واشنطن تصعّد حملتها على إيران حرب كلامية وتشجيع الاحتجاجات

هدّد الرئيس الاميركي دونالد ترامب ايران بأنها ستتعرض لـ"عواقب وخيمة نادرا ما تعرض لها البعض عبر التاريخ" اذا واصلت تهديد الولايات المتحدة بالحرب، وذلك بعد ساعات من اتهام وزير الخارجية مايك بومبيو النظام الايراني بحكم ايران "وكأنه مافيا، أكثر مما هو حكومة"، مؤكدا وقوف حكومته وراء الحركة الشعبية الاحتجاجية في ايران.  

جاء هذا التصعيد في الحرب الكلامية بين البلدين قبل ثلاثة اسابيع من اعادة فرض العقوبات الاميركية المصرفية على ايران، والتي علقت بعد توقيع الاتفاق النووي الدولي عام 2015، وهو الاتفاق الذي انسحب منه ترامب في ايار. وسوف تفرض واشنطن عقوبات أقسى على ايران في تشرين الثاني المقبل لوقف صادراتها من النفط.

وورد تهديد ترامب في تغريدة رد فيها على خطاب القاه الرئيس الايراني حسن روحاني الاحد وحذر فيه من ان أي حرب اميركية على ايران سوف تكون "أم كل الحروب". ويعتقد ان لعودة ترامب الى مهاجمة ايران أكثر من سبب بينها انه يرغب في تحويل الانظار عن الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها بسبب ادائه الرديء والمحرج خلال قمة هلسنكي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

والتصعيد السياسي والاقتصادي ضد ايران هو جزء من حملة متكاملة تشنها الحكومة الاميركية على النظام الايراني وتشمل توسيع الحرب الاعلامية على اركان النظام بما في ذلك قناة تلفزيونية تبث بالفارسية 24 ساعة يومياً، الى تكثيف البث الاذاعي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للالتفاف على الرقابة التي تفرضها الحكومة الايرانية، كما أعلن بومبيو مساء الاحد في خطاب القاه في مكتبة الرئيس الراحل رونالد ريغان بولاية كاليفورنيا امام جمهور شمل ممثلين للجالية الايرانية الكبيرة في جنوب الولاية .

ومنذ أشهر تحاول ادارة ترامب استغلال الحركة الشعبية الاحتجاجية التي عمت مدناً ايرانية عدة ضد الفساد المستشري في البلاد وغلاء الاسعار ومعدلات البطالة العالية، والتي عكست أيضاً استياء شريحة من المواطنين الايرانيين من الانفاق الحكومي على تمويل العمليات العسكرية الايرانية في سوريا وتمويل ايران الميليشيات الشيعية المتعاونة معها في العراق واليمن ولبنان. ومن المتوقع ان تزداد الضغوط السياسية والاعلامية الاميركية على النظام الايراني مع اقتراب الذكرى الاربعين للثورة الايرانية في شباط 2019.

وركز بومبيو في خطابه على بعض هذه العوامل، حين وصف القادة الدينيين في ايران بـ"الخبث" واتهمهم بسرقة ثروات الشعب الايراني. وقال: "أحيانا يبدو العالم كأنه لم يعد يبالي بتسلط النظام في الداخل وحملات العنف التي يشنها في الخارج، لكن الشعب الايراني الفخور لن يبقى صامتاً إزاء انتهاكات حكومته ... والولايات المتحدة بقيادة الرئيس ترامب لن تبقى صامتة أيضاً. وفي ضوء هذه الاحتجاجات وطغيان النظام المستمر منذ اربعين سنة، لدي رسالة الى الشعب الايراني: الولايات المتحدة تستمع اليكم، الولايات المتحدة تدعمكم، والولايات المتحدة تقف معكم".

ودعا الى معاقبة اقطاب النظام الايراني وخصوصاً قادة الحرس الثوري وفيلق القدس مثل الجنرال قاسم سليماني الذين " يجب ان يشعروا بالعواقب المؤلمة لقراراتهم السيئة". وأضاف: " ونحن نطلب من كل أمة، من كل أمة تعبت من السلوك المدمر للجمهورية الاسلامية، أن تشارك في حملة الضغوط التي نشنها. وهذا النداء موجه بالتحديد الى حلفائنا في الشرق الاوسط وأوروبا، أي الشعوب ذاتها التي عانت ارهاب وعنف نشاطات النظام (الايراني) منذ عقود"

وتطرق بومبيو تفصيلاً الى استشراء الفساد في أوساط المسؤولين الايرانيين من رجال دين وسياسة، وللمرة الاولى تطرق تحدث عن ثروات بعضهم الضخمة بمن فيهم مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، الذي اتهمه بانه يملك صندوق تحوط hedge fund اسمه Setad بقيمة 90 مليار دولار. ولاحظ ان هذه الثروة التي جمعت بشكل غير شرعي لا تدفع الضرائب وتستخدم لتمويل الحرس الثوري. وتناول أيضاً رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، الذي قال ان ثروته تصل الى 300 مليون دولار جمعها من اختلاس المال العام. كما ذكر صادق محصولي الملقب "الجنرال الملياردير" الذي كان في السابق ضابطا فقيرا في الحرس الثوري ليجمع ثروة كبيرة عبر حصول على عقود للمقاولات وصفقات النفط لمصلحة الحرس الثوري مستخدما علاقاته الوثيقة مع الرئيس السابق محمود احمدي نجاد.

وعلى رغم ان دعوات بومبيو وغيره من السمؤولين المعروفين بمواقفهم المتشددة من النظام الايراني مثل مستشار الامن القومي جون بولتون، لا ترقى الى مستوى الدعوة المباشرة والصريحة الى تغيير النظام في طهران، الا ان تشجيعهم حركة الاحتجاج الشعبية، وتصعيد الحرب الاقتصادية والاعلامية والسياسية على النظام، يقتربان كثيراً من التحريض على اسقاط النظام الايراني.