روبير فرنجيه... خسارة سياسية وفكرية

يودّع الشمال ومعه لبنان، يوم الاثنين المقبل، واحداً من رجالات قلائل في العلم والمعرفة والحنكة السياسية والصلابة في المواقف الوطنية. كيف لا وهو ابن بيت "وطني دائماً على حقّ"، سليل العائلة السياسية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ وطنياً وعربياً وحتى عالمياً. 

انه الفقيد روبير سليمان فرنجيه، او روبير بك كما كان يناديه كل من عرفه.

هو نجل الرئيس الراحل سليمان فرنجيه، والاصغر بين الصبيان والبنات. من مواليد زغرتا 14 حزيران 1949، لم يدخل المعترك السياسي الا مرغماً بعد استشهاد شقيقه الوزير والنائب طوني فرنجيه، أي بعد 13 حزيران 1978. فكان خير سند لوالده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه، وخير قائد للمرده، وقد حمل الامانة بكل رجولة وصدق الى ان سلمها الى ابن اخيه رئيس تيار "المرده" الوزير والنائب السابق سليمان فرنجيه الذي يتابع حمل المشعل.

رافق والده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه الى مؤتمرات الحوار الوطني في جنيف ولوزان، وشارك في العديد من المؤتمرات والحوارات الوطنية، لاسيما اللجنة العربية الرباعية، التي كانت برئاسة الشاذلي القليبي امين عام الجامعة العربية، وعضوية وزير خارجية سوريا انذاك عبد الحليم خدام، ووزير خارجية السعودية الراحل الامير سعود الفيصل، ووزير خارجية الكويت الامير الحالي صباح الاحمد الجابر. كما شارك في لجنة المساعي الحميدة العربية السباعية التي انعقدت في تونس. وشارك في اجتماعات جبهة الخلاص الوطني، الى جانب الرئيس الشهيد رشيد كرامي، ورئيس حركة امل نبيه بري، ورئيس الحزي التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، وهي التي الغت اتفاق 17 ايار.

كذلك، شارك في اجتماع المدينة الكشفية الذي رسخ المصالحة بين الرئيس سليمان فرنجيه والرئيس امين الجميل بمسعى من الرئيسين كميل شمعون وشارل حلو، وساهم في اعداد مؤتمر البريستول 1988. وكان المسؤول الاساسي عن حملة والده لانتخابات رئاسة الجمهورية العام 1988، حيث ادار المعركة من فندق البريستول وزار المختارة ووضع اكليلا من الزهر على ضريح الشهيد كمال جنبلاط كعرفان جميل لسحب المرشح التقدمي لانتخابات الرئاسة انذاك انطوان الاشقر، وكذلك كان له الفضل مع الرئيس فرنجيه في اطلاق سراح النائب الراحل فريد سرحال.

لم يشأ جرّ "المرده" الى اي صراع داخلي، او مع اي طرف مسيحي، ورفض فتح جبهة المدفون (البترون) يوم حرب الالغاء في الشرقية .

انجز الكثير في زمن توليه المسؤولية، فاهتم بانشاء المؤسسات الإنمائية، فأسس صيدلية المرده والمختبر الطبي والتعاونية وافران المرده وكل ذلك كان لسد احتياجات الناس وتنظيم امورهم الحياتية.

إلى ذلك، اسس تلفزيون واذاعة لبنان الحر الموحد، كما اسس الوكالة اللبنانية الحرة للاعلام.

رمّم العديد من الاديرة والكنائس، واهتم بشق الطرقات الجديدة لا سيما اوتوستراد زغرتا - الكورة وانشاء العديد من المشاريع الانمائية والثقافية والاجتماعية. 

وفي الاونة الاخيرة، انصرف الى المطالعة والرسم وله لوحات عدة تزين الجدران في قصر اهدن، لكن ذلك لم يمنعه من ان يكون الداعم الاكبر والاساسي لابن اخيه وتيار المرده، وكان يعمل باستمرار مع العائلة لتمتين العلاقات ومنع "الزعل"، حتى شبهه البعض بانه لعب نفس الدور الذي لعبه والده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه ،مع شقيقه حميد عندما كان الاخير نائبا ووزيرا يمضي أغلب وقته في بيروت فكان سليمان (الرئيس فيما بعد) الحاضر "الدائم "بين الشباب في زغرتا والشمال.

حزن على رحيله المبكر كل من عرفه وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي برثائه ونعاه الاقربون كما الابعدون حتى الوزيران جبران باسيل وبيار رفول تذكراه في زمن تزداد فيه العلاقات توترا بين المرده والتيار الوطني الحر.

وحداداً، تقفل زغرتا واهدن والزاوية اعتبارا من ظهر يوم الاثنين المقبل ليتاح للجميع المشاركة في جنازة الراحل التي ستقام في باحة قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجيه عند الساعة الخامسة عصرا.

تبقى لي كلمة اخيرة وهي اعتذار من صميم القلب الى الرئيسة الراحلة السيدة ايريس هنديلي فرنجيه والدة روبير بك، وهي التي أوصتني ذات يومين او ثلاثة قبل وفاتها "ألا أترك روبير بك، وان ابقى الى جانبه، وقد فعلت". لكن روبير بك يا سيدتي الرئيسة، لم يكمل المشوار، ورحل قبل الاوان، رحمه الله ولنا جميعا العزاء بفقده وخسارته.

الى ذلك، وفور شيوع الخبر تقاطرت الى قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجيه وفود المعزين من كل المناطق كما زار معزيا العديد من الشخصيات السياسية ومن ابرزهم الرئيس نجيب ميقاتي والنواب جهاد الصمد وفريد الخازن والشيخ بيار الضاهر، وكان حاضراً رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه وعقيلته ريما والنائب طوني فرنجيه وكريمات الرئيس فرنجيه لميا وصونيا وماي يتقبلون التعازي.