الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ما بعد المعنى وآليات القراءة

سامي محمود إبرهيم
ما بعد المعنى وآليات القراءة
ما بعد المعنى وآليات القراءة
A+ A-

إن أهم الكتب هي تلك التي نقرأها ونحن على حافة الحياة نلوذ بها بعدما أغرقتنا الحداثة. ونحن حين نكون على تلك الحافة لا نجد ما يحفزنا على الاستيقاظ والعيش يوم آخر يشبه الامس، فنبحث عن العون في خلاص الحكمة الإلهية لنا على هيئة كتاب.  

والكتب التي من هذا النوع قليلة ونادرة ومحظورة، لهذا يسهل علينا عزلها ووضعها على رف قرب أيدينا وقريب من الموضع الأكثر عرضة لإصابة أرواحنا؛ فبعض الكتب تصلح للقراءة في الطرقات وهناك كتب تقرأ في الحدائق وأخرى تقرأ في الفراش قبل النوم... أما كتاب الحياة فيجب ان يقرأ كمن يمشي حافيا على الأرض يعاين الواقع على لحم الأرض وأديمها. وهذا يشبه الى حد ما موقف الاسطورة الافريقية في النظر الى الثعبان نظرة فيها شيء من إكبار، لأنه يلامس الارض بكل جسده ولهذا يعرف كل اسرارها. اما نحن بثقافتنا الحداثوية فلسنا الا خفافيش طائشة تسبح في فضاءات الكهوف. حياتنا التشكيلية العابرة من الرمال المتحركة شكلتها نسمة العصرنة ونثرتها هبة ريح العولمة تتبعثر في صور حضارة اللاجدوى حتى قبل أن تتشكل كما ينبغي. ومعظم أعمالنا الاصلاحية النهضوية متطرفة وغير مكتملة ومثيرة للسخرية، ونحن خارج قاموس اللامعنى نصف المجهول نحاول استعادة الماضي وأمجاده البريئة لاننا على مفترق طرق بين مستقبل نام في احضان الحاضر وماض أكل عمرنا واندثر.

 حياتنا حافلة بخيبات الامل، في العيش والسياسة. حياتنا رحلة مليئة باستعادة الاحلام المنسية داخل اعماق النفس... وفي النهاية لا يمكننا تمزيق وحذف ولو صفحة واحدة من كتاب حياتنا ولكن بامكاننا كتابة فصول جديدة فيه. نحن نترك شيئاً من أنفسنا في المكان الذي نتركه خلفنا، فنبقى هناك حتى لو رحلنا... وهناك اشياء جديدة داخلنا وجميلة لن نعثر عليها الا اذا عدنا الى المكان ذاته.... في النهاية نحن نذهب الى انفسنا يحملنا صوت الحنين الموجع الى المكان الذي احتل مسافة من حياتنا... إذا نحن بحاجة الى السفر روحياً وجغرافياً وزمانياً لنتمكن من الامتداد خارجيا، نحول المكان الى زمان... لنقرأ، لنتضاعف الى اكثر من واحد، فنتوسع داخل فلك الحضارة.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم