الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

السكينيّة السياسيّة ودور المرجعيّة الدينيّة

الأب صلاح أبوجوده اليسوعي
Bookmark
A+ A-
تتّصف الشريحة الكبرى من اللبنانيّين بسكينيّة سياسيّة تُترجم انعدام تحرّك تجاه انحطاط أوضاع البلاد السياسيّة والاقتصاديّة التي تُثير قلقًا شديدًا، أو لامبالاة عند المواطنين نابعة من حالة اليأس من إمكانيّة تحسين الأوضاع. وبالرغم من ارتباط هذه السكينيّة بخلفيّة طائفيّة، فهي على صلة بها بمعناها الواسع، أي تلك الحالة التي تخلقها مجموعات ذات أصول دينيّة تحوّلت مع الوقت إلى مجموعات "وظيفيّة فوقيّة" - ذلك أنّها باتت تضطلع بوظائف كثيرة تتجاوز حدود ممارسة الطقوس والعقائد الدينيّة والحفاظ عليها والتبشير بها، - وهي لا تعبّر عن أيّ رجاء يفترضه الدِّين حكمًا، رجاء لا ينحصر في بُعده الميتافيزيقيّ، بل يكتسب هذا البُعد معناه انطلاقًا من السعي إلى تجسيد الرجاء في الزمان والمكان، وخلاصتُه حياة أفضل لجميع الناس من دون استثناء. فإذا كان لا يمكن أن يتلازم الرجاء والسكينيّة، فلماذا يغيب الرجاء وتسود السكينيّة؟من المعروف تقليديًّا أنّ السكينيّة السياسيّة المرتبطة بالدّين المسيحيّ أو الإسلاميّ تصدر عن بعض تفاسير عقائديّة يمكن اختصارها بشكل مبسّط جدًّا بميول ثلاثة: إمّا تنمية القناعة بضرورة طاعة السلطة أيًّا كان سلوكها حفاظًا على النظام الذي يريده الله أو درءًا للفوضى والفتنة؛ وإمّا تفضيل الانقطاع عن العمل السياسيّ بانتظار تدخّل إلهيّ يغيّر الأوضاع القائمة؛ وإمّا لأنّ البشر لا يمكن أن يؤسِّسوا الحكم الذي يريده الله. وباستثناء بعض التيّارات الدينيّة الأصوليّة، فإنّ تعاليم المرجعيّات الدينيّة الرسميّة المسيحيّة والإسلاميّة على السواء قد تجاوزت تلك المفاهيم منذ زمن بعيد، وأصبحت تشدّد على ضرورة التزام المواطنين شؤون بلادهم كافّة، لما فيه خيرهم وخير مجتمعاتهم، مزوّدين قوّة الرجاء الذي يمنحه الإيمان.ليس القصد في هذه...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم