سر الانجذاب الجنسي إلى الأقدام... متى يصبح مرضاً؟

كثيراً ما نسمع عن انجذاب الرجال الى أقدام النساء، فما طبيعة هذا التوجه أو الميل الجنسي؟ في الواقع هو يسمى فتيشية القدم وبالإنجليزية Foot fetishism أو بودوفيليا، وتعني استثارة الرغبة والشهوة الجنسية عن طريق القدم وعادة قدم الأنثى، ويتم تقديم هذا العضو وتفضيله عن باقي المناطق المثيرة وحتى في بعض الأحيان استبعادها كلياً. أول من استخدم هذا المصطلح هو فرويد. ويعتبر الانجذاب الى القدم أكثر أشكال الانجذاب شيوعاً نحو عضو غير جنسي في أجزاء الجسم البشري، أي أن من يشعر بهذا الانجذاب لا يعتقد أنه الوحيد كذلك بل عدد كبير من الرجال يحبون أقدام النساء، لا بل أيضاً توجد نساء تنجذب الى أقدام الرجال! وعلمياً تفسّر الفتيشية على أنها حدوث الاثارة الجنسية من خلال مداعبة أو لمس أو لعق أو شم رائحة عضو غير جنسي وهو في هذه الحالة القدم. وقد تتم أيضاً عن طريق الأحذية والجوارب. وقد كان المحلل النفسي النمسوي سيغموند فرويد قد أشار إلى أنه بالنسبة إلى الشخص الذي لديه فيتشية للقدم، تكون لديه عدة اعتبارات ومعايير للقدم التي تثيره، خصوصاً بمقاس القدم، طول الأظافر وأصابع الرجل، طلاء الأظافر، الرائحة الخ... كما يمكن أن تزيد درجة الاستثارة لديه إن كان هناك وجود مزيّنات أخرى كالخلخال أو خاتم أصبع القدم مثلاً.

التفسير النفسي

تبدأ البودوفيليا في الظهور وتكون ملامحها منذ طفولة الشخص، فالتحفيز العصبي المرافق للاستثارة الجنسية تحدث غالباً. وحسب علماء النفس منذ الطفولة أو بداية المراهقة، فتظهر على الطفل ميوله للمس أو اللعب بأقدام الأشخاص المحيطين به. ويظهر اعجابه الشديد بها، ويكون ذلك نقطة انطلاق وتطور هذا الشعور. وبالتالي فبعد سن البلوغ والنضج الجنسي تصبح القدم الأنثوية (في الغالب) أكثر من لعبة، بل مصدر إثارة جنسية على غرار الأطراف الجنسية. وفي بعض الحالات تكون المرأة مولعة بأقدام الرجل وهذه حالة عكسية ينطبق عليها ما ذكر عند الرجل. وتختلف النظريات والتفسيرات العلمية حول البودوفيليا، كما ينظر اليها بعيون مختلفة حسب الثقافات والأعراف، وقد يعتبرها البعض شيئاً طبيعياً بالنسبة للإنسان. تفسير علمي يقدمه العالم في مجال الأعصاب فيلانور راماشادران يتلخص في أن الأقدام والأعضاء التناسلية تتقاسم نفس المنطقة من القشرة الحسية في الدماغ أي أن منطقة الدماغ التي تسيطر على الأعضاء التناسلية تقع بالقرب من المنطقة المرتبطة بالقدمين، ما قد يؤدي إلى تأثر المنطقتين ببعضهما. فيما يرى علماء آخرون أن البودوفيليا ظهرت بقوة بعد انتشار الأمراض المنقولة جنسياً خصوصا في أوروبا، وبالتالي فكانت منفذاً لإقامة علاقات جنسية عن طريق الأقدام كبديل عن العلاقة التقليدية، من مؤيدي هذا الرأي الدكتور جيمس جيانيني من جامعة أوهايو. باحثون آخرون يؤكدون أن تمكين المرأة وبروز شخصيتها وتوليها مهام فاعلة داخل المجتمع كان عاملاً أساسياً في ظهور البودوفيليا، فتقبيل قدم المرأة كناية ورمز عن سطوة وقوة المرأة. وبحسب نظرية عالم النفس الشهير فرويد، فالرجل ينجذب إلى أصابع قدم المرأة، لأنها تبدو في شكلها أقرب إلى شكل عضوه التناسلي، كما أن رائحتها تجذب الرجل كثيراً لقربها من رائحة إفرازات العضو التناسلي.

متى تصبح مرضاً واضطراباً؟

يتم اعتبار الفيتشية اضطراباً إذا سببت ضيقاً وحرجاً بالغين للفرد، أو عطلت الوظيفة الطبيعية له. وخطورة التعلق الفيتيشي طبقاً للمدرسة التحليلية أنه يستنزف القوة الشهوانية بدلاً من تحويلها الى المنطقة الجنسية الأصلية، ولذلك فالتعامل سيتحدد بمدى تغلغل المشكلة، فهناك درجة ما من الفيتيشية مقبولة ما لم تتعارض مع الوظيفة الجنسية الطبيعية، لكن وعندما تتعارض مع الوظيفة الطبيعية فتصبح خطيرة، أي وبمعنى آخر وأوضح، إن كان الإنجذاب للأقدام محدوداً ويستطيع الشخص التحكم به، فهذا لا يعتبر مرضاً، وفي حال انحصرت العلاقة الجنسية فقط بالأقدام وبات الشخص لا ينجذب الى الأعضاء الطبيعية، فعندها يعتبر مرضاً واضطراباً، وقد يؤثر على العلاقة الزوجية، وفي حال الوصول الى تلك المرحلة، فيُنصح بعدم الاستجابة للاستثارة الفيتيشية أو التمادي مع الخيالات ومن ثم الاحتفاظ بالطاقة الشهوانية للعلاقة الطبيعية، بالإضافة الى التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية حول هذا الموضوع، وفي حال فشل الشخص في السيطرة على نفسه فينصح بالتواصل مع طبيب نفسي.