الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

فيديو البقرة النافقة في البحر: قديم النّائب أسود، وجديد باتريك... و"تفوه"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
فيديو البقرة النافقة في البحر: قديم النّائب أسود، وجديد باتريك... و"تفوه"
فيديو البقرة النافقة في البحر: قديم النّائب أسود، وجديد باتريك... و"تفوه"
A+ A-

فيديوان، والموضوع واحد: بقرة نافقة عائمة في البحر قبالة الشواطىء اللبنانية. والاثنان شكّلا في الساعات الاخيرة مادة دسمة على المستويين الشعبي، وايضا السياسي، وحصدا مئات المشاركات والتعليقات وآلاف المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي. غير أن احدهما حظي باهتمام كبير، بعدما نشره نائب الاثنين، وربطه بما سمّاه "باخرة الابقار الفضيحة" (باخرة "رحمة" التي تردد انها تنقل ابقارا موبوءة)، ثم نقلته عنه مواقع اخبارية عدة.

وسرعان ما تحوّل الامر سجالا سياسيا استوجب موقفا وزاريا اليوم، وصولا الى التشكيك في امر هذا الفيديو، في وقت برز الفيديو الثاني بعد ساعات قليلة على انتشار الأول، واثار ايضا تساؤلات. ولكن ما حقيقة كل منهما؟ وما القصة وراءهما؟ وهل ما زُعِم انهما يتعلقان بأبقار موبوءة بالجمرة الخبيثة أُلقِيَت في بحر لبنان، صحيح؟

"النّهار" دقّقت من أجلكم.

الوقائع: نشر النائب زياد اسود على صفحته في "الفايسبوك"، الاثنين 24 ايلول 2018، فيديو يصوّر بقرة نافقة عائمة في البحر قبالة الشواطىء اللبنانية. وقد حظي نحو 25 الف مشاهدة على صفحته حتى الساعة، مع عشرات مئات المشاركات له.

في التسجيل، يظهر رجل وضع على عينيه قناع السباحة وهو يقول: "ع دينايا (اي اذني البقرة) في ورقة كمان، في آرمة، يحِّيِّه. رح نْصِّورا هلق". وتقترب الكاميرا من البقرة الغارقة، لتصور رقما عُلِّق باذنها اليسرى. "مكتوب عليا 5146". يغطس الرجل مجددا، ثم يعود ليضيف: "حتى ممكن هلق كمان يجي كلاب، الله عليم. نحن وعم نتمرن هوني على عين المريسة، ليكو بشو عم نتمرن. عم نتمرن ببحر كلو بقر ميتة. اطلعو البقر الميت. وهاي عين المريسة". دقيقة فقط، وانتهى التسجيل.

وقد أرفق اسود الفيديو بتعليق: "باخرة البقر فضيحة الدولة اللبنانية بجميع مسؤوليها. بعد عجزهم عن إدخالها، أصبح رمي الأبقار في البحر الوسيلة الوحيدة لإخفاء إجرامهم بحق الشعب اللبناني". وهو يقصد بقوله هذا الباخرة "رحمة" التي تردد أخيرا انها تقلّ ابقارا مصابة بالجمرة الخبيثة وتوجهت الى لبنان.

التدقيق: بموجب التدقيق، يتبيّن ان الفيديو قديم، بحيث يرجع الى "5 كانون الاول 2016"، وفقا لما يؤكد للـ"النهار" بلال رزق، وهو الشخص الذي صوّر الفيديو. اما الشخص الذي يظهر فيه، "فهو مشهور فرحات"، صديقه في ممارسة السباحة في عين المريسة، و"بطل لبنان في السباحة للمسافات الطويلة".

ويروي رزق عن ظروف تصوير هذا الفيديو عام 2016 قائلا: "اسبح يوميا، ونحن نمارس السباحة صيفاً شتاء. في ذلك اليوم، وصلنا الى موقع عمود الجامعة (الاميركية)، وكنت مع اصدقاء لي، واحدهم مشهور فرحات الذي ظهر في الفيديو. رأيت شيئا في البحر وسألت مشهور: "هيدي شو بالبحر؟" اجابني: "ما بعرف، يمكن معقولي بقرة، او شي حدا ميت". واخذنا نتساءل عن ماهية هذا الشيء، وقلنا ننتظر صيادا معه "فلوكه" ونسأله. ونحن واقفون هناك، تجمع اشخاص آخرون على الكورنيش وسألونا. اجبنا اننا لا نعرف شيئا. "حكيو مع واحد صياد عندو فلوكه وراح شاف، وقلنا بقرة. واخدنا الكاميرا ورحنا لعندا، شفناها وصورناها. هيدا كل يللي حصل".

"النهار" تنشر الفيديو الكامل لفيديو البقرة النافقة، ومدته 1,30 دقيقة، اضافة الى فيديو آخر للواقعة نفسها مدته 42 ثانية. وقد صورهما رزق في ذلك اليوم، وهو مصدرهما.

نتيجة البحث، يتوجب القول: بما ان الفيديو الذي ينشره النائب اسود على صفحته قديم، ويرجع الى 5 كانون الاول 2016، بتأكيد مصدره ومصوره، فان التعليق الذي ارفقه اسود بالفيديو على صفحته، والذي يلمح الى ان البقرة القيت من باخرة "رحمة" "الموبوءة"، لا يمت الى الواقع بصلة.

تعليق الوزير، وردّ النائب

قضية الفيديو وما زَعمه حوله اسود أوجب أن يعقد وزير الزراعة غازي زعيتر مؤتمرا صحافيا في مكتبه في الوزارة اليوم، أعلن فيه ان "الباخرة "رحمة" التي زعم انها تحمل أبقارا موبوءة لم تأت يوما الى لبنان". وأكد ان "الفيديو الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يعود الى غطاس رصد البقرة النافقة في البحر عام 2016 وصورها".

وافاد انه "راسل خطيا المدعي العام التمييزي والتفتيش المركزي لوضع اليد على الموضوع، واتخاذ الاجراءات اللازمة وملاحقة أي مسؤول تظهر التحقيقات أن له علاقة بهذه الاخبار المزعومة".

من جهته، غرّد أسود، عبر حسابه على "تويتر"، متوجها الى زعيتر: "تتلهى بالفيديو للتعتيم عن احداثيات الباخرة وانقطاع بثها وخروج باخرتين لملاقاتها، وزعمك تبديل الطاقم وعدم تفريغها حمولتها في تركيا والحظر الصحي عليها ودخول الباخرة الى اسرائيل وشحنها بقرا مريضا وسيرة مالكيها، "ولكن بعد عندي كتير" ولن يغطي مؤتمر صحافي فسادا تاريخيا في حق صحة شعب...".

عجل باتريك

لا، الامر لا يتنهي هنا. صحيح ان الوزير زعيتر تحجج بان فيديو اسود قديم، وقد اثبتت "النهار" ذلك، غير ان ثمة فيديو آخر لبقرة نافقة في البحر نشره ايضا أسود بعد ساعات قليلة على الأول (ولكن من دون صوت)، في وقت يتناقله اللبنانيون على نطاق واسع. ماذا عنه؟ 

0,32 ثانية فقط، ويشاهد فيه طرف صنارة صيد، في وقت يُسمع صوت رجل يقول: "بونجور للجميع. انا موجود تقريبا قبالة البيال، شي كيلومتر لبرا، وفي معنا هالصبحية بقرة، عجل فايش ع وج المي. يعني شو بدي قول يعني اكثر من انو يا عيب الشوم. يا عيب الشوم ع دولتنا يللي بتسمح للبواخر تكب البقر النافق والاغنام ببحرنا. تفوه ملا صباح".  

بموجب البحث، أمكن "النهار" الوصول الى مصدر هذا الفيديو، وهو صيّاد لبناني يدعى باتريك أبي راشد، ويؤكد انه "صوّره  في 20 ايلول 2018، قرابة الساعة 8,30 صباحاً". و"كنت اصطاد على بعد نحو كيلومتر قبالة البيال"، على ما يفيد. 

فيديو حديث العهد، عمره 6 ايام فقط، "وبدا كأن العجل النافق مرّ على القائه في البحر نحو اسبوع"، على ما يلاحظ. "لقد تعرّض للقضم، وقد رأيت ان اذنيه مأكولتان". 

ويقول لـ"النهار": "ليست المرة الاولى التي اشاهد بقرا نافقا مرميا في البحر". بدأ الصيد في البحر منذ نحو 4 اعوام، "وخلال هذه السنوات، صادفت كثيرا ابقارا نافقة مرمية في البحر. لكنني لم اكن اصورها. الامر ليس جديدا اطلاقا". ويتدارك: "هذه المرة صمّمت على ان اصوّر، لأن منظر العجل النافق كان يثير الاشمئزاز". 

النتيجة: الفيديو الاول الذي نشره النائب اسود واستند اليه ليتكلم على "باخرة الابقار الفضيحة" (باخرة "رحمة")، يرجع الى عام 2016، بما يسقط اي اتهام بان البقرة النافقة الظاهرة فيه هي من الابقار الموبوءة التي ألقيت من الباخرة حديثا. غير ان الفيديو الثاني، فهو حديث العهد ويصوّر عجلا نافقا، ولكن من دون اي دليل على انه من ابقار "رحمة" الموبوءة، علما ان مشاهدة ابقار نافقة ملقاة في البحر "ليست امرا جديدا اطلاقا على الصيادين". 

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم