الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

تحت رمال الشاطئ الذهبية، ميكروبات نائمة؟

المصدر: "النهار"
تحت رمال الشاطئ الذهبية، ميكروبات نائمة؟
تحت رمال الشاطئ الذهبية، ميكروبات نائمة؟
A+ A-


هناك مثل انكليزي يقول: "احذر أولئك الذين يركعون عند رجليك، لعلهم يريدون سحب البساط من تحت قدميك". عليك الحذر من رمال الشاطئ الذهبية الناعمة التي تداعب قدميك، إذ لعلها تخفي ميكروبات وفيروسات وفطريات متنوعة، وكلها قادرة على إصابتك بأمراض مختلفة، وفق ما ذكر موقع "topsante" الفرنسي.

يمثّل الشاطئ أحد أبرز أحلام عطلة الصيف، لكن تلك المساحات الرملية الواسعة عاشت فصولاً ثلاثة قبل مجيء الصيف، احتضنت أثناءها نظاماً بيئيّاً فريداً في نوعه. ووفق دراسة نشرتها مجلة "نايتشر" العلمية المرموقة أخيراً، يمكن لكل حبة رمل أن تخفي ما يتراوح بين 10 آلاف ومئة ألف ميكروب. وعلى رغم حقيقة أن معظم تلك الكائنات المجهرية الدقيقة هي مسالمة ولا تتسبب بأمراض، إلا أن حفنة منها تقدر على إحداث أمراض كثيرة. ووفق تلك الدراسة، يتمتع الرمل بمزايا معينة لجهة تخزين الكربون واحتضان مراحل أساسية في تنقل المغذيات عبر الشواطئ، إضافة الى خصائص مغناطيسية متنوعة. وتؤثر تلك الأمور على البيئة الميكروبية التي تعيش في الرمل، خصوصاً عند طبقاته السطحية، ما يجعلها نظاماً بيئياً متفرداً لكثير من أنواع البكتيريا.

كيف نحمي جسدنا؟

استناداً إلى تلك المعطيات، من المفضل دوماً ألا نتمدد بأجسادنا العارية على رمال الشاطئ مباشرة، بل نفصل بين أجسامنا والطبقات السطحية للرمال بمنشفة أو بطانية أو فرشة شاطئ أو ما يشابهها.

ومن الأشياء التي يميل إليها معظم الناس هو تغطية الجسم بالرمل، بل يلجأ كثيرون إلى ذلك لأنه يريحهم من أوجاع العضلات والمفاصل، ويعطيهم إحساساً مذهلاً بالاسترخاء، إضافة إلى استمتاعهم بأنهم يعاودون الاقتراب من الطبيعة التي هجروها طوال السنة. ولكن، لا بأس من توخي بعض الحذر أيضاً. يقول المثل "ليس كل ما يلمع ذهباً". وإذ تلتمع رمال الشاطئ، لا يحسبنّها أحد ذهباً، لكنها تغري باللعب معها. لنفكر لحظة أن دواخل الرمل الملتمع كالذهب، ربما أخفت دواهي مقلقة.

الرمال والكلاب وحمى تصيب الكبد

عقب عودتهما من إجازة صيف في جمهورية الدومينكان، لاحظ شخصان كنديان أن أقدامهما أصبحت أعشاشاً لديدان صغيرة من نوع الـ"آنكلوستوما" Anklostoma. وبصورة عامة، تعيش الـ"آنكلوستوما" في أمعاء الكلاب والقطط، لكنها تتسلل تحت جلد البشر عندما يتلامس مع رمال تكون "نائمة" في دواخلها. وتكثر تلك الديدان في المناطق المدارية الحارة.

وهناك "صداقة" تاريخية معروفة بين الإنسان والكلب، وصارت شواطئ كثيرة تسمح بدخول الكلاب إليها. ومجدداً، يستوجب الأمر بعض الحذر، خصوصاً من دودة "توكسوكار كانين" الطفيلية الصغيرة التي تستوطن أمعاء الصديق الوفي للبشر، وتستطيع بيوضها أن تعيش طويلاً تحت الطبقات السطحية لرمال الشواطئ. وعندما تتسلل إلى الجسم، تستكمل دورة حياتها، بل ربما وصلت إلى طول 18 سنتيمتراً. وتتسبب للبشر بحمى والتهاب تنفسي، وتضخم الكبد والطحال، واضطراب في البصر.

كلمة صغيرة إنصافاً للكلاب الوفية: لا إجماع علميّاً على نسبة انتقال تلك البيوض المؤذية من رمال الشواطئ إلى البشر. إذ نفته دراسة استرالية أجريت في 1984، ثم برهنت عليه دراسة فرنسية في تسعينات القرن العشرين، وبعدها، لم تُجرَ دراسات موسعة عنها!

كما احواض السباحة كذلك الشاطئ: إنها الطفيليات

هناك مجموعة من البكتيريات ينقلها البشر والحيوانات إلى رمال الشواطئ. ثمة نوع من البكتيريا اسمه "ستافيلوكوكس" يعيش في أنوف البشر وعلى جلودهم، لكنه ربما انتقل من تلك الأمكنة إلى دواخل الجسم عبر بعض أنواع المحار والقواقع البحرية التي تستعمل في إعداد بعض الأكلات الصيفية المميزة، خصوصاً عندما تؤكل نيئة. ويحدث الانتقال أيضاً بواسطة الصخور، عندما تصيب بعض الناس بجروح ما يؤدي إلى دخول تلك البكتيريا إلى الدم مباشرة. وظهرت دراسة أميركية عن ذلك في العام 2012 في مجلة "ووتر ريسرتش" ًWater Research ("بحوث المياه")، رصدت حدوث التهابات خطيرة ناجمة عن تلك البكتيريا عند عدد من رواد الشواطئ في كاليفورنيا.

وتضم دواخل رمال الشاطئ أنواعاً من البكتيريا تقدر على التسبب بإسهالات ونوبات حمى وقيء. وهناك أنواع من الفطريات التي يطيب لها إصابة جلد البشر، ويعرفها جيداً هواة السباحة، خصوصاً من يمارسون تلك الرياضة في المسابح. ويعني ذلك أن خطر الإصابة بتلك الميكروبات والفطريات هو أمر مشترك بين الشاطئ والبيسين. وينطبق الوصف نفسه على أنواع من الفيروسات، بعضها يصيب الأعضاء التناسلية الأنثوية، فيما تصيب الاخريات الجهاز الهضمي. ولعل أخطر أنواع الفيروسات التي ربما انتقلت إلينا من الأحواض المائية أو البحر المفتوح، هي تلك التي تتسبب في التهابات السحايا في الدماغ، خصوصاً عند الأطفال.





حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم