الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

انتصرت الديبلوماسية للديمقراطية في نيكاراغوا بفضل تعاون السوفيات

Bookmark
انتصرت الديبلوماسية للديمقراطية في نيكاراغوا بفضل تعاون السوفيات
انتصرت الديبلوماسية للديمقراطية في نيكاراغوا بفضل تعاون السوفيات
A+ A-
من المفارقات الغريبة ان اول عملية تفاوض رئيسية قمت بها كوزير للخارجية لم تكن مع دولة اجنبية بل مع لجنتنا الاشتراعية. غير ان هذه التجربة لم تلبث ان برهنت على انها لا تقل صعوبة وحساسية عما واجهته في ما بعد، لدى تعاملي مع الدول الاخرى. لقد كانت الايام الحادية والعشرين من المفاوضات مع زعماء الكونغرس شديدة التركيز وحافلة بمشاعر التحزب، بل وحتى القسوة في بعض الاحيان. ففي عصر احد ايام اذار بدأت تلك المحادثات التي امتدت اربعين ساعة او اكثر عندما كشفت النقاب عن اقتراح قدمته امام مجموعة من عشرة زعماء جمهوريين اعضاء في المجلس في مكتب بوب ميتشيل. وقد اطلعت كلا منهم على مذكرة سرية جدا تلخص السياسة التي نفكر في تنفيذها. وفي نهاية الاجتماع استعدت جميع نسخ المذكرة باستثناء نسخة ميتشيل، وهو اجراء كنت اكرره في كل جلسة مع زعماء الكونغرس. واشتمل ملحق بالمذكرة على قائمة بعشرين "جائزة للاداء الايجابي" تقدم الى الساندنيستا (في نيكارغوا) ومقابلها "نقاط سلبية في مقابل عدم التزام" اتفاق اسكويبولاس. وقد تم ربط القائمة بأداء الساندنيستا، بعناية ظاهرة. فاذا قامت ماناغوا على سبيل المثال بمراجعة القوانين الانتخابية مع نهاية نيسان كما وعدت، سمحنا للديبلوماسيين النيكاراغويين لدى الامم المتحدة بحرية التجول في البلاد دون اخطار سابق. واذا سمح لاحزاب المعارضة بالتسجيل مع نهاية اب فقد نجري خفضا في عدد التمارين العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في هندوراس. واذا اجريت انتخابات حرة وعادلة في شباط 1990 فان الولايات المتحدة ستكف عن بذل الجهود لاقناع اليابان وحلفائها الاوروبيين بقطع المعونات التي تقدمها الى نيكاراغوا. ومن جهة اخرى، ففي حال تزوير الانتخابات سنفكر في الطلب الى الكونغرس ان يجدد المعونة العسكرية لقوات الكونترا. وهكذا فالفكرة هي ان تلقى مسؤولية معارضة الحل الديموقراطي على الطرف الذي يجب ان يتحملها، اي على الساندنيستا. غادرت الاجتماع الى الطرف الآخر من كابيتول هيل بغرض عقد لقاء والجمهوريين في مجلس الشيوخ. وقد بدأ بوب دول الجلسة قائلا: "الآن دعوا جيم يخبركم بما يريد هؤلاء الشباب ان يفعلوا". وكان هؤلاء يعربون عن تأييدهم في معظم الاحيان، ولكن على نحو مشوب بعدم الحماسة، ولم يعارض الجهد الديبلوماسي سوى جيسي هيلمز من نورث كارولينا الذي كان يريد تزويد الكونترا المعونة العسكرية. قلت لهيلمز: "وانا ايضا اؤيد تقديم المعونة العسكرية الى الكونترا. غير ان هناك مشكلة واحدة. انك لا تستطيع الحصول على الاصوات اللازمة لتنفيذ ذلك. كما انني عاجز عن الحصول عليها. وحتي رونالد ريغان ليس في وسعه تأمين الاصوات المطلوبة، غير اننا قادرون على الحصول على الاصوات لهذا المشروع بالذات". في صباح اليوم التالي، التقيت زعماء الديموقراطيين من المجلسين. ويقضي العرف واللياقة بان ابدأ التشاور مع اعضاء حزبي اولا، ولكن الاعتبارات العملية جعلتني ادرك ان تأييد الديموقراطيين كان اشد اهمية. فاذا نجحت في اقناع المعارضة المشككة بتأييد هذا النهج، فلن يكون امام الجمهوريين من خيار آخر سوى الاعراب بدورهم عن التأييد على رغم وجود بعض التحفظات. قلت للديموقراطيين: "لقد احدثت هذه المسألة الانقسام في بلادنا، وتسببت في تسميم سياستنا طوال سنوات عدة. اننا نريد ان نضع ذلك كله راءنا. بل ينبغي ان نفعل ذلك". واضفت: "ولكن اذا اردنا للديبلوماسية ان تنجح فان علينا ان نتحدث بصوت واحد. ليس من المعقول ان تكون لنا سياسة او سياستان او ثلاث سياسات نحو اميركا الوسطى. ان هذا يدمر معنويات اصدقائنا ويريح اعداءنا". وقمت بتقديم موجز عن السياسة المطلوبة، مشددا على تلك العناصر، كتأييد الانتخابات والتحويل الديموقراطي، وهي العناصر التي كنت اعلم انها ستحظى بتأييد يفوق فكرة تقديم المزيد من المعونات للكونترا. قلت: "اعلم ان هناك مقدارا كبيرا من عدم الثقة الذي يعود الى الماضي. دعني اضع اوراقي على الطاولة. ليس لدينا جدول اعمال سري، وانما نحن نريد لهذه الديبلوماسية ان تنجح. وسنعمل جادين وبنيات طيبة على ان نجعلها تنجح". كان رد الفعل الجماعي الذي عبر عنه الديموقراطيون واضحا. فهم مستعدون للتسوية وقبول الحلول الوسطى. الا انهم يشككون في دوافعي. وكما يقول كريس دود، فان المسألة "لا تتجلى في النهج الديبلوماسي وحده، بل تكمن في تطبيقه بنية طيبة". وكنت اعلم ان الطريقة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم