الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هذه "الخيانة العظمى"!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هذه "الخيانة العظمى"!
هذه "الخيانة العظمى"!
A+ A-

مشكلة البيئة في لبنان، لماذا يجب أن تُربَط حلولها بتعقيدات النظام السياسي القائم، وبالأزمات السياسية، وبرجال السياسة؟ 

أعرف أن أهل الطبقة السياسية "متمسحون" (غالبيتهم الساحقة في الأقل).

هم لا يعنيهم سوى أنفسهم ومصالحهم المباشرة، بحيث "يبلعون" البحث عن تنفيذ الحلول البيئية، حتى في المناطق التي يُقتَل فيها ناخبوهم وأزلامهم وأصدقاؤهم وأقرباؤهم وأولادهم، مثلما يُقتَل خصومهم.

عال، أعرف ذلك. لكني لا أعرف لماذا لا يمكن الاتكال على الناس، على الرأي العام، على البشر، على "الضحايا"، في "إعلان العصيان المدني البيئي المفتوح".

أريد أن أعرف لماذا.

أستثني بالطبع من هذا السؤال – الاتهام، الأبطال الميامين الذين يحملون لواء الدفاع عن البيئة وثقافة المشهد والعمران وحياة الإنسان، في كلّ المناطق اللبنانية.

إلى هؤلاء، أرفع القبّعة، وأدعو لهم بأن يُمنَحوا الشجاعة الأدبية والأخلاقية والنضالية الكافية، لمواصلة عملهم البطولي الفذّ.

هؤلاء يستحقّون ما يستحقّه "القدّيسون" و"الأولياء" و"الأنبياء"، لا من الاحترام والتبجيل والتكريم فحسب، بل هم يستحقّون "الحماية والاحتضان والتبنّي"، بكل ما تعنيه هذه الكلمات الثلاث من معنى.

لكن، على مهل. على مهل.

أريد ان أسأل، وأريد أن أعرف، الآن، وفوراً، ودغري، ما الذي يمنع أياً كان، من وضع الأمور البيئية في نصابها في سلعاتا وشكا وأنفه وكفرحزير والكورة برمتها؟

ما الذي يمنع، ومَن الذي يمنع؟

أريد أن أعرف لماذا لا تُطبَّق الحلول التي توقف مسلسل الرعب والمرض والموت في هذه المنطقة الرائعة المنكوبة؟

منذ خمسين عاماً، بل منذ ستّين، وسبعين، وربما أكثر، يستمرّ العرض البيئيّ الجهنميّ القاتل، في هذه المنطقة، من دون توقّف.

بل أعتقد، في ضوء التجارب المرّة والمريرة والمخيِّبة، أن هذه المأساة ستستمرّ إلى ما شاء المستفيدون، أكانوا أصحاب شركات ومعامل، أم كانوا أصحاب مشاريع وصفقات، أم كانوا أبطال مافيات وخوّات، أم... كانوا سياسيين.

أريد أن أعرف فوراً، والآن، ودغري، ما الذي يمنع، ومَن الذي يمنع، إيجاد حلّ جذريّ لمشكلة النفايات والمطامر التي تنتشر بكلّ اعتزاز، وعنجهية، وافتخار، في بلد البخور واللبان، وفي كلّ المناطق اللبنانية، وفي القرى، والبلدات، والأودية، والأنهر، والجبال، والبساتين، والشواطئ؟!

ما الذي يمنع، ومَن الذي يمنع، تسكير المرامل والكسارات و"الحرائق المفتعلة"، و"منتجعات" الكرنيتنا، والكوستابرافا، والدامور، وصيدا، وطرابلس، والليطاني، وزحلة، وميروبا، وبيروت الكبرى، والضواحي، والشمال والجنوب والبقاع والجبل وعكار، والسلسلتين الشرقية والغربية، والبحر الأبيض المتوسط؟!

أريد أن أعرف الأن، وفوراً، ودغري، ما الذي يمنع، ومَن الذي يمنع، مباشرة تنفيذ الحلول الخلاّقة، الموجودة والجاهزة والمودعة في أيدي المسؤولين، كلّ المسؤولين، من أعلى الهرم إلى أسفله؟!

النظام السياسي، الطائفي، المذهبي، لا أمل فيه. هذا مفهوم.

لكنّ ربط الحلول البيئية بالحلول السياسية جريمةٌ وطنية. بل خيانة عظمى.

يجب فكّ الارتباط بين المسألتين. فوراً، والآن، ودغري.

هذه "الخيانة العظمى" يجب أن لا تمرّ مرور الكرام!

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم