الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مشروع "غطا" لمواجهة ما أمكن من عواصف

مشروع "غطا" لمواجهة ما أمكن من عواصف
مشروع "غطا" لمواجهة ما أمكن من عواصف
A+ A-


شتاء العام 2013 ضربت العاصفة "أليكسا" منطقة الشرق الأوسط، فتدنت الحرارة الى درجات غير مسبوقة، وقد أظهرت صور المراصد التي التُقطت في حينه أن لبنان دخل في عين العاصفة الجوية. في الوقت نفسه، سجّلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيروت أعلى نسبة لاجئين من عدد السكان في العالم حيث لامس عدد السوريين الهاربين من أتون الصراع، المليون لاجئ، وعليه دخل لبنان في عين عاصفة اللجوء.

بعيداً من تشعبات السياسات المحلية والخارجية، وبعيداً من اﻹنقسامات العميقة حول ما يدور في سوريا، فقد هزّت صور اﻷطفال المتجمّدين في خيم اللجوء، الرأي العام اللبناني مجتمِعاً وأحدثت عاصفة إنسانية.

تلقينا، كمركز إلتزام مدني تأسس في العام 2008 بهدف ربط الجامعة بقضايا المجتمع الضاغطة والعمل على تمكين الشباب للخدمة والتطوع، كمّاً كبيراً من معونات اﻹغاثة على أثر تقاطع العواصف الثلاث.

استخدم الطلاب غرف المركز والطابق السفلي من السكن الجامعي – بنروز – لتوضيب المساعدات، بحسب جداول مفصلة.على مدى ثلاثة أشهر، نظّم المتطوّعون أنفسهم ضمن فرق تولّت عملية التوزيع. وضعنا هذا المسار، على تماس مباشر مع مأساة اللجوء، فلامسنا غياب هيكلية رسمية واضحة على المستوى الوطني ﻹدارة اﻷزمة ومعالجة تداعياتها على مجتمع اللاجئين والمجتمعات المضيفة الرازحة أصلاً في ظل الحرمان المزمن.

دفعنا واقعُ التعقيدات الى العمل على تصورات مبتكرة وتنفيذ مداميكها الرئيسية التي على أسسها يصبح الاقتضاء بالمثل أكثر وقعاً. "غطا" هو أحد المشاريع التي أطلقها المركز، وهو نموذج يجسد منهجية عملنا في إطار أزمة اللجوء.

بدأت الفكرة مع مجموعة من الطلاب خلال مخيّم تطوعي صيفي في العام 2013 حيث جمعوا ما يكفي من التبرعات لتركيب وحدة موقتة نموذجية – غطا - لبرنامج تعليمي غير رسمي، ثم كررنا التجربة في ثلاثة مخيمات أخرى.

ان العدد الهائل من الأطفال المتزاحمين على أبواب هذه الصفوف (بحسب أرقام المفوضية العليا للاجئين 51 في المئة دون عمر الـ 18) ، حتّم علينا التفكير بصورة أشمل عبر التنسيق مع معظم كليات الجامعة والجهات الرسمية وغير الربحية.

أما أوائل العام 2014 فأنشأنا وحدة موقتة على أرض الجامعة في بيروت وأخضعناها للإختبارات التقنية اللازمة لضمان سلامة الهيكل. وفي أيار من العام نفسه أطلقنا مشروع "غطا" بالشراكة مع جمعية "كياني" وأنشأنا أول مدرسة موقتة في البقاع.

لاحقاً، توالت نجاحات المشروع وتعددت الشراكات، من أبرزها: أيادي الخير نحو آسيا، جامعة كنغز كولدج لندن، برنامج هارفرد في صدمات اللاجئين، منظمة التغذية العالمية، مجلس التعاون البريطاني، والصندوق اﻹستئماني اﻷوروبي.

ان مشروع "غطا" سيرافق عودة اللاجئين اﻷكيدة، اذ ان الوحدات الموقتة سيتم فكها وإعادة تركيبها من اللاجئين أنفسهم، وسيستكمل الأساتذة والطلاب السوريون منهجهم الدراسي كالمعتاد.

التحدي الأصعب الذي سيواجهه العائدون، هو إعادة بناء سوريا بقطاعاتها المتعددة، وركيزة هذا البناء يكمن في إعداد الموارد البشرية، وهذا في صلب المناهج التي يضعها المركز لتمكين جيل من الشباب القادرين على النهوض بسوريا الغد.

اللافت، ان الدكتور فضلو خوري ركّز، منذ خطابه التنصيبي كرئيس، على وجوب مساهمة الجامعة الفعال في وضع حلول علمية وعملية، بغية إحداث تغيير في منطقة قلقة؛ تغيير قادر - على مثال "غطا" - أن يواجه ما أمكن من عواصف.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم