الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

اليتيم يطفئ قنديله

سمير عطاالله
Bookmark
اليتيم يطفئ قنديله
اليتيم يطفئ قنديله
A+ A-
في سن المراهقة، كانت السينما أهم المغامرات الاسبوعية. وكانت كلفتها 50 قرشاً و "الخرجية" كلها ليرة واحدة. وكان يحدث أحياناً كثيرة أن ادفع نصف ليرة ثمن "الصياد" لأقرأ "جعبة" سعيد فريحة مضحياً بفيلم لجون واين أو برت لانكاستر. عندما دخلت الصحافة لم تعد "الجعبة" مجرد سلوى خاطفة. ظلت خفيفة الظل، لكنني بدأتُ المح فيها عملاً صحافياً مثيراً: هنا حكاية بسيطة، غالباً شخصية، لكنها تُقرأ مثل عمل ادبي أو سياسي.أيقنت مع الوقت، أن سعيد فريحة يقدم درساً ذهبياً في تحويل الحادثة البسيطة الى عمل ادبي. وكنت أظن أنه لا يمضي في كتابة "الجعبة" أكثر من ساعة، إلى أن عملت في "دار الصياد" وصار يملي "الجعبة" عليَّ أحياناً. واكتشفت أنه يمضي في نحتها يوماً أو يومين. يكتب ويمزق، ثم يمزق ويملي، باحثاً عن الكلمة إلى أن يطرب لها، فيروح راقصاً، مربتاً لنفسه، ضاحكاً بكل قلبه الكبير: ألم اقل لك أن في إمكاننا العثور على شيء احلى من هذه الجملة الثقيلة؟كنتُ اقرأ "الجعبة" يوم صدورها. ثم قرأتها مطبوعة في مجموعة من عشرة اجزاء. ثم أعدتُ قراءتها يومياً في"الانوار" معادة، سنة بعد سنة. وحتى الإثنين الماضي ظلت "الجعبة" من متع النهار، قطعة صحافية أكثر حداثة ومهنية ودقة واحترافاً، من معظم ما كتب هذا اليوم. ثم تقرأ تاريخ النشر فإذا هو1947، أو 1953، أو 1970. صحافي يتجدد كل عام، من أجل أن يصبح مخلداً كلاسيكياً بعد أن يكتب "جعبته" الأخيرة، وعشقه الأخير، وخلطته السحرية بين السخرية من الذات والسخرية من الآخرين، وبين الكتابة بالفصحى عن الشمبانيا، ليقفز فجأة إلى العامية ويضيف إليها "عِرِق حميّضة" من برج حمود!من هناك جاء سعيد فريحة. أو بالأحرى نزل الى هناك من رأس...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم