الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

منّة صوّرت المتحرّش فقامت الدنيا في مصر ...معها وضدها!

المصدر: "النهار"
القاهرة-ياسر خليل
منّة صوّرت المتحرّش فقامت الدنيا في مصر ...معها وضدها!
منّة صوّرت المتحرّش فقامت الدنيا في مصر ...معها وضدها!
A+ A-

وبينما تعاطف البعض مع الفتاة التي تدعى منة جبران، باعتبار أن التحرش، جريمة شائعة تعانيها المرأة في مصر منذ سنوات، هاجمها آخرون واتهموها بأنها اصطنعت هذه الوقائع بهدف الشهرة التي يسعى إليها مدونون على وسئل التواصل الاجتماعي، وهاجم آخرون ملابسها التي تتسم بطابع غربي متحرر، لا يلقى قبولاً مجتمعياً بمصر. 

لا تظهر الفتاة التي استخدمت هاتفها الجوال للتصوير في المقطعين، اللذين يتوسع انتشارهما منذ أمس، ويركز على الشابين المتحرشين. وفي أحد المقطعين يخرج شاب من سيارته، متجها نحو منة، ثم يعرض عليها أن يجلسا سوياً في مقهى قريب منهما، ويؤكد لها أنه لا يرغب في أن يضايقها أحد في الشارع، مبدياً استغرابه من تصويرها له بهاتفها، لكنها تؤكد له أنه هو نفسه يضايقها، فيعتذر لها ثم ينسحب.

وفي المقطع الثاني يتوقف شاب بسيارة ويتحدث معها عن بعد، ويدعوها إلى السيارة، ثم ينزل ويبدأ التحدث اليها، موجهاً لها عبارات تمزج بين السخرية والمداعبة، حين يدرك أنها تصوره. ويسألها ضاحكاً عن شارع محمد الحبوب، وبعد أن يتضح له أنها سوف تنشر مقطع الفيديو على وسائل التواصل، يبدي عدم مبالاة ، ويقول لها: " كنت أريد أن أشتهر عبر غروب (أمسك متحرش)"، ثم ينصرف.

"خدي حقك"

وتقول مؤسسة مبادرة "خدي حقك بإيدك"، ندى عبد الله، لـ"النهار": "التحرش هو أن يقتحم أحد المساحة الشخصية الخاصة بك دون رضاك، وهذا ما حدث في واقعة التجمع الخامس. والمسألة في الواقع أكبر بكثيرمن هذه الحادثة، إنها فقط نموذج لما تواجهه آلاف النساء في شوارع مصر كل يوم".

وتضيف ندى: "لا تنجو من التحرش اللفظي، والعنف الجنسي، محجبة، أو منقبة، أو فتاة ترتدي زياً عادياً، ولا تفلت منه طالبة بالمدرسة أو الجامعة، ولا امرأة عاملة، ولا سيدة تسير مع أطفالها في الطريق، جميعهم يتعرضون للتحرش بصورة يومية تقريبا، خلال تواجدهم في الشارع وفي المواصلات العامة".



"لا بد أن منة تعرضت للتحرش على مدار أعوام متتالية، حتى شعرت بأنه ليس أمامها حل سوى أن تفضح المتحرشين وتردعهم اجتماعيا، فقامت بتصويرهم ونشر مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي"، مضيفة أن "غياب الردع القانوني، أو تنفيذ القوانين بصورة حاسمة هو الذي دفعها إلى هذا. لو تقدمت بمحضر في قسم الشرطة فلن يعترفوا بالتحرش اللفظي، ولن يأخذوا بمقاطع الفيديو المصورة. ربما يأخذون بمثل هذه المقاطع في حوادث أكثر خطورة مثل الاغتصاب والقتل وما إلى ذلك".


"القانون فعال"

ويؤكد المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة في مصر، أيمن محفوظ أن "القانون رادع في هذه المسألة...هناك فرق بين جريمة التحرش، وبين هتك العرض. والفرق الجوهري هو التحرش عن بعد بأي صورة، وهي جنحة يعاقب عليها بالحبس والغرامة. أما هتك العرض فيعد جناية يعاقب عليها بالسجن".

وأشار المحامي المصري إلى أنه "يمكن إثبات أي جريمة، إما بالشهادة من المجني عليها مع تحريات المباحث والشهود، أو التلبس. وكل تلك الأمور تقع وفق تقدير المحكمة، ووفق تكوين عقيدتها من أدلة الدعوي، طبعا طالما كان هناك خدش للحياء، وإن بالغمز، وهو إشارة عرفية وقد تكون علامة على عرض علاقة جنسية".



ويضيف محفوظ: "ومع زيادة العقوبة بتعديل مادة الاتهام، يسير المشرع في الطريق السليم نحو محاربة تلك الظاهرة القبيحة، وان كنا نتمنى المزيد من العقوبات التكميلية لتحقيق الردع العام والخاص للجاني ونشر الأمان وإعادته إلى اشارع المصري".

معركة كلامية

وبعدما نشرت منة مقطعي الفيديو ظهر أحد الشابين -لم يذكر اسمه- في مقطع مصور، يبرئ نفسه من تهمة التحرش، وتحدث خلال المشهد المصور داخل سيارة، أنه لم يكن يتوقع أن يأخذ ما قام به كل هذه المساحة من الاهتمام، أو أن تقوم فتاة من الطبقة الاجتماعية التي يتعامل معها باستمرار بما قامت به منة جبران، من تصوير له بمجرد دعوتها لتناول القهوة، على حد وصفه.

ونشرت منة مقطعا ًلها أكدت فيه أن الاتهامات التي وجهت لها على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها وقفت في هذا المكان لالتقاط هذه المقاطع غير صحيح، فهذا المكان هو الذي تنتظر فيه أوتوبيس العمل الذي ينقلها إلى منزلها، وأنها تعرضت لمطاردات من الشابين استمرت دقائق، مما دفعها للدخول إلى أحد الأسواق، وبعد خروجها وجدت أن الشاب لا يزال، لذا قامت بالتصوير.

وبينما أيد قطاع كبير من الإعلاميين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والحقوقيين موقف منة، واعتبروها شجاعة، شن مدونون معارضون لفعلتها حملة انتقادات، تراوحت ما بين رفض انتهاكها خصوصية الأشخاص الذين اتهمتهم بالتحرش، وامتدت إلى حد التجريح ونشر صور لها بزي غربي، مع عبارات جارحة وشتائم في بعض الأحيان.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم