الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

واشنطن راقبتها عن كثب... لماذا شاركت الصين في "فوستوك"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

تأتي هذه المشاركة أيضاً في ظلّ الحرب التجاريّة الكبيرة بين الصين والولايات المتّحدة والتي يبدو أنّ آفاق حلّها ليست قريبة. لذلك، يمكن أن يأتي الانخراط الصينيّ في هذه التدريبات لتوجيه رسالة صينيّة إلى الأميركيّين، علماً أنّ وزارة الدفاع الصينيّة شدّدت على أنّ هذه التدريبات "ليست موجّه ضدّ أي طرف ثالث". وفي جميع الأحوال، لا تشكّل هذه الرسالة في حال وُجدت، الجزء الأساسيّ من أهداف تلك المشاركة.


خبرة

يتّفق عدد من المتابعين، من بينهم الباحث البارز في قسم الدراسات الاستراتيجيّة التابع لمركز "سي أن أي"-واشنطن ديمتري غورنبرغ، على أنّ هنالك مصلحة صينيّة مباشرة للمشاركة في هذه التدريبات. ينطلق غورنبرغ في مقاله ضمن صحيفة "ذا واشنطن بوست" من فكرة أنّ الجيش الصينيّ لم يشارك منذ فترة طويلة في حرب عسكريّة، على عكس الجيش الروسيّ المنخرط في القتال داخل سوريا منذ ثلاث سنوات تقريباً.




وعلى الرغم من أنّ تدخّله العسكريّ جويّ في معظم مراحل الحرب، يبقى أنّ القدرات القتاليّة التي اكتسبها خلال الحرب قادرة على إفادة الصين في هذا المجال. ففي الشهر الحاليّ من سنة 2015 قرّرت موسكو التدخّل لقلب الموازين العسكريّة وقد نجحت في ذلك إلى حدّ بعيد. هذا النجاح هو الذي شكّل على الأرجح جاذباً أساسيّاً للصين كي تشارك في مناورات هي أصلاً على درجة من الحجم اللافت عسكريّاً وتاريخيّاً، بغضّ النظر عن الجدل الذي أثير حول العدد الإجماليّ للقوّات المشاركة.


مصلحة صينيّة أخرى في سوريا

وبالإشارة إلى الميدان السوريّ، إنّ جانباً عسكريّاً-سياسيّاً آخر يمكن أن يكون أيضاً قد تطرّق إليه الرئيسان الروسيّ فلاديمير #بوتين والصينيّ #شي جينبينغ خلال لقائهما على هامش "فوستوك 2018" في مدينة فلاديفوستوك يوم الثلاثاء الماضي. باستثناء المناطق التي يسيطر عليها الأميركيّون وحلفاؤهم الأكراد في #سوريا، لم يتبقّ إلّا محافظة #إدلب خارج سيطرة قوّات #دمشق. تشكّل هذه المحافظة نقطة توتّر إقليميّ ودوليّ بما أنّ مجموعة من المصالح العابرة للحدود تتشابك عندها. من المتوقّع غداً أن يلتقي بوتين بنظيره التركيّ رجب طيّب #إردوغان في #سوتشي من أجل مواصلة البحث في مصير إدلب، بعدما أخفقت قمّة #طهران على التوفيق بين وجهات نظر الرؤساء الثلاثة.




هذه المحافظة تحديداً تبدو مهمّة أيضاً للصينيّين الذين يراقبون المقاتلين الأويغور المنتشرين في بعض أجزاء إدلب والذين انخرطوا في القتال ضمن "حركة شرق تركستان الإسلاميّة". وقد وضعت الصين تلك الحركة على لائحة الإرهاب فيما انضمّ مقاتلون منها إلى تنظيمي القاعدة وداعش. وإذا كانت الصين تريد الاستفادة من الخبرات الروسيّة داخل سوريا، فإنّ أحد المقاتلين الأويغور قال لوكالة "أسوشييتد برس": "لقد أردنا أن نعلم كيفيّة استخدام الأسلحة ثمّ العودة إلى الصين".


أحد أهداف الصين

إلى جانب هذا، هنالك عدد من المصالح المشتركة التي يمكن للطرفين اكتسابها من خلال تقاربهما المتبادل. في حديث إلى شبكة "سي أن أن"، قال الخبير في العلاقات الروسيّة الصينيّة بوبو لو إنّ لدى الزعيمين أسباباً منفصلة لرغبتهما تعزيز التعاون المشترك. وشرح أنّ #الصين هي "الأداة المثاليّة" لإظهار روسيا كقوة عالميّة ناشئة في خطاب أساسيّ مفاده أنّ الصين وروسيا والهند بدرجة أقلّ هي جزء من ديناميّة النظام العالميّ الجديد. وتحتاج الصين إلى أن تكون النوايا الروسيّة حميدة معها إذ قد لا تكون #موسكو قادرة على مساعدة بيجينغ لكنّها ستصعّب الأمور عليها إن لم تكن قريبة منها، بحسب الباحث.


مخاوف أميركيّة؟

من جهة ثانية، راقبت وزارة الدفاع الأميركيّة تلك المناورات "بشكل وثيق جدّاً" وفقاً لباحثين أميركيّين، لكن من دون أن يكون هنالك قلق خاص إزاءها. ونقلت شبكة "سي أن بي سي"، عن لينكولن بلومفيلد، باحث مميّز ورئيس فخريّ لمركز "ستيمسون" قوله: "لست واثقاً ممّا إذا كان البنتاغون متفاجئاً بشكل فظيع بهذا (التدريب العسكريّ)".




في الخبرة العسكريّة، لا تقتصر التجربة الروسيّة على الحرب في سوريا وهذا ما يعطي الجيش الروسيّ "جينات" قتاليّة مختلفة. يمكن فهم ذلك من خلال ما شرحه أيضاً بلومفيلد الذي الذي خدم كمسؤول في شؤون الأمن القوميّ في ثلاث إدارات سابقة: "(لدى روسيا) جيش خبير يفهم العمليّات الاستطلاعيّة حيث أنّ (خبرة) الصين جديدة قليلاً في هذا ولم تثبت ثقافة الصين أنّها عدوانيّة علناً بطريقة عسكريّة ضدّ قوى مهمّة مثل الولايات المتّحدة".

وبالرغم من كلّ هذا، لا يبدو أنّ شيئاً يدعو لإثارة المخاوف لدى الأميركيّين بحسب الباحث نفسه: "أظنّ أنّ البنتاغون يراقب عن كثب، لكنّه ينظر إليه (التعاون العسكريّ الروسيّ الصينيّ) على أنّه عمليّة تدرّجيّة طويلة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم