الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مقاربة أكثر تكاملية لمعالجة النقص في موارد الطاقة

Bookmark
A+ A-
أخطّ هذه السطور وأنا في طريقي من بيروت إلى ميونيخ، حيث سأحضر مؤتمراً علمياً، وحيث أتطلع أيضاً إلى لقاء بعض طلابي السابقين في الجامعة الأميركية في بيروت الذين يعملون راهناً لدى شركة "بي إم دبليو". إنهم يعملون على إنتاج الجيل المقبل من الروبوتات الصناعية، عبر استخدام أدوات مستمدّة من عالم الذكاء الاصطناعي؛ ويريد منا المُشرفون عليهم في شركة "بي إم دبليو"، أنا وزملائي عمداء كليات الهندسة في لبنان، إرسال مزيد من متخرجي جامعاتنا للعمل في شركتهم. الطلب على طلابنا مرتفع، إنما ليس في لبنان. وفيما أنظر إلى أولادي يكبرون ويقفون على عتبة الحياة العملية، أتشارك القلق والهواجس التي تراود الكثير من الأهل لمجرد التفكير بأن أولادهم سيُضطرون أيضاً للذهاب إلى الخارج لتحقيق طاقاتهم والإبداع في عملهم. إنها حكاية مألوفة، وتنتهي عادةً بالرضوخ، في شكلٍ من الأشكال، لعقم الأمل وانهياره في وجه نخبةٍ سياسيةٍ فاسدة لا تتزحزح عن كراسيها وتفرض منظومة من المحسوبيات بدلاً من العمل على بناء اقتصاد مستدام ونابض بالحياة.يقول المهندس المعماري والباحث النظري الأميركي بوكمينستر فولر إنه ليس في اليرقة ما يوحي على الإطلاق بأنها ستصبح فراشة. يقوم جزء من عملي، على رأس كلية نخبوية للهندسة والهندسة المعمارية، على ابتكار تجارب تعلّمية تُمكِّن الطلاب من تخيّل واقع جديد وتجسيده. لهذه الغاية، نعمل على اعتماد التصميم التكاملي في مناهجنا الدراسية، أي المفهوم الذي يعتبر أن السبيل الأفضل لمعالجة المشكلات وتأطيرها هو التعامل معها من منظار شامل. فبدلاً من التركيز على اليرقة أو الفراشة على حدة، نسعى إلى التعاطي مع المسائل المطروحة انطلاقاً من كونها كلّاً متكاملاً.نعي جميعنا المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان بسبب التقنين والانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي، ما أدّى إلى انتشار المولّدات العامِلة على المازوت التي يتسبب ضجيجها بارتفاع في ضغط الدم وتوتّر عصبي، وتجعلنا انبعاثاتها عرضةً للإصابة بالربو والسرطان، كما تؤدّي إلى خفض معدّلات الذكاء لدى أطفالنا. هذا فضلاً عن أن الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي يزيد من استيراد أجهزة التزويد المستمر من الطاقة (يو بي إس)، ويتسبّب بالتعطّل السريع للآلات الكهربائية المنزلية، ما يُلقي بأعباء مالية إضافية على كاهل العائلات. وتُفضي زيادة الواردات، بدورها، إلى تعزيز نفوذ الطبقة السياسية التي تسيطر على الموانئ، في حين أن البطاريات المستنفَدة لأجهزة الـ"يو بي إس" تنتهي في المكبّات، مخلِّفةً رواسب سامّة من مادّة الرصاص تتسرّب إلى مياهنا الجوفية لأجيال وأجيال. لقد ساهمت مولّدات المازوت في حلّ مشكلة واحدة، لكنها تسبّبت بكمٍّ هائل من المشكلات الأخرى.فما هي إذاً المقوّمات التي يجب أن تتمتع بها مقاربة أكثر تكاملية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم