الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مطبخ حديث وفسحة داخلية لنساء سجن بعبدا... تأهيل "المنزل" الذي تسكنه مئة وسجينتان

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
مطبخ حديث وفسحة داخلية لنساء سجن بعبدا... تأهيل "المنزل" الذي تسكنه مئة وسجينتان
مطبخ حديث وفسحة داخلية لنساء سجن بعبدا... تأهيل "المنزل" الذي تسكنه مئة وسجينتان
A+ A-

مئة وسجينتان كتب عليهن العيش في 5 غرف صغيرة داخل مبنى اقتطع من مستشفى بعبدا الحكومي، تتراوح محكوميتهن بين الاشهر والسنوات، لا بل إن بعضهن موقوفات لم "يرينَ ثوب القاضي" بعد، كما قالت إحداهن، ولأنهن "عاجزات" عن تحسين ظروفهن، ارتأى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ضمن إطار مشروع "الامن المجتمعي والوصول الى العدالة" إلى وضع بصماته على السجن لتحسين ظروف عيشهن.

زيارة تفقدية

"النهار" زارت سجن نساء بعبدا، مع فريق عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قرعنا الباب الحديدي الذي تحتجز خلفه السجينات، فتح عنصر في قوى الامن الداخلي، وبعد التأكد من بطاقات هوية الجميع ومن عدم حيازتنا هواتف، سمح لنا بالدخول، في الطبقة الارضية استقبلتنا آمرة السجن، قبل ان تصطحبنا الى الطبقات العلوية لإلقاء نظرة على ما تم تأهيله. في الطبقة الاولى يُفاجأ الزائرون بغرفتين صغيرتين كتب عليهما "غرفة انفرادية"، لنلقي بعدها نظرة على احدى غرف السجينات اللواتي كنّ خارجها، فقد كان وقت "الفسحة"، على عكس ما قد يظنه البعض، الغرفة كانت موضّبة ومرتّبة، اللون الزهري يطغى عليها، من الشراشف إلى السجادة، وهي تحتوي على 6 أسرّة وخزانات صغيرة، اضافة إلى مكيّف ومروحة. هنا شرح المستشار التقني الأول المسؤول عن مشروع "تحسين الأمن المجتمعي والوصول للعدالة" التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مارتان بورجيود كيف جرت إعادة تأهيل الخزانات والحمامات. وقبل ان نصعد إلى الطبقة الثانية سألت آمرة السجن ما إن كانت بقية السجينات ينمن على الارض؟ لأتلقى إجابة "نعم"، لكن من يحدد من ينمن على السرير؟ فأُخبرت أن "هذا يتحدد من قبل قيادة السجن. وهذا يعود إلى أقدميتهن، وإلى ما إن كانت السجينة مستقيمة أو مريضة". وقبل أن نكمل جولتنا، لفتت نظري ثلاث أوراق كتب عليها بخط مرتب، احداها ضمت أسماء السجينات وعددهن عشرون، والبقية تاريخ عمل كل منهن في تنظيف الغرفة والحمام.




تأهيل لافت

نتابع صعوداً الى الطبقة الثانية. هنا تظهر إعادة تأهيل السجن واضحة؛ مساحة لا بأس بها جرى تبليطها بسيراميك عاجي اللون، وهي تمثل فرصة للسجينات للتنزه خلال فصل الشتاء تؤدي إلى المطبخ الذي رُمّم هو الآخر، عينا غاز كبيرتان وضع على إحداهما طنجرة، رفعت غطاءها ليظهر أن غداء السجينات اليوم "مدردرة" إضافة إلى البطاطا التي قطعت وغسلت قبل ان تُقلى. برّاد من الستالنس وكذلك مجلى وكل شيء يُظهر أن أهم المواد جهّز لها المطبخ، لتوضح إحدى الموظفات في المشروع أنه "فتحت نافذة في المكان كي يدخل الضوء، علّنا نخفف من عتمة ما تشعر به السجينات".

رضا عام

أما الباب الآخر في الفسحة الداخلية التي جرى تأهيلها فيؤدي إلى الفسحة الخارجية، حيث جلست السجينات على كراسٍ بلاستيكية، بعضهن كن يلعبن الورق ويدخنّ سيجارة، في حين اكتفت الأخريات بتبادل الأحاديث ضمن مجموعات. ومن الأمور التي يمكن ملاحظتها أن العاملات المنزليات من الجنسية الأثيوبية وغيرها يجتمعن سوية، في حين تجتمع البقية حسب تقارب أعمارهن. وبغض النظر عن قصة كل منهن، فإن الجو العام، إضافة إلى حديثهن يوحي أنهن راضيات عن وضع السجن، لاسيما بعد التحسينات الأخيرة التي قام بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعن ذلك شرح بورجيود "نفذ مشروع الأمن المجتمعي والوصول الى العدالة بتمويل من الحكومة الهولندية وبالشراكة مع مديرية قوى الأمن الداخلي. وقد ضمت أعمال التأهيل مطبخ السجن وغرفة النزهة الداخلية، وتمثل هذه الأعمال فرصة للنساء السجينات للطهي وتحضير طعامهن في مطبخ مجهّز لتلبية احتياجاتهن، بعدما كن محرومات من هذا الأمر، لعدم توفر مطبخ مؤهل يلبي حاجاتهمن اليومية".



هدف إنساني وإنمائي

العمل في سجون لبنان ابتدأ كما قال بورجيود "منذ سنة 2016 بدعوة وطلب من المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، ابتدأنا بسجن رومية الذي كان في وضع يرثى له، فالمجاري كانت تطوف داخله، جهزنا الصرف الصحي، الذي سمح باستخدام المطبخ حيث اصبح يؤمن الطعام لنحو 3000 سجين، كما سمح أيضاً ببناء مركز تكرير لمياه السجن ووضعنا مشروعاً يخدم إلى مدى طويل من خلال دراسات عن الصيانة المستدامة في السجن. كما طوّرنا خطة عمل مع قيادة السجن لإقامة مكتب للصيانة". وأضاف: "هدفنا إنساني وإنمائي ، كل ما نريده دعم الأشخاص الضعفاء، نحن نعلم أن المجتمع يضم الكثير منهم، إلا أن من هم في السجون يعتبرون الأكثر ضعفاً وعرضة لانتهاك حقوقهم إلى حدٍّ معين، فالأمم المتحدة تعمل لحماية حقوق هؤلاء بغض النظر عما اقترفته أيديهم".

للتأهيل لا للعقاب

لا يقتصر عمل الأمم المتحدة على الجانب التأهيلي للسجن، بل كما قال بورجيود "سنركز في الأشهر المقبلة على الشق القانوني من خلال توفير الاستشارات القانونية للمسجونين بالتعاون مع نقابة المحامين في بيروت وطرابلس، كون المعونة القضائية لا تتوافر للجميع وخاصة المحتجزين قبل المحاكمة، لذلك نحن نريد أن تصل إلى أكبر عدد ممكن، فنحن ننظر إلى السجين من جانب أنه يمكن أن يكون ربّ أو ربّة أسرة ودخوله إلى السجن يعني خسارة معيشية لعائلة وهذه مشكلة إنسانية بحد ذاتها".

أهم ما ركز عليه بورجيود هو أن "السجن للتأهيل وليس للعقاب"، لافتاً إلى أن "هناك معايير عالمية للسجون، يعمل لبنان على الوصول إليها، نحن نأمل أن يعيش السجناء بكرامة ويتأمن لهم كل ما يحتاجون إليه من مأكل ومشرب، مع التشديد على ضرورة تأهيلهم لمواجهة المجتمع كي يتمكنوا من الاندماج به بعد مغادرة السجن". خاتماً: "مبادرة تحسين أوضاع السجون في لبنان هي أولوية للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التي وضعتها في استراتيجيتها، ما جعل هذه المشاريع مستدامة وناجحة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم