الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

جيرار: 88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة موليكا: على اللاجئين احترام بيئة البلد الذي يستضيفهم

جيرار: 88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة موليكا: على اللاجئين احترام بيئة البلد الذي يستضيفهم
جيرار: 88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة موليكا: على اللاجئين احترام بيئة البلد الذي يستضيفهم
A+ A-

كشفت ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) في لبنان ميراي جيرار، خلال حلقة نقاشية نظمتها جمعية "إدراك" (مركز البحوث وتطوير العلاج التطبيقي) في إطار المؤتمر السنوي لمستشفى القديس جاورجيوس الجامعي - الأشرفية، "أن 88 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم"، موضحة "أن الأسباب التي تجعلهم يتريثون في ذلك لا تتعلق بصورة أساسية بمسألة الحل السياسي ولا بمسائل إعادة الإعمار، بل بإزالة عدد من "العوائق العملية"، ومنها مخاوف تتعلق بالممتلكات والأوراق الثبوتية ووثائف الأحوال الشخصية ووضعهم القانوني في بلدهم".

وحملت الحلقة النقاشية عنوان "توفير بيئة جيدة للنازحين: بين التمكين والتوطين"، وشارك فيها، إلى جيرار، مدير برنامج هارفرد لصدمات اللاجئين (HPRT) في مستشفى ماساتشوستس وكلية الطب في جامعة هارفرد البروفيسور ريتشارد موليكا، أحد أهم الباحثين في مجال رعاية الصحة النفسية للناجين من العنف والصدمة في العالم. وتولى إدارة النقاش رئيس "إدراك" الدكتور إيلي كرم.

وتناولت وضع النازحين في لبنان من مختلف الزوايا ومن ضمنها الصحة النفسية، وسبل تحسين نوعية حياتهم، وتأثير هذا التحسين على المجتمع اللبناني وعلى نية النازحين في العودة إلى وطنهم، وهل يفضلون البقاء في لبنان، وسواها من المواضيع.

كرم

وسأل كرم في مداخلته كمدير للنقاش: "إلى أي مدى يجب أن يشعر اللاجئون داخل البلد الذي لجأوا إليه بأنهم مرتاحون؟ والأسوأ إذا كان عدد كبير منهم يمثل أعداء سابقين، أو إذا كانوا مضطرين للبقاء إلى ما لا نهاية ومن دون فرصة للعودة إلى بلدهم الأم، أو إذا كانوا يأتون من دولة مجاورة باتوا يرون في سلطتها الحالية عدوا لهم".

واضاف: "لسنا متأكدين من أن ثمة أجوبة ترضينا (...) وخصوصا أن النازحين ينتقلون إلى أوروبا أو الولايات المتحدة ويرون في الدول التي يقصدونها مقر استيطان دائم لهم حيث يخططون للاندماج والنمو والازدهار على الرغم من الاختلافات الثقافية الضخمة".

ولاحظ كرم أن "تجربة اللبنانيين مع اللاجئين الأرمن شكلت نجاحا كبيرا أغنى لبنان في نظر الجميع، والطائفة الأرمنية كانت ولا تزال عنصرا أساسيا في تنوع لبنان وغناه، ولكن هذا لا ينطبق على الفلسطينيين الذين ارتبط اسمهم ليس فقط بانهيار سلطة الدولة إنما باندلاع الحرب اللبنانية التي دمرت البلد".

وأضاف: "هذه الصورة لا تزال محفورة في أذهان معظم اللبنانيين، ومن هذا المنطلق نحن مدعوون إلى درس مواقفنا تجاه المساعدة التي نقدمها للعدد الهائل من النازحين السوريين".

وختم شاكرا للبروفيسور موليكا والسيدة جيرار مشاركتهما في هذا النقاش "الذي يقرب إلى حقيقة الأمور".

جيرار

وقالت جيرار: "هذه السنة يواجه العالم رقما غير مسبوق للطوارئ الإنسانية الناتجة من النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية. إذ لم يكن يوما عدد اللاجئين والنازحين الداخليين منذ الحرب العالمية الثانية بهذا المستوى. فقد وصل عددهم إلى 68.5 مليون نازح داخل بلادهم أو لاجئين في دول أخرى".

ولفتت إلى أن "تجربة النزوح بسبب النزاعات المسلحة والاضطهاد والكوارث تضع على الأفراد والعائلات والمجتمعات ضغطا نفسيا واجتماعيا كبيرا، وما يتعرض له اللاجئون (...) يمكن أن يؤثر، بطرق مختلفة، على صحتهم النفسية وحياتهم النفسية الاجتماعية".

ولاحظت أن "البالغين والأطفال الذين طالتهم الحرب واضطروا إلى النزوح من سوريا والعراق، يختبرون سلسلة واسعة من الأمراض النفسية والمشاكل العصبية، ومنها اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)". ورأت أن "البيئة التي يعيش فيها اللاجئون تساهم في تراجع أكبر في صحتهم النفسية بسبب التشرد وضعف إمكانية ولوجهم إلى الخدمات الصحية".

وتابعت جيرار: "على الرغم من البرامج النفسية الكثيرة (10 منظمات غير حكومية و4 منظمات تابعة للأمم المتحدة) والجهود الأخيرة لتحسين العلاج النفسي للاجئين في لبنان، فإن لديهم إمكانية محدودة لولوج خدمات الصحة النفسية الأساسية. فمثلا عام 2017 بلغ عدد الإستشارات النفسية المغطاة كلفتها 43 ألف استشارة، في حين بلغ معدل الاستشارات النفسية 4,300 شهريا عام 2018".

وتابعت: "وفق إحصاء أجري عام 2017 تبين أن 2.5% أبلغوا عن وجود شخص أو أكثر في العائلة بحاجة إلى علاج. ومن بين هذه المجموعات 38% تم الإبلاغ عن أنهم حصلوا على العلاج المطلوب، في حين أن 62% لم يحصلوا عليه".

واضافت: "رغم جهود المفوضية العليا للاجئين وسواها من الجهات وما توفره من دعم، ومنها منظمة الصحة العالمية والبرنامج الوطني للصحة النفسية ووزارة الصحة، يبقى وصول اللاجئين إلى خدمات رعاية الصحة النفسية غير كاف".

وقالت: "ينظر أحيانا إلى الخدمات الصحية والأنواع الأخرى من المساعدات، في السياق الحالي، على أنها تبقي اللاجئين في لبنان وتحد من رغبتهم في العودة إلى بلادهم. هذا الأمر يقود إلى نقاش حول ما إذا كان ينبغي مواجهة الثغر القائمة في الصحة النفسية والقطاعات الأخرى، في لبنان، أو أنه يجب مواجهتها في الدولة التي يأتي منها اللاجئون".

واعتبرت أن "الرعاية الصحية ليست حافزا للاجئين كي يبقوا في لبنان أو كي يعودوا إلى بلدهم باكرا. فثمة اعتبارات أخرى أهم لاتخاذ قرارات من هذا النوع". ورأت أن "عدم الوصول إلى الصحة النفسية يمكن أن يشكل، على العكس، عاملا يؤخر الحلول. فالأشخاص المصابون بمرض نفسي وعائلاتهم قد لا يشعرون أنهم يتحكمون بمستقبلهم ويعتمدون كثيرا على المساعدة". وشددت على أن "حل مسائل الصحة النفسية يمكن اللاجئين من التخطيط لمستقبلهم وأخذ المبادرة. وفق خبرة المفوضية، الناس الضعفاء هم دائما آخر من يعودون إلى بلدهم".

وفي ردها على اسئلة الحضور، قالت جيرار: "إن ثلاثة أرباع اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر أي لا يتعدى مدخولهم اربعة دولارات في اليوم، ونحو نصفهم يعيش تحت خط الفقر المدقع أي أن مدخولهم لا يتعدى ثلاثة دولارات في اليوم، ولكن لديهم أمل في مستقبلهم، و88 في المئة منهم يريدون العودة (...) ودورنا هو جعل ذلك ممكنا قدر الإمكان".

وقالت: "إن اللاجىء السوري يدفع ما معدله 200 دولار إيجارا شهريا للمكان الذي يقيم فيه، ومع تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان وفرص التوظيف للعمالة عير المؤهلة، إذا كان محظوظا يمكنه العمل نحو أسبوعين على الأكثر في الشهر، اي يجني نحو 170 دولارا، وهو مبلغ لا يكفي حتى للايجار".

واضافت: "في سوريا ليس عليه أن يدفع إيجارا، أما الرعاية الصحية فهي مدعومة وبالتالي أرخص، فلماذا إذا قد لا يرغب اللاجىء في العودة".

وتابعت: "بقدر ما تزال العوائق التي تحول دون عودة اللاجئين السوريين، ستتعزز ثقتهم وسنراهم يعودون (...).عندما يصبحون جاهزين للعودة، فإنهم مستعدون للعودة إلى بيوت مهدمة ولترميمها بأنفسهم بما توافر لديهم ولن ينتظروا أي منظمة لبنائها لهم. ليس الدمار ما يمنعهم من العودة، وإعادة اعمار البيوت ليست عائقا".

وتابعت: "88 في المئة من اللاجئين السوريين يقولون لنا إنهم يريدون العودة إلى بلدهم، وكون مسؤوليتنا أن نحاول إنهاء مشكلة اللجوء، سألناهم عن العوائق التي تحول دون العودة، فتبين أنها بمعظمها عملية. فالعائق لا يتعلق بالحل السياسي أو إعادة الإعمار، إنما يسألون: هل سيكون علي القتال في حال عدت، أين أضع عائلتي، هل منزلي لا يزال ملكي، هل سأعاقب كوني لاجئا، وهل سأستعيد أوراقي الثبوتية وبطاقة هويتي، وهذه هي تماما المواضيع التي نعمل عليها مع السلطات السورية وفي لبنان للحصول على وثائق الأحوال الشخصية كوثائق الزواج والوفاة".

وختمت جيرار:" النقطة المحورية الآن هي المصالحة، إذ ثمة حاجة إلى شفاء الجراح (...) وللمساهمة في إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي تأثر".

موليكا

أما موليكا، فذكر بأن "ملايين اللاجئين في الشرق الأوسط وفي مناطق عدة من العالم ينتظرون العودة إلى وطنهم".

ورأى أن "المطلوب مقاربة جديدة في شأن اللاجئين". وأوضح انه "علينا الابتعاد من مقاربة توفير المأكل والمشرب والمأوى لهم إلى مقاربة تتعلق بإعادة تأهيلهم لاستعادة حياتهم الطبيعية بعد أن يكون العنف قد حطمهم". واضاف: "إنها مقاربة إعادة تأهيل أو ترميم، لا تقتصر على تأمين الحاجات الضرورية".

واشار إلى أن "الإحصاءات والدراسات المتعلقة بالاضطرابات النفسية لدى اللاجئين عموما، دلت على أن 66 في المئة يعانون حالات اكتئاب و33 في المئة يعانون اضطرابا ما بعد الصدمة، في أي مجتمع للاجئين في العالم".

وعرض دراسات أجريت على النازحين في تركيا والأردن ولبنان، ودراسات أخرى على الفلسطينيين، واشار إلى أن "الدراسات كلها أظهرت شيوع حالات الصدمات وصدمات الحرب واضطرابات ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، بنسب عالية في صفوف اللاجئين". ولاحظ أن "ثمة ترابطا بين الصدمات وصدمات الحرب والعنف، وبين الأمراض المزمنة والدرجة العالية من الوفيات، إذ أن أن هذه الصدمات تسبب على المدى الطويل أمراضا كالسكري والذبحات القلبية والجلطات الدماغية ومتلازمة التمثيل الغذائي".

وإذ نبه إلى قلة عدد الدراسات النفسية عن عودة اللاجئين إلى بلدانهم، كشف أن بعض الدراسات التي أجريت أظهرت أن "الحالة النفسية للاجئين تسوء بعد عودتهم، ويسجل تزايد في الاضطرابات، بسبب الظروف والصعوبات التي تواجههم عند العودة، كعدم توافر العمل أو المسكن اللائق. وتظهر هذه الاضطرابات خصوصا عند الذين مكثوا وقتا طويلا في بلد اللجوء، أو عند من أرغموا على العودة. وفي المقابل، تظهر دراسات أخرى تراجع نسب الاضطرابات النفسية لدى العائدين، بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال فترة اللجوء".

وشدد على أن "العودة الناجحة للاجئين إلى أوطانهم هي المعيار المطلوب"، لكنه أسف لكون "العودة إلى بيئات آمنة" تشكل "استثناء للقاعدة".

وكشف عن "مفهوم جديد بديل من المعيار المألوف لسياسات وإجراءات العودة العملية إلى الوطن". وشدد على أن "النموذج الجديد المطلوب هو العمل منذ اليوم الأول للجوء، وليس بعد مضي سنوات طويلة على اللجوء، على ابقاء التصميم لدى اللاجئين على العودة إلى ديارهم وإيجاد عمل واكتساب مهارة".


وفي رده على اسئلة الحضور، اعتبر موليكا أنه "على اللاجئين أن يحترموا بيئة البلد الذي يستضيفهم، وأن يتعاطوا مع أهله بطريقة حسنة، تماما كما يفعل الضيوف في منزل من يستضيفهم". وإذ رأى أن هذا السلوك "في غاية الأهمية"، شدد على أن "من الأوفر للبلد المضيف، في المقابل، أن يحرص على أن يكون اللاجئون مرتاحين، وأن يرغبوا طبيعيا في العودة إلى بلدهم الأم، بدلا من أن يحاول أن يجعل حياتهم صعبة بطرق مكلفة أكثر".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم