الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال... خطوة أولى لصناعة جيل سينمائي متميز

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
A+ A-

مهرجان سينمائي للأطفال، يعرض همومهم ومشاكلهم، وآفاق مستقبلهم، عنوان قد يكون أبعد ما يكون عن الواقع في عالمنا العربي، إلا ان مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال بدورته السادسة، حوّل الحلم الى حقيقة، وجمع مخرجين ومبدعين من مختلف الدول العربية والأجنبية، في مركز جواهر للمناسبات في الشارقة، لتقديم أفضل ما لديهم لفئات عمرية صغيرة تحلم بأن تتحول من متلقية الى صانعة للحدث.

قاعات متلاصقة، تضم مئات الأطفال من مختلف الأعمار والفئات، جمعتهم السينما، بكل فئاتها، ندوات يقدمها خبراء في مجال السينما قدموا خصيصاً للمهرجان من 31 بلداً لعرض 138 فيلماً توزعت بين الأفلام القصيرة، وأفلام الرسوم المتحركة، والوثائقية، التي يحاكي بعضها وجع النزوح السوري وهروبهم من ويلات الحرب في بلادهم.

المركز الضخم تحول الى مدينة اطفال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، قاعات غصت بالطلاب يستمعون باصغاء لفنون السينما، حيث نظمت ثلاث ورش إبداعية للأطفال، بعنوان "الرسوم المتحركة للأطفال واليافعين"، وورشة عمل بعنوان "خلف الكواليس"، بالإضافة إلى ورشة مبادئ وأساسيات التصوير.

ورشة عمل الرسوم المتحركة للأطفال واليافعين

وتطرقت ورشة عمل رسوم متحركة للأطفال والشباب، التي أدارتها المخرجة الفنية والرسامة سحر عبد الله، إلى كيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، في صناعة أفلام الرسوم المتحركة، بطرق ووسائل سهلة، حيث استطاعت أن تقدم للصغار توليفة تجمع ما بين الإبداع والابتكار واكتشاف المواهب لدى الأطفال.


خلف الكواليس

واستعرضت ورشة "خلف الكواليس" التي حضرها مجموعة من طلبة جامعة مانيبال، طرق استخدام برنامج الفوتوشوب في تحويل الأفلام الطويلة إلى أفلام ذات مشاهد قصيرة ومبهرة، بغرض جذب أكبر عدد من المشاهدين، والاستفادة من المقومات التكنولوجية الحديثة في صناعة وابتكار افلامهم الخاصة.

كما تناولت الورشة استعراض أهم الخيارات والمبادئ المتبعة في صناعة الأفلام، حيث تعرّف الصغار إلى الخطوات الرئيسية في صناعة الأفلام والأدوات المستخدمة فيها إلى جانب تناول الخدع التي تستخدم في مجالات صناعة الأفلام.

التصوير الإبداعي

وتطرقت ورشة "مبادئ وأساسيات التصوير" التي نظمها اتحاد المصورين العرب وقدمها المدرب طارق حجاوي إلى تعريف الأطفال المشاركين على أهم الأسس الواجب اتباعها في مجال التقاط الصور الفوتوغرافية، حيث عرّف المدرب الصغار المشاركين إلى أهم المبادئ والخطوات التي يجب على المصور أن يتقيد بها لالتقاط صور إبداعية.

وتعرف المشاركون إلى مجالات التصوير المختلفة من تصوير الطعام والرياضة والتصوير الليلي والبورتريه وغيرها، كما اطلعوا على كيفية التقاط صورهم الخاصة والاستفادة من المقومات والظروف المحيطة بالتقاط الصور سواء كانت الإضاءة المناسبة أو المادة المراد تصويرها، إلى جانب التعرف إلى نماذج حية من أنواع التصوير واكتشاف الاختلافات في ما بينها.

التفاعل بين الحاضرين والاساتذة كان مميزاً، حيث تم شرح كيفية التقاط الصورة، وقراءة الفيلم والرسالة منه، فالهدف بحسب القائمين على المهرجان أن يتحول الطفل من متلقٍ الى قارئ جيد، وان يفهم الرسالة الحقيقية للفيلم.

المهرجان الذي انطلق بتكريم حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ضيوف المهرجان، وقالت زوجة الحاكم الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إن المهرجان أصبح يشكل احتفالية خاصة بالطفولة، احتفالية بأبطالها ومبدعيها ومشاهديها الذين يؤمنون بقوة الفنون في تنمية خيال الطفل وتربيته على الجمال والقيم النبيلة والحكايات التي تترك أثرها على مسلكياته وخياراته المستقبلية.

واستهل المهرجان دورته السادسة، التي تحمل شعار "فكّر سينما" بعرض فيلم "زرافتي"، الذي يُعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، وهو فيلم روائي طويل، من إخراج المخرجة الهولندية باربارا بريديرو، وتدور أحداث الفيلم حول الصداقة التي جمعت الطفل "باترسون بيب"، بالزرافة "راف"، ولقاءتهما اليومية عند الظهيرة في الحديقة، والتي قطعتها دخول "باترسون" الروضة حيث يعود للمنزل مع أغلاق أبواب الحديقة، ويُساعد هذا العمل السينمائي الصغار في كيفية الحفاظ على صداقتهم، والموازنة بينها وبين الواجبات الدراسية في الروضة والمدرسة.

وضمن فئة الأفلام العربية القصيرة، تعرض شاشة المهرجان فيلم "0-1"، للمخرجة ندى الأزهري، التي تتناول فيه حكاية واقعية تكشف فيها فتاة مراهقة عن حبها لشخص عبر رسالة نصية قصيرة، لكنها ترسلها خطأ إلى هاتف والدها.

ويسلط فيلم "ريد فيلفيت"، وهو من الأفلام الروائية القصيرة الصامتة، للمخرج محمود سمير طوال 15 دقيقة، الضوء على قصة الطفل آسر ذي الأربعة أعوام، الذي استلقى في حضن أمه، وعند استيقاظه كانت والدته قد فارقت الحياة، حيث يغوص الفيلم في بواطن عقل الطفل، الذي لا يسعفه إدراكه لفهم واقع أنه أصبح وحيداً، وكيف سيتمكن من تجاوز هذا الواقع من دون مساعدة البالغين من حوله.



ومن الفيلم الروائي القصير إلى الفيلم الوثائقي الاجتماعي "مرحبا السلام عليكم"، للمخرج الهولندي كيم براند، الذي يتتبع فيه قصة صديقين، سيل في العاشرة من العمر، ومرلين في الحادية عشرة، اللذين انطلقا في رحلة من هولندا من أجل القيام بعمل تطوعي في مخيم للاجئين في جزيرة ليبسوس، التي تقع في قلب أزمة للاجئين في منطقة الشارق الأوسط، وكيف التقى الولدان بالأطفال الذين فروا من رحى الحرب الطاحنة، وكيف تحوّل توتر الولدين وخوفهما من عدم قدرتهما على بناء علاقات صداقة مع أطفال الشرق الأوسط، إلى ثقة نجحا من خلالها بمساعدة خدمة الترجمة على الهواتف الذكية، بتعزيز أواصر صداقة متينة بدأت تجمعهما بأطفال مثلهما تمام لا يختلفون عنهما في شيء، وإن كانوا يأتون من منطقة مختلفة.

ويستعرض الفيلم الروائي القصير "جندي الشوكولا"، الذي يعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط للمخرج الأميركي جاكسون سميث، وجود قوات التحالف على الأراضي الألمانية بعد هزيمة النازيين، وكيف رأت ماريا الفتاة ذات الأعوام العشرة التي تعاني هي وعائلتها قلة الحصص الغذائية الموزعة عليهم، أحد الجنود الأمريكيين وهو يتناول قطعة من الشوكولا، ورغم أن والديها منعاها من التحدث إلى ذلك الجندي إلا أن بعض الكلمات المنمقة والمناسبة باللغة الإنجليزية لعبت دورها في إعادة بناء الثقة والدماثة اللتين كانت الحرب قد مزقتهما.

ويبحث فيلم "عاطور" للمخرج السعودي حسين المطلق طوال 19 دقيقة، في أهمية ومعاني الأسماء التي يطلقها الآباء والأمهات على أبنائهم، إذ يركز الفيلم على قصة الشاب عاطور الذي أحس بحرج شديد حين علم أن اسمه يفتقر إلى أي معنى حقيقي، وعبر أحداث الفيلم يقرر الشاب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتغيير اسمه، غير أنه يحتاج للحصول على موافقة والده قبل أن يقوم بأي حركة. وبما أن والده طريح الفراش في المستشفى، يجب عليه قطع مسافات أبعد مما توقع كي يعيد ابتكار نفسه.

يشار إلى أن إجمالي الأفلام التي ستعرض لأول مرة، على شاشة المهرجان، تصل إلى 54 فيلماً من 17 دولة، حيث يقدم 34 فيلماً من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى 7 أفلام من الإمارات، وفيلم واحد من منطقة الخليج، و12 فيلماً عالمياً، كما تشارك في دورة هذا العام إلى جانب دولة الإمارات، كل من السعودية، ومصر ولبنان إسبانيا، والهند، والبرازيل، وإيطاليا، وبلجيكا، وروسيا، وجورجيا، وألمانيا، وسلوفينيا، وفرنسا، وإيرلندا، والولايات المتحدة الأميركية، وإيران.


وعن اهمية المهرجان بالنسبة للأطفال، رأت مديرة مؤسسة فن الشيخة جواهر القاسمي في حديثها لـ"النهار"، أن المهرجان خلال أعوامه الستة الماضية ظل حريصاً على أن يقود الأجيال الجديدة نحو أحلامهم، ويزودهم بالمعارف والخبرات التي تمكنهم من توظيف الصورة، وجماليات الفن في التعبير عن ذواتهم.

وعن الهدف الأساسي للمهرجان، اعتبرت القاسمي أن تعزيز الأثر الإنساني للمهرجان، ودوره النبيل تجاه الأطفال اللاجئين، هو من الأهداف الرئيسية، حيث نظمنا العام الماضي زيارة إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، وعرضنا خلالها نخبة من الأفلام أمام مئات اللاجئين، ونظمنا عدداً من الورش والأنشطة الترفيهية، لننقل معنا رسالة الأطفال إلى مهرجان الشارقة السينمائي للطفل، فصارت حكايات اللاجئين حاضرة معنا، ولدينا هذا العام 13 فيلماً عن معاناة الأطفال من اللجوء، وقسوة الغربة والحنين إلى بلدهم الأم.

وبعيداً من السياسة، شرحت القاسمي، كيف كانت رحلة المؤسسة الى مخيم الزعتري في الأردن والمخيمات في لبنان قاسية، وكيف حاول القائمون على المهرجان نقل قدر الإمكان وجع الأطفال ورسائلهم بطريقتهم بعيداً من الأعلام الغربي والتسييس الحاصل لقضيتهم، فالهم الأساسي هم الأطفال وحقهم بالحياة وزرع الفرحة على وجوههم، وهو ما نحاول تقديمها بامكانياتنا لهم.


المهرجان والذي سيستمر حتى الجمعة 19 تشرين الأول، يحاول قدر الإمكان زرع البسمة على وجوه الأطفال، وصناعة جيل عربي قادر على صناعة سينما تضاهي بالقدرات السينما العالمية.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم