الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل تتعثّر قمّة سوتشي بسبب تطوّرات الأسبوع الماضي؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

في الأساس، لم يُعلن عن هذا اللقاء إلّا منذ ثلاثة أيّام، حين كان وزير الخارجيّة التركيّ مولود جاويش أوغلو في زيارة إلى باكستان، قبل أن يؤكّده لاحقاً الكرملين. إنّ الساعات القليلة الفاصلة بين الإعلان عن اللقاء وبين عقده قد يوحي بأنّ تطوّراً ما يمكن أن يكون قد استدعى الاتّفاق سريعاً على قمّة كهذه. ويشير بعض التقارير إلى أنّ هذا الاحتمال وارد جدّاً وإن لم يكن مؤكّداً.


ماذا حصل بدءاً من الثلاثاء؟

خلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت غالبيّة المؤشّرات توحي باستعجال روسيّ إيرانيّ لإنهاء ملفّ إدلب. وفقاً لهذا المسار، كان الطرفان يريدان أخذ مصالح تركيا بالاعتبار لكن إلى حدّ زمنيّ معيّن. من هنا، كانت العمليّة العسكريّة ضدّ إدلب أمراً لا مفرّ منه، وهذا ما أعلنه الرئيس الروسيّ صراحة خلال قمّة طهران. غير أنّ الاستعجال ظهر وكأنّه يخفت، على الأقلّ بشكل مؤقّت.




الصحافيّ الاستقصائيّ الحائز على جائزة "بوليتزر" روي غوتمان، كتب يوم الجمعة أنّ الهجوم على إدلب دخل مرحلة الانتظار "فجأة". وأضاف في موقع "ذا دايلي بيست" أنّه منذ الثلاثاء، لم يكن هنالك هجمات بل "شعور متنامٍ بأنّ التهديد من النظام وروسيا تمّ تعليقه". ونقل عن مسؤول أميركيّ قوله إنّه "بالتأكيد" تمّ تلمّس استراحة "لكنّنا لا نريد تحديد (ماهيتها) عند هذه النقطة". بالنسبة إلى غوتمان، جاءت نبرة الموفد الروسيّ الخاصّ إلى #سوريا ألكسندر لافرنتييف مختلفة عن نبرة بوتين في طهران ومحدّدة لمسار الأيّام التالية. فقد قال لمراسلين في جنيف إنّه يقع على عاتق تركيا التخلّص من المتطرّفين في إدلب. وأضاف غوتمان أنّ الرئيس الإيرانيّ حسن #روحاني تحدّث في طهران مراراً عن ضرورة حماية المدنيّين خلال أيّ هجوم، الأمر الذي تُرجم بعدم انتشار قوّات إيرانيّة بالقرب من الجبهات الأماميّة، وكذلك الأمر بالنسبة للقوّات السوريّة.


رسالة الحدّ الأدنى


يطرح هذا التحليل مزيداً من الأسئلة حول قمّة اليوم. يُحتمل أن يكون الأسبوع السابق نوعاً من مهلة زمنيّة أعطاها الروس للأتراك كي يحلّوا مشكلة "هيئة تحرير الشام" المرتبطة بتنظيم القاعدة. وانطلاقاً من هذه المهلة، يمكن لبوتين أن يسأل نظيره التركيّ عن التقدّم الذي أحرزته بلاده في هذا المجال. لكن ما لوحظ في تلك الفترة أنّ تركيا قامت بإرسال أسلحة إلى داخل المحافظة بحسب ما قالته مصادر معارضة لوكالة "رويترز" يوم الأربعاء الماضي. فهل يهدف إرسال الأسلحة إلى فصائل تراها أنقرة غير متطرّفة من أجل أن تشارك في معركة مرتقبة ضدّ مقاتلي القاعدة؟ أم هو يهدف إلى تصعيب الأمور على المهاجمين وكسب المزيد من النفوذ في المفاوضات مع موسكو؟




سيكون اجتماع اليوم على الأرجح فرصة بارزة لتوضيح النوايا التركيّة. بالحدّ الأدنى، تريد تركيا توجيه رسالة إلى #دمشق و #طهران و #موسكو مفادها أنّها لا تزال تمارس نفوذها في إدلب، أو بشكل أكثر تحديداً، أنّها "لا تريد أن تتنحّى جانباً" بحسب ما قاله المحلّل في "مؤسّسة أبحاث السياسة الاقتصاديّة" في تركيا نهاد علي أوزجان. وجاء كلام الأخير خلال اتّصال مع شبكة "بلومبيرغ" يوم الجمعة الماضي.


هل تنجح "العرقلة"؟

غير أنّ ما يراه أوزجان كإصرار تركيّ على الاحتفاظ بالنفوذ داخل إدلب هو مواجهة علنيّة يبديها إردوغان تجاه الروس والإيرانيّين، بحسب متابعين آخرين. رأى الكاتب السياسيّ طوم روغان أنّ إردوغان يقوم عمليّاً ب "محاولة عرقلة روسيا والأسد" كما جاء في عنوان مقاله الذي نشرته مجلّة "واشنطن أكزامينر" يوم الخميس الماضي. وأشار إلى أنّ إردوغان يعزّز السيطرة التركيّة على طرق تموين حيوية تربط إدلب بتركيا فيما تنقل القوافل العسكريّة التركيّة تعزيزات إلى نقاط المراقبة. هذه التعزيزات "مصمّمة لضمان أنّ القوّات التركيّة يمكنها هزيمة أيّ هجمات يشنّها بشّار الأسد أو الميليشيات".

وأضاف أنّ الرئيس التركيّ يريد إظهار لنظيره الروسيّ عدم رضاه العميق عن الهجوم المحتمل ويأمل في أنّ وضع الدبابات سيردع المهاجمين عن التصرّف ب "عدوانيّة متطرّفة". بحسب تحليل روغان، سيضغط بوتين على #الأسد لعدم مهاجمة القوّات التركيّة، لكن عندما يحين الوقت، سيدعو إردوغان لإخلاء مواقعه في جنوب المحافظة وهو ما سيفعله الرئيس التركيّ وفقاً لترجيحاته.





يصعب معرفة كيف ستنعكس هذه التطوّرات على قمّة اليوم خصوصاً أنّها ستتطرّق إلى ملفّات أخرى كالاقتصاد والطاقة حيث سيناقشها أيضاً وفد من كلا البلدين. لا شكّ في أنّ مصير إدلب سيؤثّر بشكل كبير على مسار أستانا أو ما تبقّى منه كما سبق أن أوضح باحثون ل "النهار". وقد يكون اجتماع اليوم محطّة مفصليّة في تحديد هذا المصير.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم