الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قصة الرجل الذي قفز من الطابق 107 أثناء هجوم 11 أيلول!

جاد محيدلي
قصة الرجل الذي قفز من الطابق 107 أثناء هجوم 11 أيلول!
قصة الرجل الذي قفز من الطابق 107 أثناء هجوم 11 أيلول!
A+ A-

لا يمر تاريخ 11 أيلول مرور الكرام، بل وفي كل سنة يتم إستذكار أبرز اللحظات والأحداث التي حصلت بعد الإعتداء الإرهابي الضخم الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية عام 2001. فمشهد سقوط البرجين لا يزال مطبوعاً في ذاكرة كل شخص منا، بالإضافة الى مشاهد الدمار وإنهيار الأبراج وسقوط العدد الكبير من الضحايا. لكن والى جانب تلك اللحظات، يبرز مشهد هزّ النفوس وضجت به وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، ونحن هنا نتحدث بالطبع عن مشهد الرجل الذي رمى بنفسه من البرج. فما قصة هذه الصورة وماذا تخفي وراءها؟

أولاً، الصورة هذه التقطها مصور في وكالة "اسوشتيدبرس" يدعى ريتشارد درو، ومشهد الرجل وهو يقفز من البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي أصاب الرأي العام حينها بالهلع، نظراً لما جسدته من مشاهد دراماتيكية لواقع الرجل الذي اختار الموت بهذه الطريقة بدلاً من الموت احتراقاً في البرج. أما القصة فبدأت في صباح 11 أيلول، حين كان مصور وكالة الاسوشيتدبرس ريتشارد درو يقوم بتصوير عرض ازياء لنساء حوامل في حديقة بريانت في نيويورك، الا أن مصور قناة الـ"سي ان ان" اخرجه من حالة العمل الروتيني، عندما تلقى من غرفة الاخبار في القناة معلومات تقول إن طائرة اصطدمت بالبرج الشمالي، كما تلقى ريتشارد المعلومة نفسها بعد قليل من رئيس تحرير الفترة الاخبارية لوكالته، فقام على الفور بالتوجه الى مترو الانفاق، حيث كان شبه وحيد في القطار الذي توقف بعد خمس دقائق بعد هذا التوقيت عن الحركة. فنزل قبل محطة واحدة من مركز التجارة العالمي، ليشاهد للمرة الاولى في حياته اعمدة الدخان الكثيفة وهي تتصاعد من البرجين.

توجه دور نحو الجهة الغربية للبرجين، حيث وقفت عربات الاسعاف، وقرر الوقوف الى جوار عمال الانقاذ، إدراكاً منه بأنهم لن يمنعوه من اداء عمله، وخلال وقوفه التفت باتجاه صوت صاخب، صدر عن احدى ضابطات الشرطة، التي قالت للحضور: "انظروا الى اعلى"... وكان المشهد حينها مؤثراً، فالمتواجدون في البرج يتزاحمون بكثافة عند النوافذ، في محاولة يائسة للنجاة من لهيب النيران، ومن ينجو منهم يلقي بنفسه الى الخارج ليلقى حتفه ولكن بطريقة أخرى. ووسط بكاء وعويل من يشاهدون تلك الدراما المأسوية قام درو بوضع عدسة بحجم 200 مم في كاميرته وأدارها نحو المبنى. وقد التقطت عدسته سقوط ما بين 10 الى 15 شخصاً، غير ان رجلا واحداً انحفر في ذاكرته الى الابد، لانه تابعه من اللحظة التي تسلق فيها على حامل البناء الخارجي، ثم ضغط على زر الكاميرا لاقطاً 12 صورة متتالية لعملية السقوط، اما الصورة التي تحولت الى رمز للحادي عشر من ايلول، فقد التقطها الساعة "9،41.15"، عندما سمع بعد ذلك بلحظات صوت مذهل وهو صوت سقوط المبنى.
ووصف درو لاحقاً ما جرى في سياق عبارات موجزة: "لقد كانت الكاميرا بالنسبة لي مصفاة بيني وبين الواقع، فلم أرَ الا ما حوته العدسة، الامر الذي ساعدني على ان انفصل نفسياً عن الحدث الذي كان يجري امامي".

بعد ساعات من التصوير في شوارع نيويورك عاد درو الى مركز الوكالة وبدأ يشاهد نتائج عمله، وقد اثارت انتباهه على الفور صورة الرجل الذي يتساقط نحو الارض، ما جعل درو يتوقف عن الالتفات إلى الصور الاخرى.. اطلع رئيس تحرير الفترة على الصورة ثم ارسلها الى موقع الوكالة على الانترنت، وفي اليوم التالي ظهرت الصورة على الصفحة السابعة من صحيفة نيويورك تايمز وفي مئات الصحف الاخرى في العالم. الا أن وسائل الاعلام تلقت آنذاك الاف الرسائل من قراء غاضبين اشتكوا فيها بأن الصحف تتدخل بالحياة الشخصية ولا تحترم الموت. دافع درو عن صوره بالقول: "لم التقط موت شخص وانما جزءاً من حياته. انه حدث وانا وثقته بالصورة فقط "، ولكن حجته هذه لم تقنع الجميع وظلت هذه الصورة مع لقطات فيديو للقافزين من برجي الموت بعيدة عن التداول من قبل وسائل الاعلام بذريعة انه من الضروري احترام ذويهم.

وبعد إثارة ضجة كبيرة حول هوية الرجل، توصل الصحفي الكندي بيتر تشيني، من صحيفة "غلوب اند ميل" الى نتيجة تحليل الصورة، وبات واضحاً عنده ان الرجل الذي يدور الحديث عنه كان يعمل في مطعم "ويندوز اوف وورلد" في الطابقين 106، و107 بأحد البرجين التوأمين، كما توصل الصحفي الكندي الى أن هذا الشخص اسمه نوربيرت هيرنانديز وكان يعمل في المطعم كرئيس لطهاة الحلويات. لكن وفي عام 2003 اتصل مراسل مجلة "ايسكوير اوم يونود" بالمصور درو، وعلم منه أنه التقط 12 صورة لهذا الرجل، فقام بتفحصها، ليجد ثلاثة اشياء جعلته مضطراً الى البحث من جديد عن هوية هذا الشخص، اكثرها التي لفتت انتباهه بأن الرجل كان يرتدي قميصاً برتقالي اللون، ما يعني انه لم يكن يعمل في قسم الحلويات، الامر الذي أكدته له زوجة هيرنانديز، وعاد البحث بعد عامين الى نقطة البداية، حتى توصل الى نتيجة بالتعاون مع موظفي المطعم بأن الرجل الذي يوجد في الصورة هو يوناتن ريلي، وهو مهندس كان يعمل في قسم الصوت بالمطعم وكان يمارس عمله في 11 أيلول، وقد أكد ذلك شقيقه أيضاً بعد معاينة جثته.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم