التعليم العالي في لبنان وتحدّيات القرن الـ 21

في شهر تموز 2018، أشارت تقارير إخبارية إلى قيام عدد من الجامعات الخاصة اللبنانية ببيع شهادات مزوّرة، وقد كشفت هذه التقارير عن أزمة ثقة مستفحلة بقطاع التعليم العالي في لبنان. وهي، للأسف، تُضيف فصلاً جديداً إلى أزمة المشروعية التي تواجهها الجامعات في القرن الحادي والعشرين في ظل انتشار المؤسسات الربحية وما يُسمّى بـ "مصانع سك الشهادات" (diploma mills) عبر الإنترنت. فما هو السبيل كي يتصدّى قطاع التعليم العالي في لبنان لهذه الأزمة؟ وكيف يمكننا تعزيز قدرة الجامعات في لبنان على النهوض بمهامها على أكمل وجه في التصدّي للتحديات ومواجهة التهديدات؟ إن نمو قطاع التعليم العالي في لبنان، الذي يضم جامعة رسمية واحدة وستّاً وأربعين جامعة وكلية جامعية خاصة يمثل، في جزء منه، خطوة إيجابية نحو تحسين سبل الوصول إلى التعليم العالي وتحقيق الديمقراطية فيه. ولكن غياب الأطر التنظيمية والقوانين الضابطة لهذا القطاع على الصعيد الوطني من جهة، وضعف الالتزام بعملية التقييم الذاتي من قِبَل الجامعات من جهة أخرى، يجعل من الصعب مواجهة التهديد المتمثّل بتراجع قيمة شهاداتنا الجامعية، مما ينعكس سلباً على عملية استعادة الثقة بقطاع التعليم العالي على الرغم من النمو الكبير الذي يشهده. وعلى الرغم من أنه كان هناك إقرارٌ بالحاجة إلى إطار تنظيمي وطني في قطاع التعليم العالي اللبناني، تمثّل في إطلاق وزارة التربية والتعليم العالي آلية لوضع "الإطار الوطني لمؤهلات الشهادات في لبنان" عام 2010 ، إلا أن الجهود لتطوير هذا الإطار تعثرت عام 2013 بسبب انعدام الاستقرار في البلاد. وإذا كنا نؤمن بأن إنشاء مثل هذا الإطار التنظيمي هو أمر ضروري لضمان جودة التعليم، فإن وجوده ليس كافياً بمفرده لتمكين الجامعات في لبنان من مواجهة التحديات والنهوض بالمهام المطلوبة منها في القرن الحادي والعشرين. ما نحتاج إليه لمواكبة هذا الإطار هو عمل جاد وجهد مكثف يهدف إلى تطوير رؤية وخارطة طريق تتيح للبنان بأن يكون شريكاً فاعلاً في شبكات انتاج المعرفة وتداولها العابرة للحدود.وفي غياب...