من عروش الكرامة إلى كراسي الارتزاق

بالجرم المشهود قبض في حزيران 2016 على الوزير جوليو لوبيز في حكومة الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا كيرشنر، وهو يحاول إخفاء حقيبة تحوي تسعة ملايين دولار في أحد الأديرة قرب بيونس أيريس. بالجرم المشهود سقط رجل من عرش الكرامة، بعد ما فهم المسؤولية أموالاً منهوبة، وهرب بها كالسارق العادي في إحدى ضواحي العاصمة.المسؤولية هي عرش كرامة. حوّلها كثيرون إلى كراسي استرزاق. هذا هو بالمختصر ما يسمى الفساد، في تعبير ملطف للنهب والسرقة، وانعدام الحسّ بالمسؤولية العامة، التي هي في مكان آخر. إنها دائماً في مكان آخر غير ذلك الذي يشغله صاحب الكرسي. لأن كل القضية هي هنا أي ذلك المكان الآخر الذي هو خارج الضمير. وعندما يصبح الفساد أسلوب حكم، فإن ذلك يعني مجموعة ضمائر مشتتة، بحيث لا يعود هنالك من مسؤولية تحدّدها، وذلك من رأس الهرم حتى آخر شرطي في المدينة.وكانت الفضيحة الأرجنتينية بدأت بالتكشف عندما عمد سائق وزير آخر اسمه أوسكار سانتانو، الذي كان مكلفاً نقل حقائب ملايين الدولارات إلى قصور الرئيسة كيرشنر وإلى زوج الرئيسة قبل ذلك، ما بين 2005 و2015، إلى تدوين كل ما فعله على ثماني دفاتر مدرسية، بأدق التفاصيل. ثم وصلت هذه الدفاتر بصورة غير معروفة إلى جريدة "لا ناسيون" التي فضلت التحقق من الوقائع...