أحمد عبدالوارث... زميل دفعة الموهوبين الذي رفض التمرّد

قبل ثلاثة أيام من الاحتفال بمولده، أسلم الفنان أحمد عبدالوارث الروح اليوم عن عمر ناهز الـ71 عاماً.

بدأ الفنان الراحل مشواره مع التمثيل مبكراً جداً، وربما لم يعلم أن دوره في إحدى المسرحيات في المرحلة الابتدائية سيكون سبباً في تعلّقه بالتمثيل، حيث روى الراحل هذا الموقف في العديد من مقابلاته التليفزيونية بأن ناظر المدرسة الابتدائية طلب منه أن يؤدي دور البطولة في إحدى المسرحيات لغياب البطل بسبب إصابته بنزلة برد.

واصل تعلّق عبدالوارث بالتمثيل، وجاء حصوله على ميدالية ذهبية وأخرى فضية فى أول عمل فني له في مسرحيتي "ثمن الحرية" و"مأساة جميلة" وهو في المدرسة الخديوية، ليؤكد أن هناك موهبة في طريقها ستحتل مكانة مهمة في الفن المصري.

هذه المواقف المبكرة مع التمثيل ربما كانت سبباً في اختيار النجم الراحل الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل على البكالوريوس، وهو من دفعة ضمت بعض الفنانين الكبار أمثال نور الشريف وأحمد زكي وعفاف شعيب الذين بدت مواهبهم التمثيلية مع أول عمل قدموه.

في حياة عبدالوارث كثير من المحطات الفنية المهمة، منها اختيار المخرج الراحل له لأداء دور الضابط المساعد للفنان نور الشريف، هذا الدور كان سبباً رئيساً في معرفة الجمهور بالفنان الراحل بعد سلسلة من الأدوار التي قدمها في السينما والتليفزيون والمسرح لكنها لم تجذب إليه الأنظار مثل هذا المسلسل الذي شارك قبله في مسلسل "سيداتي آنساتي" عام 1970، ثم "فيلم السراب" 1970, ومسرحية "ياسين ولدي" عام 1971، وفيلم "مدينة الصمت" 1973، ثم "الشوارع الخلفية" 1974، و"الكرنك" 1975، و"عودة الابن الضال" 1976 وقدّم فيه دور النقيب حسام.

ثم توالت أعماله وأدواره الصغيرة في السبعينيات التي شهدت نشاطاً فنياً مكثفاً للراحل، فظهر في فيلمين عام 1978 هما "الاعتراف الأخير"، و"من بلا خطيئة"، وقدم خلاله مسلسل "زغاريد في غرفة الأحزان".

في الموسم التالي ظهر عبدالوارث في فيلم "إسكندرية ليه"، وقدم دور حسن في فيلم "المتوحشة"، وظهر في تجربة مسرحية بعنوان "الفلوس حبيبتي"، ومسلسل "الشوارع الخلفية".

وقدم عبدالوارث بعض الأعمال الدينية منها الجزء الأول من مسلسل "محمد رسول الله" في العام 1980 بدور ناحور بن آذر.

وواصل الفنان الراحل نشاطاته المكثفة، لكن يبدو أنه قرر أن يحصر نفسه في الأدوار المساعدة كثيراً، أو هكذا رآه المنتجون والمخرجون، فقدم في حقبة الثمانينات عدداً كبيراً من الأدوار حتى إنه كان يظهر في 4 أو 5 أعمال في الموسم الواحد، فقدم في عامي 1981 و1982 أفلام "سفينكس"، و"القرش"، و"أنا المجنون"، و"خمسة في الجحيم" ومسلسلات "صيام صيام"، و"أعقل زوجين في العالم"، و"مسافرون" و"أصابع الزمن".

وتوالت أدواره فظهر في فيلم "كيدهن عظيم" 1983، ومسلسلي "رجل شريف جدا"، و"أبرياء في قفص الاتهام"، ثم ظهر والداً للطفلة هند في مسلسل "هند والدكتور نعمان" الذي قدمه الفنان الراحل كمال الشناوي والذي حظي بشهرة واسعة وقتها، وجسد دور عصام في مسلسل "رحلة المليون" للفنان محمد صبحي في عام 1984, وظهر عبدالوارث بفيلم "في بيت القاضي" في العام نفسه. في العام التالي قدم مسلسل "صح النوم"، و"دوامة الحياة"، و"صعود بلانهاية"، و"الإنسان والمجهول"، خاتماً هذه الحقبة بأفلام "مشوار عمر"، و"قبل الوصول لسن الانتحار" ومسلسلات عدة.

مرت حياة الفنان الراحل الفنية هادئة، بعد استسلامه لأداء الأدوار الثانوية والمساعدة، حيث لم يؤدِّ أدوار البطولة إلا في عدد من السهرات التليفزيونية وأدوار مهمة في بعض المسلسلات، حتى وصل مجمل أعماله إلى قرابة الـ 150 عملا.

تزوج الفنان الراحل من الفنانة الراحلة سعاد نصر، وأنجب منها فيروز، وطارق ثم انفصل عنها وتزوج أخرى أنجب منها ابنتين هما: آلاء، وميران.

ارتبط في أذهان كثيرين أن أحمد عبدالوارث هو ابن الفنان الراحل عبدالوارث عسر، وكان ذلك مثار بعض الأخبار الفنية في وسائل الإعلام التي أكدت حينها أن اسمه أحمد عبدالوارث أحمد عبد الرحمن، في حين أن اسم الفنان الراحل عبدالوارث محمد علي عسر، حيث وقف الفنان الراحل موقف المتفرج من هذه الأخبار دون أن يؤكدها أو ينفيها، مما دفع الفنان محمد التاجي حفيد عبدالوارث عسر إلى تكذيب عبد الوارث من خلال تدوينة على حسابه بموقع "فايسبوك" قال فيها: "أحمد دائب على الادعاء بأنه ابن عبدالوارث عسر مع أن عبدالوارث عسر ليس له من الأبناء إلا ابنتان رحمهما الله أمي وخالتي"، ووجه له رسالة قائلا: "للمرة الأخيرة عيب يا أحمد إنك تدعي هذا الادعاء وعيب في حق والدتك وافهمها بقى".

من الأمور التي أذاعها الفنان الراحل أن ابنه طارق ضابط في البحرية، حينما علم بخبر وفاة والدته سعاد نصر، لم يتمكن من الحضور إلا بعد 4 أشهر، لذا ترك مهنته وعمل كمخرج.

كان آخر أعمال الفنان الراحل مسلسل "أرض جو" مع الفنانة غادة عبدالرازق في الموسم الرمضاني 2017، وشارك في الجزء السادس من "ليالي الحلمية" عام 2016 وقدم دور اللواء علاء السبع، امتداداً للدور الذي قدمه في الجزء الخامس عام 1995، كما أدى دور مرشد الإخوان في فيلم "المشخصاتي 2".

كما كانت له إسهامات في العمل النقابي من خلال اضطلاعه بأدوار عدة في نقابة المهن التمثيلية.

تعرض الفنان الراحل لعديد من الوعكات الصحية خلال الشهور الأخيرة، التي استلزمت نقله إلى المستشفيات للعلاج حتى أسلم الروح إلى بارئها.