الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

غريغ شابيرو الفائز بـ"أوسكار" أفضل منتج لـ"النهار": الأفلام التي تُكلِّف بين ٢٠ و٥٠ مليوناً هي التي تعاني

المصدر: "النهار"
غريغ شابيرو الفائز بـ"أوسكار" أفضل منتج لـ"النهار": الأفلام التي تُكلِّف بين ٢٠ و٥٠ مليوناً هي التي تعاني
غريغ شابيرو الفائز بـ"أوسكار" أفضل منتج لـ"النهار": الأفلام التي تُكلِّف بين ٢٠ و٥٠ مليوناً هي التي تعاني
A+ A-

يسألني المنتج الأميركي #غريغ_شابيرو عن الأوضاع في الشرق الأوسط. ثم يخبرني بأنه يعرف "المنطقة" جيداً. فهو صوّر فيها فيلمين و"أمضى في ربوعها الكثير من الوقت"، كما يقول في جلسة صباحية جمعتني به خلال الدورة الأخيرة من مهرجان كارلوفي فاري السينمائي (٢٩ حزيران - ٧ تموز). في العام ٢٠٠٧، صوّر شابيرو في #الأردن،"خزان الألم" ثم "نصف ساعة بعد منتصف الليل"، وكلاهما للمخرجة الأميركية كاثرين بيغلو التي أبهرني فيلمها الأخير "ديترويت"، فسمعته يقول انه سيُفرحها معرفة ذلك، وخصوصاً انه تحطّم على شباك التذاكر الأميركية.


"ذهبنا إلى الأردن بدعوة من الملك. في مرحلة، كنّا نفكّر في التصوير في #المغرب، لكن كاثرين كانت ترى أن الأردن أقرب إلى بغداد (حيث تجري أحداث الفيلم). ولكن لم يكن في عمّان الكثير من التجهيزات. فأتينا بها من بيروت. للمناسبة، المرة الأولى زرت فيها بيروت كانتفي ٢٠٠٧. في اطار سياحة. كنّا برفقة بطلي "خزان الألم"، جيريمي رينر وأنتوني ماكي. أقمنا في بيروت طوال ويك أند. كانت إقامة ممتعة، والبلاد كانت تعيش فترة الانتخابات الرئاسية بعد حرب تموز. مدينة جميلة". 


يتكرر "خزان الألم" في الحديث مع شابيرو كذروة مسيرته الإنتاجية. فالفيلم المذكور منح المنتج البالغ من العمر ٤٥ عاماً، "أوسكار" أفضل منتج. وليس أحدث انتاجاته، "سيرينيتي"، لستيفن نايت مع ماثيو ماكونوهي وآن هاتاواي وديان لاين الذي تم تصويره في جزيرة موريس، أقل مدعاة للفخر عند هذا الشاب الطموح الذي يتنقل بين سينما جماهيرية واخرى نخبوية. في سجل شابيرو كذلك: "المهاجرة" لجيمس غراي. 


يحملني فضولي إلى ان أسأله: "ما الذي يميز العمل مع بيغلو عنن العمل مع غيرها؟". "التزامها الكامل والشامل في الشيء الذي تقوم به. والمتعة التي تتولد من النحو الذي تعمل فيه. الدينامية التي تنشرها في موقع التصوير. كلّ شيء ينبض بالحياة بشكل متواصل. لا يهم اذا كان تصوير مشهد أكشن كبير أو شخصين يتحدثان أحدهما مع الآخر. فهي تصوّر بثلاث أو أربع كاميرات طوال الوقت. هذا ما يحمّسني ويولّد طاقة من نوع آخر خلال التصوير. طبعاً، هناك أفلامها، فهي لا تتوقف عن معالجة قضايا، مستلهمةً أحداثاً تجري حالياً في عالمنا، بدءاً من "خزان الألم" الذي صُوِّر في حمأة الأحداث العراقية، ثم "نصف ساعة بعد منتصف الليل" الذي تزامن مع القبض على بن لادن، وصولاً إلى "ديترويت" الذي خرج في خضم النقاش حول التمييز العنصري في الولايات المتحدة، اذ كان في الصالات مباشرة بعد فوز ترامب بالرئاسة وأثناء صعود حركة "بلاك لايفز ماتر". 


يجرّنا هذا إلى الحديث عن صعوبة تمويل الأفلام ذات الموازنة المتوسطة. "هل هذا صحيح؟"، أسأله. "نعم، صحيح جداً. في الأصل، من الصعب تمويل أي فيلم. لكن الاستوديوات تستثمر أكثر في الأفلام الضخمة التي تعجب المراهقين. أما الأفلام التي يرتادها الكبار في السنّ، فأصبحت هامشية، لم تعد شعبية كما في السابق. أما الأفلام الصغيرة المستقلة فهناك دائماً مَن يدعمها، ويكفي ان نرى انها وصلت إلى الـ"أوسكار" في السنوات الأخيرة. يبقى ان الأفلام التي تُكلف بين ٢٠ و٥٠ مليون دولار هي التي تعاني من مشكلة. هذه أفلام تربيتُ عليها. كانت جزءاً كبيراً ممّا تصنعه الاستوديوات، لكنها انتهت اليوم. جزء منها هاجر إلى التلفزيون الذي يشهد أعمالاً جيدة تتولاها "أمازون" و"نتفليكس" بشكل أساسي". 

 عن الجدل حول "نتفليكس"، يطلب إليّ شابيرو عندما أسأله عن رأيه فيه، أن أوضّح ماذا أقصد بكلمة "جدل"، كأنه يريد تفادي الخوض في هذه المسألة الشائكة. فأوضح: "هل ما تفعله "نتفليكس" عدلٌ، أي إخراج الأفلام مباشرةً على منصّتها؟ "لا أعرف، أشاهد "نتفليكس"كثيراً وأعتقد انها تقدّم أفضل مادة تلفزيوينة في تاريخ التلفزيون. وأعتقد ان الأفلام التي تنتجها هي أيضاً بالجودة نفسها، وقد تتحسن. لم أعمل لحسابهم حتى الآن، لكنني أتطلع إلى ذلك. في الحقيقة، بعض الأفلام يمكن مشاهدتها في المنزل ولا حاجة للذهاب إلى السينما من أجلها. في المقابل، يحلو لي الذهاب إلى السينما لمشاهدة الكوميديا مثلاً التي استمتع بمشاهدتها في الصالة لمشاركة الآخرين الضحك والغبطة. هذا يعزز التجربة. الكثير من الأفلام تهاجر إلى "نتفليكس"، لا أعرف ما هو موقفي من هذا الشأن، لكني لا أعتقد انه سيكون سبباً لإقفال الصالات. فالناس لا تزال في حاجة للخروج من المنزل. أنا أعمل في بزنس الأفلام، أشاهدها كلها في عروض خاصة، ومع ذلك أخرج لمشاهدتها مع الناس. انه لشيء مسلٍّ الخروج ليل الجمعة أو السبت إلى السينما".  


كثرٌ هم السينمائيون الذين يحلم شابيرو في العمل وإياهم، حد انه لا يعرف اذا كان ممكناً تسمية أحدهم ليترأس القائمة. "سؤال جميل! لم أفكّر فيه يوماً. لا أعرف. لم أتماه إلى الآن مع أي مخرج". عندما أرمي أمامه اسم ترنس ماليك أنتبه فوراً انه من السينمائيين الذين خسروا المال في أفلامه الأخيرة، لكنه يخبرني انه كان موجوداً في موقع تصوير "الخط الأحمر الرفيع" من خلال العمل مساعداً لنيك نولتي. "لم أعمل مباشرة مع ماليك، لكنني شهدتُ التصوير. كان ماليك رائعاً. ألهمني بشكل كبير. كان يوقف تصوير المشهد في منتصفه ليعود اليه بعد أيام وأسابيع. كان صعباً لبعض الممثلين ولكن نيك استمتع".  

 في أوروبا، يوجد بين السينمائيين مَن يثير اهتمامه: "معظمهم إنكيلز". عن طريقة العمل وهل تختلف كثيراً عن الطريقة الأميركية، يقول: "لا اعتقد ان الفرق كبير. الفرق في الموازنة التي تكون أكبر عندنا. سبق ان أنجزتُ أفلاماً في أوروبا، ومنها فيلم تم تصويره في تشيكيا عنوانه "طفل ٤٤" لدانيال سبينوزا مع توم هاردي. كان فيلماً هوليوودياً. وأنا الآن في قلب محادثات مع منتج تشيكي لإنتاج فيلم صغير وجدته مثيراً ومحمّساً. أنا عموماً منفتح على كلّ شيء". 


يعتبر شابيرو ان المخرج حتى عندما تخسر أفلامه لمرات متتالية، هناكدائماً مَن يهتم به وينتشله من "محنته" بإنتاج أحدث أعماله. "ولكن انتبه"، ينبّهني شابيرو، "فالموازنة تصبح أقلّ فأقلّ بعد كلّ خسارة مادية، وتصبح الأمور أصعب على المخرج". وعليه، هل يوجد مَن يثير فضوله من بين السينمائيين العرب؟ "نعم، ناجي أبو نوار. هل تعرفه؟ تعرفتُ إليه خلال إنجاز "خزان الألم". ثم هناك طارق صالح. أحب فيلمه "حادثة نايل هيلتون" جداً. أتأمل ان نشهد ولادة سينمائيين سعوديين قريباً". أحاول معرفة رأيه بزياد دويري، الا انه كان عليَّ ان أذكّره بعنوان "قضية رقم ٢٣" بالإنكليزي، كي يعرف عمَن أتحدث. 


يعترف شابيرو بأنه يتلقى الكثير من السيناريوات من جميع أنحاء العالم. "أقرأ كثيراً. أقرأها كلها، وبنفسي. لا أثق بالآخرين، على رغم ذكائهم الشديد. لا يمكنني تكوين رأي بناءً على رأي الآخرين. لذا، عليَّان أتأكد بنفسي. فنحن في شركتي نقرأ ما يقارب الستين سيناريواً في الاسبوع. أقرأ عشرة منها بنفسي. ثم أنصت إلى آراء الآخرين بما قرأوه. لا أحبّ "التغطية". أقصد بالتغطية عندما يقرأ أحدهم سيناريواًثم يكتب لك خلاصة عنه. هذا لا يجدي معي".  


بـ"نعم" قاطعة يردّ شابيرو عندما أسأله اذا كان إنتاج فيلم اليوم أصعب ممّا كان قبل عقد ونصف العقد على سبيل المثل. "خصوصاً الفيلم المستقل. هذا يتعلق بواقع دولي عام. أصبح جمع المال من مصادر دولية أصعب. لا تنسى أيضاً وقع الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام ٢٠٠٨. لكن الأمور إلى تحسن. معركتي كمنتج هي التوفيق بين الاستوديو والمخرج. لكن المخرج هو مسؤوليتي الأولى".  


ماذا عن تراجع كلفة إنجاز الفيلم الذي أتاحته التقنيات الحديثة الخفيفة؟ "هذا ممكن، لكنه يعني ان الناس يقبضون أقل. ولأن "نتفليكس" تدفع الكثير من المال لهم، فلن يعملوا لك. المواهب الكبيرة مكلفة. ثم هناك الترويج. أغلب الأفلام التي أنجزتها، الحملة الدعائية لها كانت أكثر كلفة من إنجازها. والآن، انتقلت الحملة الدعائية إلى مواقع التواصل وتستهدف المهتم مباشرة، وهذا لم يكن ممكناً في السابق". 


عن إمكان إقناع نجم للتمثيل في فيلم ذي موازنة ضئيلة، يقول شابيرو بأن المسألة ليست صعبة اذا امتلكتَ مادة جيدة. "أعتقد أن المواد الجيدة ليست بتلك الكثرة. فليس أمام بعض النجوم سوى أفلام "مارفل". هذه الأفلام توفّر لهم مصاريفهم وتقدّمهم إلى جمهور عالمي واسع، ولكن في الوقت نفسه لديهم نزعة فنية ويريدون سرد الحكايات. الـ"بلوكباسترات" لا تضمن لهم تلك الحميمية. لا أعرف ممثلة لا تطمح إلى التمثيل في دراما صغيرة مشوقة".   


في ختام اللقاء مع شابيرو، كان لا بد من التعليق على الخطاب السياسي الذي قدّمه تيم روبينز في كارلوفي فاري ليلة الافتتاح في مناسبة تكريمه. خطاب موجّه ضد دونالد ترامب أعجب شابيرو كثيراً. "من الصعب على الفنان ان يحيّد نفسه عن السياسة، وخصوصاً لشخص مثل روبينز الذي كان دائماً يعلن مواقفه بوضوح. أبهرني ما قاله. أعتقد ان على الناس ان تعبّر، والا انزلقنا في نظام مستبد كذاك الذي اختبرتموه في الشرق الأوسط. هذا جديد علينا. لذا، مهم للناس من الطرفين ان يعبروا عن آرائهم".  


ولكن، هل الأمور بتلك الخطورة التي يلمّح إليها شابيرو: "نعم. أعتقد ذلك، الا انني متأكد من اننا سنخرج منها. في الوقت الحالي الناس غاضبون، وهذا حقهم!". 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم