السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

مات طفلها بين يديها أمام المستشفى... ميرنا تعرض أعضاءها وقلبها للبيع لعلاج أولادها

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
مات طفلها بين يديها أمام المستشفى... ميرنا تعرض أعضاءها وقلبها للبيع لعلاج أولادها
مات طفلها بين يديها أمام المستشفى... ميرنا تعرض أعضاءها وقلبها للبيع لعلاج أولادها
A+ A-

بكت، سهرت، توسّلت حتى وصلت إلى طريق مسدود. لم يكن أمام ميرنا مومنة، أم لثلاثة أطفال، سوى أن تعرض أعضاءها وقلبها للبيع، لدفع تكاليف علاج أولادها المرضى. أحياناً يصعب علينا أن نفهم قسوة الحياة وضرباتها المتتالية، كيف يمكن لأم تحمُّل أن يكون أولادها الصغار جميعهم مرضى وترضى بقدرها؟ تراهم أمامها بأوجاعهم وانكساراتهم وحرمانهم من أدنى حقوقهم، لأنها ببساطة عاجزة عن تحمُّل تكاليف علاجاتهم.

لكل طفل مرضه وحالته الصحية، ولكل واحد غصته وحرمانه، لأن عليه أن يعيش مع مرضه إلى أجل غير مسمّى. الفقر يقف حاجزاً أمام علاجهم، لم يسمع أحد نداءها، لم يكترث أحد لدعواتها وطلباتها، بقيت دموعها ترسم حكاية عائلة كُتب عليها أن تعيش المرارة، تخاف أن تصحو على وفاة أحدهم بسبب عجزها القاتل. لقد تذوقت الخسارة وتعرف جيداً تلك اللوعة، لوعة أن يموت طفلها بين يديها على باب المستشفى، لأنها لم تكن تملك المال.

تروي ميرنا قصتها لـ"النهار". لم يعد لديها ما تخسره، لأنها على وشك أن تخسر أولادها. وصلت إلى حافة اليأس، فتقول: "أنجبت 3 أولاد جميعم يعانون مشاكل صحية، لا وجود لصلة قربي بين زوجي وبيني، إلا أن المرض أصاب أولادي من دون استثناء".

مرض متربص بكل العائلة


عندما تستمع إلى قصتها تظن للوهلة الأولى أنك أمام رواية أو فيلم، يصعب عليك أن تصدق أن هذه الحالة موجودة حقاً، وتعيش خوف الموت في كل لحظة. تشرح ميرنا حالة أولادها بالتفصيل، تبدأ بابنتها البكر هند البالغة من العمر 5 سنوات "تعاني هند من وجود مياه في رأسها وشلل، وتتطلّب حالتها الدخول كل فترة إلى المستشفى لاستخراج المياه. نتيجة تكرار هذه الحالة، أجرينا لها جراحة لوضع جهاز لسحب المياه، إلا أن حالتها بعد الجراحة ساءت بسبب نوبات الصرع والتصرفات الغريبة. وبعد مراجعة الطبيب أكد لنا ضرورة إجراء جراحة ثانية لوضع جهاز آخر يعمل على تصريف المياه في الرأس ومنع حدوث النوبات، لكن كلفة الجراحة تقارب الـ10 ملايين ليرة وأنا عاجزة عن تأمينها".

لكن هذا ليس كل شيء، فهند مشلولة عاجزة عن المشي وتحتاج أيضاً إلى جراحة في قدميها وظهرها للوقوف. تتمنى والدتها أن تراها أمامها واقفة، لكنها لا تملك سوى الدعاء لتحقق أمنيتها. كيف يمكنها تأمين مبلغ 50 ألف دولار وهي عاطلة عن العمل وزوجها يعمل على سيارة أجرة في ظروف صعبة وقاسية؟

جراحة مستعجلة ولكن


كان على هند، هذه الطفلة الصغيرة أن تتحمل كل ذلك بصمت، لم يستقبلها أحد في الحضانة أو المدرسة بسبب وضعها الصحي. واليوم هي طريحة فراش المستشفى بسبب "تفكك وركها" نتيجة الجلوس الدائم. وفق والدتها، ميرنا "بحاجة إلى جراحة لمعالجة مضاعفات وضعها والوقوف، فكلما تأخرنا في الجراحة كلما زادت حالتها سوءاً وتعقيداً".

هذا بالنسبة إلى هند، أما علي إبن الثلاث سنوات ونصف السنة فهو يعاني مرض "التليّف الرئوي". تتأرجح حالته بجسب ميرنا "صعوداً وهبوطاً، عليه تناول أدويته المكلفة، تبلغ كلفة الدواء الأول (Pulmozyme) حوالى المليون ليرة. ويغطيه الضمان ويحتاج إلى علبتين كل شهر أي إلى مليوني ليرة. أما بالنسبة إلى الدواء الثاني (Tobi podhaler 28mg) فتصل كلفته إلى خمسة ملايين ليرة، ولا يغطيه الضمان. لذلك لم تستطع تأمين علبة واحدة منه، ما أدى إلى تدهور حالة رئتيه ودخوله إلى المستشفى لبضعة أيام".

لم يلتحق علي أيضاً بالمدرسة، يعجز والداه عن تحمل كلفة الدراسة والمرض في آن معاً. يعيش في المنزل مع شقيقتيه وبينهما المرض الذي يسكن منزلهم منذ الولادة.

مساعدة مشروطة ليتها لم تكن


تبكي ميرنا بحسرة ووجع، تعرف بحرقة أن مرض أولادها قابل للعلاج في حال توافر المال. الوقت يداهمها وهي عاجزة عن فعل شيء. لقد استنزفت كل قواها فحاولت جاهدة طلب المساعدة ورفع الصوت، لكنها لم تلقَ جواباً من أحد. في أحد الأيام، رنّ هاتفها، تأملت خيراً بهذا الاتصال، كان من أحد الأشخاص الذين يريدون المساعدة. تتحدث عن تلك الحادثة بغضب "طلب مني أن ألاقيه على طريق المطار لتسليمي مبلغ 80 ألف دولار. لم أصدّق ذلك ولكن قبل اقفال الخط فرض شرطه، علي أن أنام معه ليلة واحدة. عجزتُ عن التصديق، كيف يطلب هذا؟ هل حقاً هكذا تكون المساعدة؟ شعرت بالغضب والأسى، الناس"عم تتلاعب بوجعنا وتستغل فقرنا".

تعود ميرنا للحديث عن حالة ابنتها الصغيرة (سنتان)، التي تعتبر حالها أسهل مقارنة بحال شقيقها وشقيقتها، "مشكلة نور الصحية أن المخرج والمبولة قريبان جداً من بعضهما، ما يُسبب التهابات بولية حادة. لذلك نضطر إلى ادخالها بين فترة وأخرى إلى المستشفى لتلقي العلاج من الإلتهابات. كما انها تعاني ثقباً في القلب يتطلب مراقبة إلى أن تكبُر. لا يمكن فعل شيء لها إلى تكبر وتتمكن من تحمل الجراحة حسب شدة الإلتهابات ووضع أعضائها".

أعرض قلبي للبيع... من يشتري؟


خمس سنوات من المعاناة جعلت ميرنا تعرض أعضاءها وقلبها للبيع، لم تعد قادرة على تحمل هذا العذاب اليومي. تتدهور حالة أولادها وهي عاجزة عن التخفيف عنهم. لم تتوقف عن البكاء طيلة حديثنا "لقد تذوقت لوعة الموت والخسارة عندما توفي ابني على باب المستشفى لأني لم أملك المال يومها. كان مصاباً بالرشح وضيق في التنفس، توفي بين يديّ، ولا أريد أن تتكرر الحادثة مرة أخرى. أُفضل الموت على أن أعيش تلك المأساة مع أحد أولادي".

الوزارة لا تساعدها لأنها تستفيد من الضمان الاجتماعي، في حين لا يغطي الضمان كل تكاليف الجراحات والأدوية الشهرية. صرختها تنقل وجع الكثير من العائلات العاجزة عن تحمل تكاليف الاستشفاء، فبعضهم يموت على أبواب المستشفيات وبعضهم الآخر يستسلم لمرضه، في حين يلجأ البعض الآخر إلى حملات الدعم من الجمعيات لتأمين المبلغ. كثيرة هي الحالات التي لم تستقبلها المستشفيات لعدم تأمين كلفة العلاج، والبعض الآخر يعجز عن إجراء الجراحة لأنه عاجز عن تأمين كلفة الاستشفاء.

الرجاء لمن يردي المساعدة الاتصال على الرقم التالي: 81/612637

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم