الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ضمانات القروض معركة شرسة ربحناها ضد "الليكود" واللوبي اليهودي

المصدر: "النهار"
Bookmark
ضمانات القروض معركة شرسة ربحناها ضد "الليكود" واللوبي اليهودي
ضمانات القروض معركة شرسة ربحناها ضد "الليكود" واللوبي اليهودي
A+ A-
في هذه الحلقة ال 39 التي تمثل الجزء الثاني من الفصل ال29 من مذكرات وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بايكر، يروي المؤلف تفاصيل المعركة بين ادارة الرئيس جورج بوش و"اللوبي" اليهودي في الولايات المتحدة الذي كان ينسق مع حكومة "الليكود" الاسرائيلية برئاسة اسحق شامير للحصول على ضمانات قروض اميركية بعشرة مليارات دولار لاستخدامها في اقامة مستوطنات على الاراضي المحتلة بما يهدد عملية السلام. وقد انتهت هذه المعركة بهزيمة اللوبي اليهودي وحكومة شامير و"الليكود" مما أتاح لاسحق رابين وحكومته العمالية تجاوز عقبات كبيرة وسيطرة رغبة السلام... و"النهار" تنشر هذه المذكرات بالتعاون مع "الشرق الاوسط". لو اردنا قول الحقيقة لاعترفنا باننا كنا جميعا نأمل في اختفاء مسألة ضمانات القروض في هدوء. ولكنها بدلا من ذلك عاودت الظهور على السطح في اسوأ لحظة ممكنة. ومن المفارقات انه بينما بدت احتمالات احلال السلام في الشرق الاوسط اشد لمعانا في صيف عام 1991، كان طيف المواجهة في شأن المستوطنات وضمانات القروض يحوم فوق عملية السلام كالشبح، مهددا بالقضاء على التقدم الذي احرز منذ نهاية الحرب. لقد كان من الضروري ايجاد طريقة ما لابقاء المسألة ساكنة حتى نهاية السنة. ولعل الحجة السياسية الاشد فاعلية والتي تدعو للارجاء، كانت تنطوي على خاصة ايجابية اضافية تكمن في انها صحيحة. والا فان عملية السلام كانت مهددة بان تضيع سدى. وخلال الزيارات التي قمت بها الى الشرق الاوسط في الربيع والخريف، كان كل زعيم عربي التقيته يعبر عن عدم رضائه عن احتمالات تقديم الضمانات على القروض في غياب بعض الضوابط على عملية بناء المستوطنات. الفلسطينيون تحديدا كانوا ثائرين حيال تلك الاحتمالات، اما الاعتراضات التي سمعتها من الرئىس مبارك والملك فهد فقد كانت عملية اكثر منها ايديولوجية. وقد احتجا بقولهما ان الضمانات اصبحت بمثابة اختبار للحياد الاميركي حيال عملية السلام. في لقائنا الذي انعقد في تموز قال الملك فهد: "يا صديقي ان صدقيتكم كوسيط نزيه هي اهم ورقة يمكنكم ان تلعبوها. افهم التزام بلادكم بقاء اسرائيل. ولكن هذه مسألة اجرائية لا علاقة لها بالبقاء. إن عليكم ان تتمتعوا بالصدقية اللازمة". كنت اعلم انه على حق. فمن دون تجميد شامل لعملية بناء المستوطنات، الامر الذي كان مستحيلا من الناحية الواقعية، فان برنامج ضمانات قروض في الحجم الذي كانت اسرائيل تسعى للحصول عليه، لا بد ان ينظر اليه في العالم العربي على اساس انه يعبر عن موافقة اميركية مالية على برنامج "الليكود" الاقليمي. وتضاف الى ذلك خشيته من ان يبدو راضيا عن ذلك البرنامج. في المقابل فان خلافا علنيا حول المستوطنات قد يقنع شامير بان عليه ان يرفض المشاركة في عملية السلام، ومن ثم يدعو الى اجراء انتخابات جديدة. وفي اختصار كان التعامل مع مسألة الضمانات وجها لوجه فكرة لا تنطوي على عناصر النجاح، اذ لم يكن هذا كفيلا تجنب خسارة الاسرائيليين او العرب. وعلى اية حال فان الامر كان لا بد ان يؤدي الى القضاء على عملية السلام. في منتصف الصيف نبهنا حلفاؤنا في الكونغرس الى ان اسرائيل ومنظمة "ايباك" (تجمع المنظمات اليهودية) كانتا تمهدان القاعدة اللازمة من اجل شن هجوم شامل لكسب موافقة الكونغرس على الحصول على عشرة مليارات دولار في صيغة ضمانات قروض، سواء اوافقت الادارة ام لم توافق. بدأ دنيس روس وجانيت مولنز بعقد لقاءات مع توم داين ومسؤولين اخرين بارزين في "ايباك"، محاولين اقناعهم بان توقيت حملتهم كان سيئاً جدا، وان ارجاء الموضوع كان افضل من قتال كان سينتهي بوضع يخسر فيه جميع الاطراف. ولكن هذه اللقاءات فشلت في اقناع "ايباك". وحتى عندما ابلغ توم داين وزملاؤه ان الرئيس سيقاتل اذا احتاج الامر، لم يصدقوا ذلك، بل ان هؤلاء سرعان ما قاموا بابلاغ شامير ان الرئيس ليست لديه الارادة السياسية لمواجهة "ايباك"، وانه في جميع الاحوال لا بد ان يرضخ للقوة التشريعية الهائلة على الفور. في شهر آب كانت "ايباك" قد طرحت مسودة مشروع للتداول امام اصدقائها في الكونغرس، وزادت من عمليات "الكولسة"(Lobbying ) مع زعمائه، وقد تبين لنا ان استراتيجيا "ايباك" كانت تقوم على اقناع جورج ميتشيل زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، وتوم فولي الناطق باسم المجلس، بالموافقة على الضمانات ومواجهة الرئيس بالامر الواقع. وهكذا لم يعد لنا من خيار سوى ان نقوم بشن حملتنا الاستراتيجية الاستباقية. في 27 آب وضعت مولنز تلك الاستراتيجيا في مذكرة استوعبت في صفحة واحدة، وجاء في المذكرة: "الخطوة الاولى تكمن في التأكد من ان زعامة الكونغرس تدرك ان الاجراءات الجارية الان حول ضمانات القروض ستكون وبالا على عملية السلام. واكثر من ذلك فسنصر على ان مسؤولية ذلك ستقع على عاتق الكونغرس مباشرة". واضافت انه في هذه الظروف بالذات، "اعتقد ان ثمة فرصة في ان ننجح في اقناع زعماء الكونغرس بان استكمال هذه الاجراءات الان سيكون خطره شديدا عليهم من الناحية السياسية، ولهذا علينا ان ننجز عملية الاقناع قبل ان يكونوا قد افصحوا عن تأييدهم لتلك الاجراءات علنا". اتصلت من مزرعتي في وايومنغ بكل من ميتشيل وفولي في اواخر شهر آب لابلغهما رسالة بسيطة: "هلا منحتما السلام فرصة؟". كما قلت لهما انني عندما سألتقي شامير خلال اسبوعين، فانني اود ان اتمكن من ان اخبره ان الكونغرس، حرصا منه على تحرك عملية السلام، قد ايد الرئيس في عزمه على تأجيل البحث في الموضوع. واضفت انه نظرا الى ان موعد عقد مؤتمر السلام قد تحدد في اواخر تشرين الاول، فان هذا سيتيح لنا الوقت الكافي لتفعيله اولا وعلى نحو لا رجعة عنه، وذلك قبل ان تطفو على السطح مشكلة المستوطنات والضمانات وما تنطوي عليه من اثارة للعواطف. واوضحت ان اي تصرف يقصر عما عرضته، لا بد ان يكون وبالا على عملية السلام، فاذا نحن مضينا في عملية اعطاء ضمانات القروض خسرنا العرب، واذا نحن رفضنا الضمانات خسرنا اسرائيل. وقلت لهما ان هذه هي "الخطوة الوحيدة الاشد اهمية والتي يمكنكما اتخاذها في هذه المرحلة من اجل اطلاق مفاوضات السلام التاريخية تلك". في اول ايام شهر ايلول، الساعة الثانية عشرة و45 دقيقة حسب توقيت روكي ماونتين، اتصلت بشامير هاتفيا من مكتبي في وايومنغ، وابلغته اننا عندما وافقنا على البحث مجددا في موضوع ضمانات القروض في ايلول لم اكن اتصور اننا كنا قريبين من المفاوضات المباشرة مع العرب الى هذا الحد، اما الان فثمة احتمال حقيقي في ان ينعقد مؤتمر اقليمي للسلام في شهر تشرين الاول بصيغة مفاوضات مباشرة مع العرب، جيران اسرائيل. وهذا ما كانت اسرائيل تسعى اليه باستمرار. وقلت: "نريد ان نحصل منك على مزيد من الوقت. اذا نحن تقدمنا في موضوع القروض الان فاننا سنهدد بذلك احتمال انعقاد المفاوضات المباشرة. اريد تجنب اي بحث...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم