الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ضد قمع الكل للكل... حرية التعبير في لبنان إلى الهاوية

محمود فقيه
محمود فقيه mahmoudfaqih
ضد قمع الكل للكل... حرية التعبير في لبنان إلى الهاوية
ضد قمع الكل للكل... حرية التعبير في لبنان إلى الهاوية
A+ A-

يتغنى اللبنانيون على الدوام بحرية الرأي والتعبير، لا بل تذهب حفنة منهم الى حد القول بأن الحرية والتسامح هما في صلب نشأة لبنان وتأسيسه. والحرية هذه كانت محط جدل دائم بين أبنائه رغم أنها كانت وما زالت منقوصة. 

اختلف تعاطي السلطات مع حق المواطنين بالتعبير عن آرائهم باختلاف التركيبة السياسية والأمنية التي حكمت لبنان على مدى عقود، وراوحت الإجراءات في فترات متفاوتة من القرن الماضي بين السجن والقمع وملاحقة أصحاب الرأي والغاء التظاهر وفي لحظات الذروة كانت المواجهات القاسية والعنيفة. 

في عصرنا بالطبع اختلفت النظرة الى حرية التعبير عن الرأي، فمع ثورة التكنولوجيا الرقمية بات حق التعبير وطنياً أكثر مما هو هبة من السلطات النافذة تحت مسميات وعناوين "حرية مكتسبة". 

لم يكن وقع صفحات التواصل الاجتماعي كوقع البيان الملصق سراً في الظلام على شوارع بيروت بالماضي بل أشد تأثيراً، واقتران الصوت والصورة مع النص بات يشكل خطراً على الكيان السياسي ككل، ولمسنا بطريقة مباشرة تأثير منصات التواصل الإجتماعي في المحيط والإقليم على مدى تسع سنوات. 

ومن هنا شكلت الثورة الرقمية هاجس رعب للقوى الحاكمة في لبنان، فاتفاق الطائف جعل الحكم كرافعة تقوم على ركائز الأحزاب السياسية التي ما ان يتهاوى أحدها تهاوت أعمدة الحكم كله. وعلى مدى 27 سنة من إعلان وقف اطلاق النار، وبسبب الاستئثار والتفرد بالسلطة استسهلت القوى الحاكمة التعاطي بالعنف من دون حسيب أو رقيب. 

قوى حاكمة اقتسمت البلد وقسمته على نحو مغانم ورعايا وكانتونات يستشرس فيها المواطن للدفاع عن حزبه وزعيمه ويمارس العنف والقتل أحياناً تحت غطاء الأحزاب وحتى من انسلخ عن أحزاب السلطة لكونه ضحية اكتسب طابع جلاده.

هذا ما نشهده اليوم حين يجرؤ أحد الفاعلين على السوشل ميديا ويعبر عن رأيه، لا تتحرك السلطة السياسية وحسب بل يرافقها كم هائل من المواطنين الذين يدافعون عنها ويهاجمون الناشط ويهددون أسرته وعمله وحياته. هذا هو القمع الأخطر في بلد تسوده شريعة الغاب ويغيب عنه مفهوم القانون والمؤسسات. ولا تقتصر ممارسات القمع على الحزبيّين بل من هم من غير المتحزبين الذين يمارسون لغة القمع على منصات التواصل الاجتماعي عبر التسخيف والتحقير للطرف الآخر مطالبين بحرية التعبير وهم اول من يتخطاها ويقفز فوق مستلزماتها.

أخيراً، من الملاحظ أن حالات الاستجواب والاستجلاب للكثير من المغرّدين والمدونين بتهمة المس بالقانون والتطاول على رئاسة الدولة قد ازدادت، وبات مشهداً مألوفاً في منصات التواصل الاجتماعي حين نرى صور الاستدعاءات واوراق الإبلاغ وطلب الحضور الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. 

الحملة ضد القمع ودعم حرية التعبير أمر مشروع، إلا أن ثغراً كثيرة يجب أن توضّح في أن حرية التعبير يجب أن تترافق مع احترام الشخص والرأي الآخر، الجهر بالإهانة والقدح والذم ليست حرية تعبير بقدر ما هي إهانة. المطلوب مناهضة قمع الحريات وضبط المتهورين تحت منصة التواصل الاجتماعي كي يفهموا ما معنى الحرية وما معنى التعبير.

ولأجل ذلك أنعش إعلاميون ومواطنون تحركاً ضد القمع وتقليص الحريات، ودعوا الى التجمع عند الساعة السابعة من عصر يوم غد الثلثاء في ساحة الشهيد سمير قصير وسط بيروت. 

جاءت الدعوة احتجاجاً على توالي الاعتقالات والتوقيفات على خلفية كتابات او منشورات في صفحات التواصل الاجتماعي، تتعلق بآرائهم ومواقفهم من الطبقة السياسية الحاكمة، وخصوصاً أن الدعوة قد جاءت بعدما استدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية المواطن إيلي الخوري للتحقيق معه على خلفية منشور في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي #فايسبوك توجه فيه إلى رئيس الجمهورية #ميشال_عون.

المنظمون أطلقوا وسم #ضد_القمع، واستهلوا دعوتهم الافتراضية بما يأتي: "يشهد لبنان تراجعاً غير مسبوق في #حرية_التعبير وفي مستوى الحريات بكل اشكالها. منذ قرابة سنتين تتوالى الاعتقالات والتوقيفات على خلفية كتابات او منشورات في صفحات التواصل الاجتماعي. ويتواصل توقيف صحافيين وناشطين لأسباب تتعلق بآرائهم ومواقفهم من الطبقة السياسية الحاكمة ومن ملفات الفساد المتراكمة. الحريات في خطر، وكأن البلاد تعود الى زمن الدولة الامنية. بناء على ذلك، ودفاعا عن حرياتنا وعن حقنا في التعبير بما يكفله الدستور، نطلق نحن، مجموعة من المواطنين، دعوة عامة لاعتصام سلمي في حديقة سمير قصير في وسط بيروت، الساعة السابعة من مساء الثلثاء 24 تموز تحت شعار #ضدالقمع، ولنرفع الصوت عالياً ايماناً منا بما تبقى من ديموقراطية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم