الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

كيف سينصف قانون الايجارات المالكين والمستأجرين معاَ؟

منال شعيا
A+ A-

"لماذا على المستأجر أن يأخذ نسبة مئوية من قيمة المنزل في حال الإخلاء؟ إذا كانت الدولة عاجزة عن تأمين مسكن له فهل الحل أن أؤمن له أنا و من أملاكي الخاصّة، مسكنا؟".


هكذا يعبرّ زاهر صهيون عن المشكلة القديمة – الجديدة في لبنان التي تتمثلّ بقانون الايجارات.
وتلاقيه ميرنا رزق السويدي بالمنطق نفسه حين تقول: " وماذا عنّا ايضا؟ لدينا عائلة تسكن منذ عشرين عاماً، وحتى اللحظة لا نزال نتقاضى مبلغاً لا يكاد يكفي غداء يوم واحد. فهل هذه عدالة؟".
انما في المقابل، ثمة رأي آخر يعتمده المستأجرون. تقول كارولين زعيتر:"شو بنعمل؟ طيب وين منروح؟ على الطرق. فجأة هيك، صار بدن يكون في قانون ايجارات. الدولة كلها "فارطة" في لبنان، وكأن ثمة مشكلة واحدة فقط وهي الإيجارات".
وبين المنطقين، يقول المواطن لبيب عون: "لدّي حلٌ يرضي المالك والمستأجر. امّا تأمين مساكن عن طريق الإسكان يسدّد فيها المستأجر نصف قيمتها والنصف الثاني تسدّده الدولة اللبنانية كتعويض، اسوة بتعويضات المهجرين ومجلس الجنوب والمتضررين، واما الاخلاء من دون ان يسدّدوا بعض الضرائب، كالكهرباء والماء وغيرها".
هي بالفعل معضلة. لأنه حين تسمع المالكين والمستأجرين معاً، تشعر ان كل واحد منهم على حق. ففي لبنان، وفي سنة 2013، لا تزال قضية قانون الإيجارات بلا حلّ.
المستأجرون القدامى يطالبون باقرار قانون منصف، فيما المالكون القدامى يرون أن ثمة مماطلة رسمية على حساب حقوقهم.
اليوم، يدرج مشروع قانون الإيجارات على جدول اعمال الجلسة العامة الاشتراعية "الشهيرة" التي تتأجلّ من موعد الى آخر، ويحلّ تحت البند الرقم 30.
وبعد كل مماطلة، يخرج "تجمع مالكي الأبنية المؤجرة في لبنان" ببيانات باتت تشبه بعضها البعض، اذ يستنكر في كل مرة "التأجيل المتكرّر للجلسات الاشتراعية والتنصلّ المتعمدّ من متابعة الهموم الملّحة للمواطن"، ويناشد مجلس النواب "القيام فوراً بدوره التشريعي في حماية حقوق الإنسان وتطبيق الدستور ورفع الظلم المتمادي في حق المالكين القدامى".
وفي السياق نفسه، اطلقت اخيراً صفحة على موقع "الفايسبوك" باسم "ضحايا قانون الإيجارات القديم في لبنان"، يعدّد الإنعكاسات السلبية للقانون القديم، ويضم سلسلة من شهادات المالكين القدامى.
ولكن السؤال، كيف يمكن عملياً اصدار قانون عادل يحمي الطرفين، لاسيما ان القضية انسانية بامتياز؟.


اين الايجار التملّكي؟


لا يخفى على احد ان لجنة الادارة والعدل التي اكبت على درس القانون، وجدت نفسها امام مأزق. اذ من الصعب ارضاء الطرفين مئة في المئة، فالمستأجرون هم عادة فقراء، والمالكون لا يستفيدون من باب رزق شرعي عندهم.
رغم ذلك، فان مشروع القانون الذي وصل الى الهيئة العامة لمجلس النواب، تضمن بنوداً مهمة تسمح للمالكين بأن يستعيدوا أرزاقهم ويعطي في الوقت نفسه مهلة للمستأجرين. وفي انتظار عقد الجلسة العامة المؤجلة من تاريخ الى آخر، فان النقاشات التي ستحصل داخل الهيئة العامة، عند مناقشة مشروع قانون الايجارات، قد تسعى الى انصاف المالكين والمستأجرين معاً.
وربما الحل العملي يكون في مفهوم "الايجار التملّكي" الذي لا تزال تدرسه لجنة فرعية منبثقة من اللجان المشتركة.
يعتمد مفهوم "الإيجار التملكي" على انه عند إجراء عقد الإيجار، يمكن ان يصبح البيت للمستأجر مع إحتساب الأقساط المدفوعة منه كبدلات إيجار من أصل الثمن. وقد تكون مدة الإيجار التملكي 30 سنة كحد أقصى.
وبالتالي، فانه بموجب الايجار التملّكي يمكن لأي شخص لا يستطيع تمويل الشراء، ان يمتلك مأجوراً، فيتوجه هذا الشخص الى مؤسسة تقرضه، قد تكون مصرفاً، ويطلب منها شراء هذا المأجور، فتصبح تلك المؤسسة الجهة المؤجرة الى طالب التملّك، ويصبح هذا الأخير بمنزلة المستأجر يدفع بدلات الإيجار للمؤسسة او المصرف الذي أقرضه. واذا اختار المستأجر ان يتملّك المأجور، تحتسب المبالغ المدفوعة من حساب ثمنه.
واذا كان للايجار التملكي حسنات ابرزها انصاف المالكين والمستأجرين وتشجيع الاستثمار، وسلبيات ايضاً منها عدم قدرة بعض المستأجرين على دفع الأقساط، فان جملة تسهيلات يقترحها القانون، ان كان لجهة الدفع او لجهة التأمين، وبالتعاون مع جمعية المصارف والمؤسسة العامة للإسكان. اي انه يمكن ان يشكلّ حلاً عملياً لمعضلة الايجارات القديمة.
المفارقة ان مشكلة اخرى ظهرت وهي مترابطة مع مشكلة الايجارات. اذ ان عددا من منازل المالكين، ومعظمها في بيروت والضواحي، باتت مهدّدة بالانهيار، لكون المالك القديم غير قادر على الترميم، والمستأجر يشعر ان المنزل ليس له، وبالتالي لا يضع فلساً واحداً عليه. هذا الواقع يضعنا امام ازمة ثانية لا تقلّ خطورة او انعكاسا على الواقع الاجتماعي اللبناني، اذ تصبح البيوت القديمة مهدّدة كلّها بالزوال. وهذا الامر يدفع بالعديد من السماسرة الى محاولة الاستفادة من الظرف، واقناع المالكين ببيع منازلهم، وبأسعار لا تليق بالبيوت وقيمتها.
من هنا، فان قضايا عديدة تتفرّع من قضية الايجارات، وتحتاج بدورها الى حلول، في بلد بات عاجزاً عن ادارة ابسط شؤونه، فكيف بقانون لا يزال يرزح في ادراج المسؤولين ومنذ اعوام؟!.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم