شيء من الحذر... و شيء من عدم الذعر!

لا يفتأ "حزب الله" يردد بصوت عال مهدداً إسرائيل بأنَّ قدراته العسكرية، خاصة الصاروخية، الدقيقة وغير الدقيقة منها، قد تضاعفت عدة مرات منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006. وهذا صحيح تماماً حسب معظم المراقبين العرب والأجانب. إلا أن هذا التقييم يهمل المقارنة مع القدرات العسكرية للعدو، ومنها كذلك الصاروخية الدقيقة وغير الدقيقة، التي تضاعفت هي أيضا عدة مرات منذ ذلك التاريخ. والبديهي المعروف أن القدرات الحالية لطرف ما يجب ألا تقارن بقدرات الخصم السابقة، بل بقدراته الحالية هي أيضاً. وعليه، فإن على الحزب أن يحاذر الثقة الزائدة بالنفس والاستهانة بالقوة الإسرائيلية وهو يضع حساباته لاحتمال حدوث مجابهة بينه وبين العدو. إن شيئاً من الخوف والحذر وعدم المبالغة مطلوب هنا كي تستقيم المعادلة العسكرية خاصة وأن المجابهة المقبلة، إذا حصلت، وبسبب التطورات السياسية والعسكرية التي شهدها الاقليم في سنوات العقد الماضي، ستجعل الصدام أقرب إلى حرب جيوش نظامية قصيرة المدى نسبياُ وليست حرب عصابات تستخدم تكتيكات الكر والفر الطويلة المدى. ولا بدّ من أن نتعلم من اسرائيل ذاتها التي أظهرت نفسها قبل الحروب السابقة من 1948 إلى 1956 إلى 1967 إلى 1973 أنها الطرف الأضعف والمدافع ضد قوى عربية غلابة لنكتشف فيما بعد أن قدراتها والقدرات التي أعطيت لها، كماً ونوعاً، حسمت المجابهة العسكرية بصورة لم تكن منتظرة إلا في مراكز التحليل الاستراتيجي في الخارج. فصورة دافيد الصغير الذي تتخذه اسرائيل رمزاً لها وصورة جالوت القوي الضخم المدجج بالسلاح الذي تصف به العرب تبين أن عكسها هو الصحيح موضوعياً ولو أنَّ استخدامها الدعائي في الخارج كان فعالاً. ونحن إذ نقول هذا الكلام، نقوله من منطق الحرص على الجانب الذي قد يجابه إسرائيل حيث سنكون إلى جانبه حتماً على الرغم من ملاحظاتنا السلبية على أدائه السياسي وأداء مرجعيته الإقليمية تجاه مكونات الوطن اللبناني الأخرى وتجاه المصالح العربية والإسلامية المشتركة وتجاه النسيج الوطني المدني والديموغرافي العربي، خاصة في سوريا، الذي جرى استباحة العبث به لأسباب...