الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله": زمن التواضع ولّى وأفق المراوحة ليس مفتوحاً

عباس الصباغ
"حزب الله": زمن التواضع ولّى وأفق المراوحة ليس مفتوحاً
"حزب الله": زمن التواضع ولّى وأفق المراوحة ليس مفتوحاً
A+ A-

لم يسبق لـ"حزب الله" أن لمّح وبوضوح إلى أن زمن التنازلات في الداخل اللبناني قد ولّى وربط ذلك بمعادلة مفادها انه في حال أصر الطرف الآخر، أي خصوم الحزب، على انتظار او توقّع انتصار محورهم، فعندها سيعيد الحزب النظر في حجمه الحكومي انطلاقاً من الوقائع الميدانية في المنطقة. وفي الأمر إشارات واضحة لإعادة العلاقات اللبنانية - السورية إلى سابق عهدها. 

صحيح انها المرة الثانية التي يتطرق فيها "حزب الله" الى مسألة الأحجام في تأليف الحكومة وتلميحه الى مطالب جديدة اذا ما استمرت المراوحة الراهنة، لكن ربط الأحجام بالانجازات الميدانية وإن كان مشروطاً يشكل سابقة في أدبيات الحزب الذي دأب على سياسة الزهد في مطالبه بالحقائب الوزارية وغيرها، علماً ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله كان اعلن في 29 حزيران الفائت موقفاً مشابهاً لموقفه الاخير عندما قال: "إن ما يجري الآن لا يعتمد معايير واحدة، إذ ان كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير مؤلفتان من 30 نائباً، وتحصلان على 6 وزراء، في حين أن هناك كتلة من 20 نائباً تريد 7 وزراء"، داعياً "الجميع إلى التواضع"، وتحديد "الحصص الوزارية على أساس نتائج الانتخابات النيابية أو الحجم الشعبي الحقيقي للأحزاب".


"التواضع بدأ عام 1992"

لسنوات طويلة ظل "حزب الله" بعيداً عن الغوص في لعبة تقاسم الحقائب الوزارية والتوظيف في الادارات العامة. وعلى رغم دخوله مجلس النواب غداة اول انتخابات أُجريت بعد الطائف عام 1992، الا انه ظل بعيداً عن السلطة التنفيذية ولم يشارك في اي حكومة بشكل مباشر حتى العام 2005 على رغم انجاز التحرير عام 2000، والذي كان للمقاومة الاسلامية الفضل الاكبر في تحقيقه مع حليفتها "امل" وسائر فصائل المقاومة اللبنانية والجيش والاحتضان الشعبي الذي وفر الارضية المهمة لذلك الانجاز.

بعد التحرير جاهر الحزب مراراً وتكراراً بانه لن يعمد الى تسييل انتصاره في الداخل اللبناني، مع تأكيده انه لن يكرر تجربة المقاوَمات في العالم والتي تسلمت السلطة بعد التحرير وعلى رأسها المقاومة الفرنسية.

وبناء على تلك المعطيات، ظل "حزب الله" خارج الحكومة الى ان تمثّل للمرة الاولى في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2005 عبر وزير مقرب منه هو الدكتور طراد حمادة، ولاحقاً تمثل الحزب في الحكومات المتعاقبة عبر وزيرين.

إلا ان الوزارات التي كان الحزب يتولاها ولا يزال لم تكن اساسية او وازنة باستثناء وزارة الطاقة عام 2005 عندما احجمت معظم القوى السياسية عنها بسبب ازمة الكهرباء المستعصية على الحل، وشغل الوزير محمد فنيش وزارات عدة كان معظمها اقرب الى وزارات الدولة، وبعد الانتصار في حرب تموز 2006 لم تتبدل سياسة الحزب ولم يطالب بحقائب او مكاسب تتناسب مع حجم الانتصار، وكذلك الامر بعد تحرير الجرود في مثل هذه الايام من العام الفائت.

لكن يبدو ان زمن التواضع الذي انتهجه "حزب الله" منذ عام 2000 شارف نهايته بعد الاعلان الصريح لنصرالله في خطابه الاخير بالذكرى الـ12 لانتصار تموز وتوجيه رسالة الى من يعنيهم الأمر مفادها أن حجم الحزب وحلفائه أكبر بكثير مما ارتضوه بشأن الحقائب الوزارية في الحكومة المنتظرة. وبحسب مصادر متابعة لـ"النهار" أن نصرالله يتوجه الى هؤلاء وعلى رأسهم الرئيس المكلف سعد الحريري بأن أفق المناورة المفتوح في المراوحة وعدم تأليف الحكومة لن يستمر طويلاً، وأن حقائق الأحجام ستوضع على الطاولة في المرحلة المقبلة وعندها لن تكون مشابهة لتلك التي ارتضاها الحزب وحلفاؤه لتسهيل ولادة الحكومة.

وربطاً بهذه المعادلة فإن الحزب وحلفاءه لديهم الحق المشروع في تسييل نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي كانت لافتة وتمظهرت في التصويت لنائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي الذي حصل على تأييد 80 من 128 نائباً، وبالتالي فإن هذه المعادلة يجب ألا تغيب عن حسابات الخصوم السياسيين.

وفي الخلاصة يبدو أن سياسة التنازلات قد ولت وهي التي دأب "حزب الله" على انتهاجها على رغم تحقيقه الانتصارات المتتالية على اسرائيل وكذلك في حربه على الارهاب، ولا سيما في جرود السلسلة الشرقية، ولا يبدو ان الحزب في وارد التنازل عن وزارة وازنة كالصحة في الحكومة المنتظرة مهما كلف الامر.


[email protected]

Twitter: @abbas_sabbagh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم