السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

مصر تشهد "أكبر موجة" أخبار كاذبة في تاريخها... ما السبب؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
مصر تشهد "أكبر موجة" أخبار كاذبة في تاريخها... ما السبب؟
مصر تشهد "أكبر موجة" أخبار كاذبة في تاريخها... ما السبب؟
A+ A-

قال نائب في البرلمان المصري، إن الأشهر الثلاثة الأخيرة شهدت انتشار 60 ألف شائعة في مصر، مؤكدا أن هذه أكبر موجة من الأخبار الكاذبة تشهدها الدولة منذ عهد محمد علي. وبينما رأى أن تلك الشائعات تستهدف التشكيك في الإنجازات التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية، أشار البعض إلى أن سر انتشار الأخبار الكاذبة هو غياب الشفافية، وتأخر صدور قانون حرية تداول المعلومات، الذي ما زال قيد الدراسة في مجلس النواب.

واتخذت السلطات المصرية مجموعة من الإجراءات، لمواجهة الشائعات المنتشرة في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. ومن بين تلك الإجراءات سن تشريعات جديدة، وتخصيص النيابة العامة أرقام هواتف لتلقي البلاغات عن الأخبار الكاذبة عبر تطبيق "واتس آب" والرسائل النصية القصيرة.

وحجبت القاهرة أكثر من 500 موقع إلكتروني، تقول وسائل إعلام محلية إنها تابعة لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تصنفها الحكومة منظمة إرهابية، إلى جانب مواقع تصدرها جهات وشخصيات محلية ودولية، تتهمها القاهرة بنشر أخبار ومعلومات مضللة، تهدد الأمن القومي.

وكان النائب محمد العقاد قال في بيان أمس: "إن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت 60 ألف شائعة أطلقها المغرضون للتشكيك في حجم الإنجازات التي شهدتها مصر في السنوات الأربع الأخيرة، حيث تم تنفيذ أكثر من 11 ألف مشروع قومي بتكلفة تصل إلى 2.3 تريليوني جنيه، وهذا إنجاز لم تشهده مصر في تاريخها على مر العصور".

الرد الفوري ضروري

تقول الدكتورة ماجدة باجنيد، رئيسة قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام في "جامعة الأهرام الكندية" بالقاهرة لـ"النهار": "تخصصي الأساسي هو الأخبار، ولهذا أقول إن أي خبر أو معلومة تنشر لا بد أن يكون هناك رد فوري عليها من الجهة المسؤولة، إذا كان الخبر صحيحا يتم تأكيده، وإذا كان مزيفا يتم نفيه وتصحيحه، لأن غياب الشفافية يضر بالبلد كله، والشباب سوف يستمع الى هذه الشائعات، وقد يشعر بعدم الانتماء الى الدولة مع تكرار هذه الأخبار الكاذبة، وهذا أخطر شيء يمكن أن يحدث للشباب والبلد كله".

وتضيف: "النصف متعلمون يعرضون البلد للخطر، الناس التي تتحدث في السوشيال ميديا، والبعض منهم للأسف محسوبون على المثقفين، والبعض صحافيون، والبعض شخصيات مؤثرة، وبالتالي هم يمثلون قدوة للجمهور، لهذا يجب أن ترد الجهات المختصة فورا على ما يثار عبر شبكات التواصل الاجتماعي".

وتتابع باجنيد التي عملت أستاذة في الجامعة الأميركية في القاهرة لسنوات: "بعض من يقومون بنشر الأخبار لا يتأكدون من مدى صحتها، لا بد للصحافيين والإعلاميين من التأكد من صحة الأخبار قبل نشرها. وهذه المشكلة لا تتعلق بالصحافة المحلية أو الإقليمية فحسب، ولكنها وصلت إلى الصحافة الدولية أيضا. على سبيل المثال، حين تنشر BBC أو CNN خبرا في عجالة، وتقول إن لاعب كرة القدم المصري نجم نادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح سوف يعتزل الكرة، ثم يكذب صلاح ما نشر، فهذا خبر بسيط، ولكن أهميته أن هذا اللاعب نجم، يهتم به الجمهور في مصر، فهو يشكل مصدر أمل، وحين يقول إنه سوف يعتزل، فإن الملايين سوف يشعرون بفقدان الأمل، وتكذيب الخبر يهز صدقية الإعلام في المجتمع".



ضعف الحقيقة

ويقول مدير "منتدى الإسكندرية للإعلام" أحمد عصمت لـ"النهار": "لا اعرف آلية جمع البيانات التي اعتمد عليها التقرير الذي أعلنه النائب، ولم اطلع علي التقرير نفسه، ولكن تابعت التقارير الصحفية المنشورة عنه، ومن الواضح وضوح الشمس أننا نعيش فترة صعبة أصبحت فيها الحقيقة ضعيفة وتحتاج إلي إثبات نفسها، وأصبح إطلاق الشائعات أسهل من شربة ماء، واعتقد أن المزاج العام هو السبب في ذلك من جهة التصديق لما يطلق من شائعات".

ويضيف عصمت: "إن صدور قانون حرية تداول المعلومات مهم، لكن الموضوع حاليا أبعد من القانون، الفكرة أن هناك حاجة لوعي جمعي يستطيع فرز الغث من السمين، ليس لدينا خط عام واضح يستطيع تميز الصحيح من الخطأ، وانتشار الأخبار حاليا لا يتعلق بالصحافة فقط، لكن يتعلق أكثر بالناس نفسها. الأدوات الجديدة تحتاج أساليب تعامل جديدة".

ومشكلة الأخبار الكاذبة باتت أزمة عالمية، تجلت بوضوح بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2016، ويرى بعض الخبراء والمتخصصين أن شبكات التواصل الاجتماعي، وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، والبرمجيات الحديثة، خاصة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ساهمت بشكل كبير في توسعة انتشار الشائعات، وجعلت كشف بعضها أكثر صعوبا، خاصة وأن التزييف وصل إلى مقاطع الفيديو، التي يتم انتاجها بتقينات عالية الجودة.

وتشير دراسة أميركية، أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، نشرت مؤخرا، أن فرص انتشار الأخبار الكاذبة تزيد على فرص مثيلتها الصحيحة بنسبة تتجاوز 70%. ومن بين العوامل المساعدة التي أشارت إليها الدراسة، هي إعادة إرسال تلك الأخبار بين المستخدمين، وخاصة بين دوائر الأصدقاء والمعارف. وأوضحت الدراسة التي أجريت على 126 ألف تغريدة نشرت بين عامي 2006 و2017 باللغة الإنجليزية، أن المحتوى السياسي، كان الأوسع انتشار بين الموضوعات التي تناولتها التغريدات.

وما زال الجهات الرسمية والمتخصصون يبذلون جهودا للتصدي لهذه الظاهرة التي تحدث بلبلة في الرأي العام، وقد حاولت شبكات التواصل الاجتماعي، ومنظمات التحقق من الأخبار لعب دور فعال في هذه الأزمة، لكن فيما يبدو فإن اليد العليا ما زالت للشائعات.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم