الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الخطر كبير من المكب إلى المسبح الشعبي في الميناء... بداية الحلّ "على الطريق"

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
الخطر كبير من المكب إلى المسبح الشعبي في الميناء... بداية الحلّ "على الطريق"
الخطر كبير من المكب إلى المسبح الشعبي في الميناء... بداية الحلّ "على الطريق"
A+ A-

عند الطرف الشمالي لساحل مدينة الميناء، يجري بصورة دائمة، تفاعل من أخطر أصناف التلوث، وهو الناجم عن تفاعل سيول مصب نهر أبو علي، والعصارة التي يفرزها جبل مكب #النفايات الواقع عند المصب بالتمام. 


في انحداره من مغارته "قاديشا" الواقعة في منحدر جبل المكمل بين مدينة بشري، ومنطقة الأرز، على علو يناهز الألف وسبعمئة متر عن سطح البحر، وجارياً في الوديان، يعبر نهر قاديشا، الذي يصبح نهر "أبو علي" في طرابلس، العديد من القرى والبلدات في أقضية بشري وزغرتا والكورة، ثم يعبر مدينة طرابلس وصولاً إلى مصبه فيها.  


يشكل النهر متنفساً للسكان لتصريف أقنيتهم حيث تغيب شبكات الصرف الصحي، ورغم إنشاء العديد من الشبكات، ما زال المجرى يستوعب كميات كبيرة من السيول الوافدة من أمكنة عديدة. 


وعندما يعبر مدينة طرابلس، كثيراً ما يشكل مصباً لسيول الأقنية التابعة لبعض الأحياء المجاورة له، ولرمي النفايات، خصوصاً منها نفايات سوق الخضار، فيتحول المجرى إلى مكب صغير قائم بذاته.   

وجبل النفايات يفرز عصارته التي تصب في المصب، فتتحول مياه البحر إلى مادة لزجة ثقيلة يمكن أن تزود كل المتوسط بما يكفيه من ملوثات غير دقيقة التحديد نظرا لغياب الفحوص الدائمة للمياه. 


وعلى مقربة من الطرف الجنوبي لشاطيء الميناء، يقع المسبح الشعبي الذي تصب فيه دون توقف، قناة لسيول الصرف الصحي لأحياء عدة من المدينة، ترفد المسبح بالسيول الملوثة، مثلها مثل العديد من القنوات المشابهة المنتشرة على طول الشاطئ، تغذي مختلف نقاطه بالملوثات، وتنبعث منها الروائح النتنة، ولا يعرف مدى انعكاسها على الهواء، والصحة العامة، حيث لم يعلن عن إجراء أية عملية فحص علمية مركزة للواقع القائم، بين مياه البحر والهواء، وتفاعلاتهما، ولا عن نتائجها.  


وفي نقطة شبه وسيطة بين المصب والمكب من جهة، والمسبح الشعبي من جهة ثانية، يقوم قبالة بلدية الميناء حوض الصيادين المقفل بهدف صد الرياح، وأنواء الشتاء ورفع أذاها عن زوارق الصيادين ومراكبهم. لكن الحريصين على مصلحة الصيادين بنية طيبة لم يأخذوا بعين الاعتبار احتمال تحول الحوض إلى مستنقع مقفل، تصب فيه أقنية الصرف الصحي، وتتكثف محتوياتها في الحوض ليتحول إلى مياه عكرة بصورة دائمة. ولا غرابة في القول- إلى مستنقع شبه مقفل - حيث جرى، في فترة لاحقة لإنشائه، شق فتحة إلى الجهة الجنوبية منه، تسمح بدخول المياه إليه، فتخفف نسبة التلوث، وتكسر بعضاً من كثافتها.  

وعلى طول الشاطئ، تنتشر الأقنية التي كانت، يوم أنشئت منتصف القرن الماضي، وما قبله، حلاً لسيول مدينة كانت صغيرة مقارنة باليوم، وأقل عدداً، وكل واحدة منها امتدت أكثر من ستين مترا داخل المياه، وفق هندسة فرنسية أتى بها الانتداب في زمنه، ومع مرور الوقت، واستحداث الرصيف من بقايا ركام الأحداث أوائل الثمانينات، زالت المسافة الفاصلة بين طرف الاقنية، والشاطئ، وصارت السيول تصب منها على الشاطئ مباشرة، وأكثر ما يظهر ذلك بصورة جلية عند قناة الصرف الصحي قرب مدرسة مار الياس، آخر شارع بور سعيد.  

أمكنة عدة تصب فيها سيول الصرف الصحي على شاطئ الميناء، تستنزف جماله، وتهتك احتمال تحوله إلى احد أجمل المتنزهات، ومجال الاستثمار السياحي- البيئي، تنبعث منه الروائح الكريهة بصورة دائمة، وكثيرا ما يضطر رواد الشاطئ، وهواة المشي، على الاقتصار في سيرهم على مسافة صغيرة بين قناتين، إذا أرادوا الابتعاد عن الروائح الكريهة، لكن دون شك، ليس حماية أنفسهم من مفاعيل التلوث، والملوثات الكثيفة على الشاطئ.  


وفي عودة لمشكلة المكب التي لم تعد خافية على أحد، فقد بات المكب يشكل مشكلة كبيرة تهدد الصحة العامة في المدينة، وإذا كانت مفاعيل الصرف الصحي موضعية، وتجري على مقربة من حدوثها على الشاطئ، فإن المكب بات مصدراً للتلوث الهوائي بصورة جلية لا يختلف اثنان على تفاقمها، وبلوغها نسبة عالية لم تعد محتملة، ينشرها المكب إلى أنحاء بعيدة تغطي كل مناطق وأحياء المدينة، وتتجاوزها إلى الجوار. ومشكلة المكب المتفاقمة تنضم إلى أزمة النفايات "الوطنية" المستعصية على الحل في كل لبنان، لتضم طرابلس إلى بقية المدن المتضررة من النفايات وجبالها المتصاعدة باطراد. 

 ولا بد من التذكير أن مكب النفايات في طرابلس ارتفع إلى أكثر من 42 متراً، بينما سمح مخططه أن يرتفع فقط إلى 29 متراً، والمسافة الزائدة، والمتزايدة، تشكل خطر الانهيار في كل لحظة مهددة المدينة بكارثة بيئية غير مضبوطة النتائج. ذلك، عدا عن بقية المشاكل التي يعانيها المكب كتصدع جدران الدعم، وتصريف عصارته، ووقف انبعاث روائحه المستحيل. 


بعد الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت منذ سنتين، عاد إلى سدة الرئاسة في بلدية الميناء رجل كان السبب في إنشاء الرصيف في الثمانينات، وأبدى الحرص الكبير على مدينته، وفور وصوله وضع مخططا لتنظيم الرصيف، واستصلاح الشاطيء، وكانت أولى خطواته إزالة الأكشاك، والمقاهي المخالفة على الرصيف، على أن يبدأ العمل في إنشاء قناة جمع لمختلف الأقنية، تنقل سيولها إلى محطة تكرير جرى الحديث عنها مرارا، وهي تقع على مقربة من مصب النهر، بين الميناء والبداوي.  

علم الدين  


رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين أفاد "النهار" أن العمل بدأ بإنشاء قناة تجميع سيول الصرف الصحي لنقلها إلى محطة التصفية وذلك بتمويل من "الصندوق الكويتي للتنمية"، ويرتقب أن يستغرق العمل ما بين سنة وسنة ونصف السنة، وتنتهي بعدها مشكلة الأقنية على الشاطئ". 

عن المسبح الشعبي أعلن علم الدين أن بلدية الميناء اتخذت قراراً بإقفاله منذ سنوات بانتظار حل مشكلة الصرف الصحي، ولا يزال القرار سارياً. أما استخدامه من بعض المواطنين فهو يتم بطريقة مخالفة للقرار، ولا نستطيع فتح المسبح إلا بعد إنجاز مشروع الأقنية".


وعن المعضلة الكبرى التي هي المكب، قال إن مجلس الانماء والإعمار لزم أعمال إقامة مكب صغير جديد قرب القديم، لكي يستوعب النفايات، وقد اتخذ اتحاد بلديات الفيحاء قراراً بإقفال المكب الحالي فور جهوز المكب الجديد ولن يستغرق ذلك أكثر من ثلاثة اشهر في ابعد تقدير".  

وأفاد علم الدين أن "النفايات المتراكمة في المكب ستعالج في معمل التفكك الحراري الجاري تجهيزه، وأن حل النفايات بطرابلس وضع على الطريق، ومن الآن وحتى سنتين من اليوم لن يكون هناك مشكلة نفايات في المدينة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم