معرض "آرت فير" في بيروت والأسئلة الصعبة

يعتبر معرض "آرت فير بيروت" في دورته التاسعة بمثابة أكبر منصة للتعريف باتجاهات الفنون الحديثة والمعاصرة، من حيث الاضطلاع بالدور البارز محليا في تكريس العلاقة بين الفنان المنتج وصالات العرض واغراءات سوق الفن، ومن حيث اعتباره العمل الفني سلعة استهلاكية خاضعة لمعايير التجارة الفنية وعمليات المضاربات المالية، بعد رواج أوهام ارتفاع أسعار الاعمال الفنية وتكريسها في المزادات العلنية الرائجة في سوق الفن.ثمة مكامن للقوة والضعف في هذه التظاهرة الفنية الدولية التي جمعت 53 صالة عرض من 20 بلدا وأكثر من 1600 عمل فني لـ 250 فنانا وفنانة من لبنان وسوريا وفلسطين ومصر والمغرب والأردن وفرنسا وأميركا وانكلترا وبلجيكا وبيلاروسيا وإيطاليا واسبانيا وأرمينيا والسنغال ونيجيريا وماليزيا وتايلاند والكاميرون والصين وإيران.نشعر منذ اللحظة الأولى لدخول المعرض ان ثمة ارتباكاً في تنظيم عمليات الدخول والتجوال بين منصات الغاليريات والمؤسسات المشاركة، ولا سيما ان معارض الدورات السابقة كانت تتسم بمظاهر الاحتفالات الراقية التي تفرش ارض المعرض بموكيت ملون وتزيّن المدخل بخريطة شاملة للمنصات المشاركة. كما لو ان هناك شيئاً من التقشف والتسرع في تحقيق الغايات الجمالية لسينوغرافيا معرض الدورة التاسعة الذي صممه المهندس اللبناني باتريك بستاني. هذا ما نلاحظه على الأقل في الصورة الاعتباطية التي تم فيها تحقيق بعض اجنحة الغاليريات اللبنانية والعربية، اذ من غير المقبول ان تبقى الأرض جرداء وبعض الجدران متسخة وفارغة (بين غاليري ألوان وغاليري مشربية). وكذلك الامر في طريقة تصميم منصة العمل التجهيزي "شطرنج المطافئ" للفنانة كارلا بارشيني وحشره في احدى زوايا الفسحات الخلفية، على عكس ما اعطي لمنصة تجهيز منحوتات اللعب للفنان الأميركي بريان دونالي الذي يدعى عالميا "كاوس".لا ارمي من وراء هذه الإحاطة سوى الدعوة إلى تصحيح هذا الخلل في الدورات المقبلة، لأن بيروت استقبلت في هذه الدورة باقة من خمس صالات عرض حائزة شهرة عالمية، لدورها الطليعي في رفد الحياة الفنية في القاهرة...