الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الشباب والتغيير: "وينن؟!"

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
رين بوموسى
A+ A-

انهم في الجامعات يدرسون كي يتخرجوا ويحملوا الحقائب متوجهين الى المطار. الشباب الناقمون على واقعهم أغلبهم يغادر، فمن سيغيّر ويثور في بلد الفساد والسلاح، وعدم الاستقرار...؟


بدأت "النهار" جولتها في الجامعات اللبنانية، لتسأل الطلاب "أين نضال الشباب اللبناني؟"، وكانت جولتنا الأولى في الجامعة الأنطونية في بعبدا.



حان الوقت، حملوا كتبهم وتوجهوا الى صفوفهم. بقي البعض في كافيتاريا الجامعة في انتظار ان يحين وقت الصفوف الأخرى. ترى طلاباً يحملون كتبهم، وآخرين يحاولون أن يأخدوا قسطاً من النوم فيما يستغرق طلاب في احاديث بينية.
يقف الى جانب أصدقائه يتحدث بثقة، الطالب محمد خشاب يؤكد "لا أنتسب الى أي حزب" الا أنه يقر أن لكل شخص "ميوله"، ورغم اقراره بأنه لا يؤيد أي حزب لبناني، هو من أول الداعمين للمقاومة. يرى ذلك الشاب أن ما يمر به لبنان من أزمات، فراغ في الدولة، الحكومة مستقيلة،.. لا يتعلق بالسياسة الداخلية والذي يعيق "الحلحلة" أن الجميع وكل شيء في لبنان يتعلق بالخارج، "ما في حدا نظيف ما في حدا بيشتغل لمصلحة لبنان شو بيجي القرار ينفذ، فليتفق كل من ايران والولايات فتهدأ الحال في سوريا وتشكل حكومة في لبنان، وينتخب الرئيس المقبل للبنان في الموعد المحدد له .. ولأن كل الأمور في لبنان تتعلق بالخارج ما بصير عنا بلد".
وفي رأيه "تيمشي لبنان.. لازم يتغيّر كل الطاقم السياسي"، ورغم تأييده الواضح للمقاومة، فرأيه اختلف عن رأي مناصريها المعتاد، "من المفيد أن يتم دمجها بالجيش اللبناني".
وعند سؤاله عن التغيير واصلاح ما أفسده السياسيون على مدى سنوات، يجيب ومن دون تفكير "لأ خلص يئسنا!"، ويروي أنه في الفترة الأخيرة حاول أن يقنع مجموعة من الأشخاص ينتمون الى الفريقين السياسيين، برأي الفريق الآخر لكن كل محاولاته باءت بالفشل، "رأي هؤلاء ليس رأيهم بل هو نتيجة التربية التي تلقوها".


ويؤكد أن الشيء الأول الذي يجب تغييره في لبنان هو رؤيتنا لبناء الدولة، "على الجميع أن يؤمن وأن يقتنع أننا نريد التغيير". أما عن الشباب ودورهم في التغيير فيقول خشاب "هني عرفوا شو عملو لهون بالأركيلة.. كرمال شو بدن يناضلوا؟ كل المناطق اللبنانية مقسمة طائفياً، فالشباب مطمئنون انو شباب المنطقة منا وفينا حط الأركيلة وقعود"، ويكرر "بس نصير كلنا تحت القانون ساعتها فينا نغير شي".


عطونا قضية تناضل كرمالها!


جيمي حرفوش طالب في سنته الرابعة ينتمي الى حزب "القوات اللبنانية"، لا يختلف كلامه عن كلام السياسيين القواتيين، فيؤكد أن الفريق الآخر يعيق تقدم لبنان خصوصاً أنه يحمل سلاحاً ويحارب خارج الحدود اللبنانية. ولكن رغم اختلافه السياسي مع محمد خشاب، مطلبهما واحد "بناء الدولة".


"مش مين ما كان في يغيّر وضع لبنان"، يقول حرفوش بحزم، "في لبنان لكل عقيدته، فاذا أردنا تغيير الوضع الحالي يجب أن نبدأ بتغيير عقيدة كل شخص، وهذا يأتي مع مرور الوقت". ويؤكد أن لا أحد في استطاعته تغيير الوضع بمفرده، "اذا كان في استطاعة أي شخص تغيير الحالة لكان أي حزب استطاع ذلك". ويرى أن الخطوة الأولى في اتجاه التغيير تبدأ بالتربية الجيدة التي تعلم اللبنانيين حب لبنان وليس الطائفة أو الحزب. ويشير الى أنه يحمل ولاء لقضيتين، الأولى "اذا مس أحد بطائفتي"، والقضية الثانية "اذا مس أحد بسيادة وجيش وكيان لبنان". وعن نضال الشباب اللبناني ودورهم اليوم قال "عطونا قضية تناضل كرمالها".


في الجامعة الأنطونية، انقسام كبير في صفوف الطلاب، فكما يمكنك لقاء جيمي "القوتجي" يمكنك لقاء شخص يؤيد أحد أحزاب قوى "8 آذار". أحد مؤيدي "حزب الله" فضل عدم الافصاح عن اسمه، لكن كما جيمي، تأثر هذا الشاب بـ"حزب الله" وسياسييه يظهر جلياً من خلال كلامه عن الوضع في لبنان، "لازم يكون في دولة بس لازم يكون في توافق شعبي"، ويدعو جميع اللبنانيين أن "يتفقوا ويتوحدوا كي يساهموا في انهاض لبنان".
"الشباب الطائش سبب ما يحصل في لبنان وعدم تطوره.... جذور المشكلة في لبنان تعود الى الشباب غير المسؤول" تقول الطالبة جويل أبو فيصل. رؤية تلك الشابة للمستقبل تقتصر على التخرج وان تنجح في عملها و"تؤسس" لحياتها، وتشير الى أن كل الجهد التي تتكبده ونجاحاتها، "كرمال لبنان". وعن التغيير تقول "بفضل ما ادخل بهالأمور وركّز على درسي"، وتستدرك قائلة "أساساً ما فيكي تغيّري شي.. خلي الوضع متل ما هو لأن مش بايدك تعملي شي".
وائل صادق، أحد مؤيدي "حزب الله" في الجامعة الأنطونية، يقول ان "كثرة الأحزاب تعيق تقدم لبنان"، واقترح الغاءها جميعها وانتخاب رئيس للجمهورية من الشعب، والرئيس يحدد جمعية تضم رؤساء الأحزاب". ويرى وائل أنه كـ"طائفة وجدنا أنفسنا مجبرين أن نؤيد الحزب لحماية أنفسنا وكي يمثلنا".
ولكن على أرض الواقع، يعدد وائل مشكلات كثيرة لا يمكن غض النظر عنها، ولكنه ورغم انتقاده للسياسيين "ما فينا نغيّر.. البلد هيك ماشية.. من المستحيل للفرد أن يغيّر شيء، اذ علينا أن نبذل جهداً كبيراً".


الهجرة "خياري الوحيد"..


محمد نجم الدين يتابع الأخبار السياسية "من بعيد"، ويلفت الى ان كل الأطراف اللبنانية تعمل لمصلحتها الخاصة وليس لمصلحة البلد، لافتاً الى أنه كي نبدأ بتحسين الوضع ينبغي تغيير كل الطاقم السياسي الموجود في سدة الحكم". "ما في طريقة ممكن تغيّر الوضع.. كتير صعبة"، ويؤكد أن الهجرة "خياري الوحيد".
رأي طلاب الجامعة الأنطونية كان شبه موحد، وألفريد أبو نصار كرر ما قاله زملاؤه في الجامعة "في الوقت الحاضر لا يمكنني تحقيق شيء"، ويقول ان "المسؤولية في البلد تقع على عاتق السياسيين في الدرجة الأولى وعلى الشعب". يرى ذلك الشاب الملتحي أن "التغيير يبدأ من الشخص نفسه الذي على عاتقه ان يبرهن حبه لبلده من أصغر الأمور الى أكبرها"، مضيفاً انه "يجب فصل الدين عن السياسة، اذ يجب أن يقتصر عمل السياسة على تنظيم شؤون البلد". أحلام ألفريد للبنان كبيرة جداً، ولكن ليس في استطاعته تحقيق شيء "طالب الجامعة ما بيطلع بايدو شي".


جاك بالوكجي وجوزيف جبور يجلسان في كافيتيريا الجامعة في انتظار دخولهما الصف. لم يختلف رأي جاك عن زملائه في الجامعة "ايد وحدة ما بتزقف"، ويصر على انه لا يمكن تغيير شيء في ظل الوضع العام والانقسام الحاد في المجتمع. لم يعجب جوزيف ما قاله صديقه فقال بحزم "مبلا ليه ما فينا". تأثرجوزيف باعمال المجتمع المدني وبالمدونين المنتشرين في العالم الافتراضي، "الـbloggers يعملون بكل جدية لتغيير شيء في هذا المجتمع، وانا في صدد ان انشئ مدونة خاصة بي، فالكلمة باستطاعتها ان تغير ولوقليلا".


تحدثت "النهار" الى عينة عشوائية من الطلاب، كان الجامع بينهم عدم اليقين من القدرة على التغيير، وفي بعض الاحيان العجز عن تعريف التغيير، او تحديد القضية التي يوّدون النضال من اجلها. ليس هدف الاستصراح اظهار اليأس او الاستسلام عند فئة الشباب التي تتميزّ بحماستها واندفاعها لتغيير واقعها مهما كانت الاجواء محبطة وسوداوية في المجتمع.. البحث عن التغيير والأصوات المدافعة عنه بحق سيبقى مستمراً


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم