الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تأبط إيران

المصدر: "النهار"
سعد بن عمر- رئيس مركز القرن العربي للدراسات
تأبط إيران
تأبط إيران
A+ A-

التيارات والأحلاف المتصارعة على الساحة العربية ترث تيارات الستينيات 

إن الملاحظ لمعارضي الستينيات من الدول العربية المتمثلة في القومية العربية والناصرية الذين اختلفوا مع المملكة العربية السعودية، يجد كثيراً منهم عند سؤالهم:

هل كانت معارضتكم على حق؟ يقولون بشكل غير متوقع: حقيقة...لا.

تبادر بالسؤال الأهم: هل كانت الناصرية أو التيارات القومية تدفع لكم مقابل هذا الانجراف ناحية القومية العربية وحلفائها السياسيين وعداوة المملكة؟ يأتي الجواب الأكثر دهشة وغرابة: والله لم نكن نقبض قرشاً واحداً ولا استفدنا شيئاً.

والسؤال الكبير: إذاً لماذا هذه العداوة للمملكة وقيادتها ونهجها؟

يأتيك الجواب الذي يكاد ينطبق على معارضي المملكة وكارهي نهجها اليوم :

أولاً: نحن مع الناصرية كرهاً بالمملكة فقط.

ثانياً: يدعون للوحدة ولو شعاراً ونحن مع هذا الشعار لو كذباً.

أخوتنا في بيروت والجزائر وغيرهما من الأقطار العربية الذين اتجهوا لتمجيد إيران والرفع من شأنها إعلامياً وسياسياً وفي كل المحافل وعلى صفحات الجرائد والتواصل الاجتماعي، لا لأنها (تدفع) لهم، فهي لا تدفع أبداً إلا في أمور نادرة لا تذكر، وكثير من دعمها إما استقبال للتربية والدراسة في الحوزات العلمية في قم، أو سلاحاً فردياً من صنع إيران، ولكن بعض أخوتنا العرب تدفعهم كراهيتهم للمملكة والخليج إلى مدح ودعم أقرب خصم لهم، وهم الفرس.

والشيء الآخر الذي يدفعهم إلى إيران والموازي لشعار الوحدة مع الناصريين هو:

إن إيران ترفع شعار تحرير فلسطين، وهو بالتأكيد شعار زائف حتى لو أعطت "حماس" بعض السلاح، فهو مردود عليهم لأنها تشتري به مواقف الفلسطينيين في المحافل العربية، وجعلت من "حماس" و"الجهاد" مطية لها للقدس. ولقلوب الرعاع من العرب، الذين أعماهم كره المملكة، أن يسالوا أنفسهم هل دعمت إيران يوماً من الأيام صندوق الطفل الفلسطيني أو وزارة التربية أو غير ذلك من الأنشطة الفلسطينية!

لذا أرى بقايا القوميين الذين يمجّدون القومية العربية هم أنفسهم من يمجدون الفرس الآن، رغم التناقض الواضح في هذه الولاءات وضياع العقل العربي أمام الأحقاد الشخصية والحسد المثقل بالاستعلاء على أهل المنطقة.

ولا يستوي في حال من الأحوال تمجيد العروبة والإعجاب والتمجيد للفرس، أياً كان الهدف من ذلك.

فمن تأبّط إيران دولة والفرس قومية، لا يمكن أن يكون لديه قاعدة فكرية ينطلق من خلالها لمعرفة ما يدور من تحولات سياسية وجيو ـ سياسية وفكرية في المنطقة.

ونحن الآن أمام تيارين لا ثالث لهما، بعدما كان التيار الإسلامي يتصدر المشهد منذ الثمانينيات من القرن الماضي حتى الأمس القريب، وهذان التياران هما:

١- التيار العربي الخليجي.

٢- التيار الفارسي أو (الإيراني).

أصبحت التيارات والأحلاف المتصارعة راهناً على الساحة العربية هي الوارث لتيارات الستينيات.

التيار الأول يدور في فلكه معظم دول المغرب العربي عدا الجزائر، وفي المشرق الأردن والعالم السنّي.

أما التيار الثاني فيضم كثيراً من منتسبي "الأخوان المسلمين" في مختلف البلدان، إضافة إلى كثير من المنتمين إلى المذهب الشيعي في العراق وجزء من لبنان واليمن.

وعلى ذلك تبقى هذه التيارات عبارة عن أحلاف سياسية غير مشتملة على أساسيات فكرية ومشاريع مستقبلية.

يبقى التيار الثاني تياراً انتقامياً من الدول ذات الاستقرار الأمني والتنموي، بصفتها تابعة للفرس في ولائهم وبعض من معتقداتهم الدينية (الشيعة).

بينما يعمل التيار الأول مدافعاً عن أرضه وحكوماته أمام اختراق فعلي على الأرض شمل استحواذ الإيرانيين على القرار السياسي في ثلاث دول عربية هي العراق، سوريا ولبنان، وجزء من اليمن.

وإذا عملنا على شخصنة هذه الولاءات في التيار الثاني، وجدنا (كثيراً) من منتسبي "الأخوان" يقفون إلى جانب الخطاب الإعلامي المضاد للتيار الأول وعلى الساحات والأنشطة السياسية المختلفة. وحقيقة، وقد كنت في جولة في فرنسا وإسبانيا والمغرب، لاحظت أن التيار الإيراني المؤَيد من منتسبي "الأخوان المسلمين" له دور رئيس في تشويه صورة المملكة والتيار الأول بصفة عامة. وقد أصبحوا يعتبرون الدفاع عن المملكة وأمنها الإقليمي ضد العدوان الإيراني والتمدد العسكري والإيديولوجي في المنطقة غزواً. فما أشبه الليلة بالبارحة، ففي الوقت التي كانت المملكة تدافع عن أمنها عام ١٩٦٢ إبان غزو الرئيس جمال عبد الناصر اليمن ومحاولة زعزعة استقرار المملكة وجزيرة العرب، ها هي إيران تقوم بالخطط والمحاولة نفسها، مدعومة بتيار الأخوان والشيعة الذين بدأوا يدركون خطر إيران، فتحركت الجماهير ضدها في العراق هذا الشهر، ما يؤشر الى انحسار المد الإيراني في المنطقة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم