الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

موظف لكل 22 مصرياً...هل تعيد الدولة تصحيح هيكلها الإداري المترهل؟

المصدر: "النهار"
القاهرة-ياسر خليل
موظف لكل 22 مصرياً...هل تعيد الدولة تصحيح هيكلها الإداري المترهل؟
موظف لكل 22 مصرياً...هل تعيد الدولة تصحيح هيكلها الإداري المترهل؟
A+ A-

وأوضحت السعيد أن ثمة موظفاً لكل 22 مواطناً مصريا، في حين أن ألمانيا تعد موظفاً لكل 140 مواطناً ألمانياً. وأشارت خلال مؤتمر نظمته الجامعة الأميركية بالقاهرة، مساء الخميس، إلى أنه يمكن التعاقد مع خبراء في اختصاصات محددة جدا، لسد الفجوات في الجهاز الإداري، على أن يتم إثبات هذا العجز بواسطة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

وعلى رغم أهمية وقف التعيين بالجهاز الإداري الذي يضم بطالة مقنعة تقدر بملايين الموظفين، حسبما يؤكد الخبراء والمتخصصون، إلا أنه من غير الواضح بعد، ما إذا كانت هذه الخطوة ستحل الأزمة المستهدفة، أم ستفاقم مشاكل موجودة بالفعل، مثل البطالة والفقر، أم ستخلق أخرى جديدة، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية متردية، وانخفاض واضح لمعدلات الاستثمار، ومن ثم قلة الوظائف المتوافرة، في سوق عمل ضخم، يشهد تخرج مئات الآلاف من الخريجين الجدد كل عام.

ويضم الجهاز الإداري للدولة، قرابة 6.5 ملايين موظف، يستقطعون نحو 20% من الموازنة العامة للدولة كل عام.





وفي أيار الماضي، تطرق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، باهتمام شديد إلى هذا الأزمة، وقال إن هناك 1 مليون موظف أضيفوا إلى الجهاز الإداري الذي يعاني أصلا من تضخم، وذلك إثر تظاهرات للمطالبة بتوظيفهم، في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني 2011.

وأكد السيسي أن مصر ليست بحاجة إلى كل هذا العدد، وأن الجهاز الإداري للدولة، يحتاج إلى مليون موظف فقط، كحد أقصى، لكنه عاد وأكد أنه من غير الممكن تسريح ملايين الموظفين، لأن هذا سوف "يلقي بقرابة 30 مليون مواطن في الشارع"، على اعتبار أن العمالة الزائدة تقدر بنحو 5 ملايين موظف، وكل موظف مسؤول عن أسرة تضم في المتوسط 5 أفراد.

التكدس والإنجاز

ويقول رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده لـ"النهار": "نعلم أن الجهاز الإداري للدولة فيه بطالة مقنعة، وكلما زاد العدد قل الانجاز، فالمكتب الذي يحتاج إلى موظفين اثنين فيع 10 أو 20 موظفا، مما يعرقل العمل، ويحمل كل منهم مهامه على كاهل زميله. ولهذا فنحن نحن نسمع دائما أن الجهاز الإداري يعانب البيروقراطية، والفساد، وغير ذلك من المشاكل".

ويضيف الخبير الاقتصادي البارز: "لهذا فإن وزيرة التخطيط، وهي أيضا مسؤولة عن المتابعة، والإصلاح الإداري، تقول -بهذا القرار- إنه ليس من المنطقي، أن يكون لدينا كل هذا العدد الكبير من الموظفين، ثم نقوم بتوظيف عاملين جدد".

ويرى عبده أن "الخطوة الصحيحة هي، أنه طالما لديك كل هذا العدد من الموظفين، من المهم أن تقوم بتطويره وتدريبه، والاستفادة منه، وبالتالي تستعين بكفاءتهم، خاصة وأنه في الفترة الماضية، اتجهت الدولة إلى تعيين حملة الماجستير والدكتوراه، وبعد تعيينهم، ماذا فعلت بهم؟ لا شيء. هل آن الأوان لتشغيلهم؟ إن هذا هو الأمر المهم".

"هذا قرار صائب" يقول رئيس المنتدى المصري، مضيفاً: "بعد 25 كانون الثاني 2011، أخطأت الدولة حين لجأت إلى مهادنة المتظاهرين، الذين طالب بعضهم بتثبيته في وظيفته، بعدما كانوا يعملون بعقود موقتة".

وتمنى أن تتمسك الوزيرة بهذا القرار، لأنها اتخذت قراراً سابقا، لكنها تراجعت عنه، وكان يتعلق بعدم السماح بتعيين أبناء العاملين في الجهات والهيئات والشركات العامة، وهذا الإجراء بالإضافة إلى أنه يضيف المزيد من الأعباء على الجهاز الإداري، فإنه يحرم أصحاب الكفاءات من الحصول على فرص العمل المناسبة لهم، فالأولوية تكون لأبناء العاملين..

الحاجة إلى الدراسة

ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس أن تصريحات الوزيرة بحاجة إلى دراسة، لمعرفة هل يحصل المواطن المصري على الخدمة التي يحتاج اليها من الجهات الحكومية بالكفاءة اللازمة؟ هذه الدراسة يقوم بها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، حاليا، وسوف تحدد حجم العمالة اللازمة لتقديم الخدمات. في بلدان أخرى، على سبيل المثال، قد تحتاج الخدمة إلى 3 موظفين، وهنا تجد 20 موظفا يقدمون بالخدمة نفسها، سوف يدرس الجهاز هذا الأمر في إطار الظروف المصرية.

ويقول النحاس: "تخفيض عدد العاملين يعتبر خط تسير عليه الدولة حاليا. حين يحال موظف على التقاعد، لا يتم توظيف آخر مكانه، وهناك جهود للوصول إلى معدلات ما قبل العام 2011، فقد كان لدينا ما بين 3.5 إلى 4 مليون موظف مثبت، والباقون كانوا يعملون بعقود مؤقتة، وتم تثبيتهم بعد قيامهم بتظاهرات للمطالبة بذلك".

"لكن من ناحية أخرى فإن تصريحات الوزيرة، لها بعد سياسي، فهي موجهة إلى صندوق النقد الدولي" يقول الخبير الاقتصادي، مضيفا: "الصندوق سوف يزور القاهرة قريبا، والوزيرة توجه رسالة ضمنية إليه، تقول من خلالها إن الدولة لن تعين موظفين جدداً، وسوف تخفض عدد العاملين بفتح باب المعاش المبكر، وعدم تعيين آخرين عوضاً عمن خرج إلى المعاش، كما سيتم تدريب وتأهيل العاملين الحاليين تمهيدا لنقلهم إلى قطاعات قد تكون بحاجة إلى موظفين".

ويؤكد النحاس أن هذه التخمينات سابقة لأوانها "فالدراسة التي يقوم بها جهاز التنظيم والإدارة، سوف تحدد الاحتياجات الحقيقة للجهاز الإداري للدولة".

وتحدثت الوزيرة عن التوجه إلى تقدم الخدمات الحكومية عبر الانترنت للجمهور. وبينما يرى البعض أن هذا قد يتسبب في خسارة البعض لوظائفه، يقول الخبير الاقتصادي: "الانترنت لا ينهي العمل أوتوماتيكيا، الشبكة العنكبوتية تسهل إرسال الطلب فحسب، وهناك موظفون يعملون من أجل تنفيذ هذه الطلبات، لكن من المهم الإشارة إلى أن مصر لديها مشوار طويل حتى تتمكن من تطبيق مثل هذه الخدمات الإلكترونية، فقواعد البيانات غير مكتملة، والجهات الحكومية ليست متصلة مع بعضها شبكيا، كما أن البصمة الإلكترونية تحتاج إلى وقت لتطبيقها في مصر بصورة فاعلة".

وتستقطع الأجور والمرتبات في الجهاز الإداري للدولة ما يناهز خمس موازنتها كل عام، ومع هذا لا يشعر أغلب المواطنين بالرضا عن الخدمات المقدمة إليهم في الجهات الرسمية. وتأتي هذه النسبة الكبيرة في وقت تحصل فيه خدمات مهمة مثل الصحة والتعليم، على نسبة قد لا تتجاوز نصف ما تنفقه الدولة على مرتبات موظفيها.


وبلغت قيمة الأجور والمرتبات في الموازنة العامة -التي باتت تعتمد بقدر كبير على الإيرادات المحصلة من دافعي الضرائب- 240 مليار جنيه مصري (الدولار يساوي 17.86 جنيه)، من موازنة العام المالي 2017-2018 البالغة 1.234 تريليون جنيه، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 260 مليار في موازنة العام 2018-2019 المقرر لها 1.424 تريليون.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم