المملكة عبر مسيرتهم الطويلة التي ميزتهم بالتزامهم تعاليم الدين الحنيف والسمات الإنسانية العميقة والتضحية والعطاء، ومنحهم الحياة الكريمة لملايين الفقراء من سكان هذه المعمورة، لا يجوز التغاضي عنها وتجاوزها بخطأ موظفٍ غير كفيّ ولا بفعلة فردية فوضوية، غير موجهة ومرفوضة بكل جوانبها، وأول رافضيها المملكة بذاتها. ما منحته المملكة من حياة لأحياء مكرمين في هذا العالم الذي يضج جنوناً وقهراً وموتاً وظلماً واستبداداً، هو خير دليل على مسيرتها النقية الساطعة، وأكبر برهان على زيف الانتهازيين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم