الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

رسالة غير شخصية إلى إيلينا فالنتسيانو رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان

عقل العويط
عقل العويط
رسالة غير شخصية إلى إيلينا فالنتسيانو رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان
رسالة غير شخصية إلى إيلينا فالنتسيانو رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في لبنان
A+ A-

سيدتي الكريمة، 

تحية وبعد،

يشرّفني كمواطن وكصحافي لبناني، أن أتوجه إليكِ بهذه الرسالة غير الشخصية، في ضوء التقرير التقويمي الذي نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي عن ملاحظاتها حول مسار الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في لبنان.

قرأتُ التقرير بانتباهٍ شديد، وتوقفتُ عند النقاطة المختلفة التي أثارها، وخصوصاً منها تركيزه على الجوانب الإيجابية في مسألة قانون الانتخاب النسبي الذي تم إقراره، والإجراءات والتعديلات في شأن الساتر، وطبع اللوائح مسبقاً، وما إلى ذلك من مفاعيل عملانية نوعية رافقت العملية الانتخابية برمتها.

وبقدر ما استرعاني هذا الجانب في التقرير، استرعتني لغته الديبلوماسية، الفضفاضة، المجامِلة، والملتبسة، وهي اللغة التي قد يصحّ بها أن تسم العلاقات بين الدول والجهات الرسمية، ولا يجوز أن يتسم بها عمل الجهات الرقابية الحيادية، ولغتها، وخطابها، وملاحظاتها.

يهمّني كثيراً، أن ألفت شخصكِ الكريم، بصفتكِ رئيسةً لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، إلى أن هذه اللغة الرجراجة والفضفاضة – وأكاد أقول المتواطئة -، كانت ذات وقع سلبي على مواطن وصحافي مثلي، وعلى الكثيرين من مواطنيَّ الاعتراضيين الأحرار، غير المنتمين إلى أحزاب الطبقة السياسية، وتياراتها، ولا إلى مكوّنات السلطة التقليدية في لبنان.

يؤسفني أن تمثّل هذه اللغة، لغة التقرير، التي يُخجلني أن أجد فيها الانحياز أكثر مما أجد فيها الحياد، سمةً عامةً وجوهريةً في هذه الوثيقة، الأمر الذي يُفقِد البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات صدقيتها إلى حدّ بعيد، وحياديتها، ونزاهتها، والأمال الكبيرة التي كانت معقودةً عليها.

كم كان ليكون مشرّفاً، لو أن تقرير البعثة توقّف عند الانتهاكات الجوهرية الخطيرة التي مسّت العملية الانتخابية، في الشكل وفي المضمون، وأصابتها في الصميم، ونزعت عنها الدور الأساسي المنوط بها، وهو ضمان أن يكون استفتاء الناخبات والناخبين حرّاً، ديموقراطياً، عادلاً، مساوياً بين الجميع، الجميع بدون استثناء، وخصوصاً لجهة الفرص المتساوية بين المرشحات والمرشحين، واللوائح، أكان لجهة الإعلام أو لجهة المصاريف الانتخابية، أو – خصوصاً - لجهة حياد السلطة، وتسخير أجهزتها لصالح الأطراف المنضوين فيها.

من المهين جداً لنا – ولا أتردّد في استخدام صيغة الجميع - أن نكتشف في طيّات التقرير، نوعاً مضمراً، بل أحياناً ظاهراً، من الاعتراف بصدقية هذه الانتخابات، ونزاهتها، وحياديتها، وديموقراطيتها، في الوقت الذي انغمست فيه السلطة التنفيذية، بوزرائها المرشّحين، وبأحزابها وتياراتها، وبكل أدواتها ووسائلها، دعماً لمرشحين ولوائح دون سواهم، وتغطيةً لتجاوزاتهم وارتكاباتهم في مجالات الإعلام والرشوة والتزوير والتلاعب والضغوط المختلفة.

يمكنني، يا سيدتي، أن أحيل البعثة الأوروبية على أكثر من 700 انتهاك علني فاضح، رافق العملية الانتخابية، وثّقتها الهيئة اللبنانية لمراقبة الانتخابات.

ألم يكن يجدر بالبعثة الأوروبية، أن تأخذ علماً بهذه الانتهاكات، وهي لا بدّ عالمةٌ بها، لإجراء المقتضى في ضوئها، وذلك من أجل أن يأتي تقريرها المخيِّب جداً هذا، أكثر أمانةً للمهمة الملقاة على عاتقها؟!

رجائي، يا سيدتي، أن تتقبلي هذه الملاحظات المريرة، من مواطنٍ لبناني، نذر قلمه، ليس من أجل طبقةٍ سياسية، أو حكمٍ، أو حكومةٍ، أو فريقٍ سياسي، أو حظوةٍ مادية أو معنوية، بل فقط من أجل الحرية والديموقراطية والقيم الأخلاقية في العمل السياسي والوطني.

وتفضلي بقبول فائق الاحترام.

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم