الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الصحافيون في مناطق النزاع: لعبة مصير بين الواجب والشغف

المصدر: "النهار"
زينة حريز
A+ A-

في زمن شبكات التواصل الاجتماعية، تواجه الصحافة اكثر من أي زمن مضى تحدي مفهوم "الخبر السريع"، خصوصاً في مناطق النزاع. هذا التحدي اضافة الى تحديات صحافية اخرى، كانت مدار بحث خلال الندوة التي نظمها مكتب الشرق الاوسط التابع للوكالة الجامعية للفرنكوفونية في إطار الجائزة الاقليمية للصحافة الفرنكوفونية المصورة "أنا في العشرين و..."، تحت عنوان "الممارسات والتحدّيات التي تواجه الصحافيين في مناطق النزاع" في مركز بيروت الدولي للمعارض – بيال.


أدار الندوة المستديرة جوزيف مكرزل، مالك مجلة "الدبور"، وتحدث خلالها لويس ليما، الصحافي في صحيفة "Le Temps" السويسرية، أيمن مهنا وهو المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير، بالاضافة الى أمينة سر وممثلة جمعية الصحافيين الفرنكوفونيين لدى وزارة الداخلية يمنى شكر غريب.


تتشابك في الآونة الاخيرة معاني عدة لـ"المهمة الصحافية"، بالاخص في بلدان الشرق الاوسط حيث "الربيع العربي"و"ثورات" الدم والحرية. وبالنسبة للأستاذ جوزيف مكرزل، "الصحافي الحقيقي هو من يذهب الى ساحة المعركة لكي يبلغنا الخبر الصحيح المؤكد، سانحاً لنا رؤية وفهم الحدث عن بعد وبصورة أوضح"، فيصبح "جندياً للحرية والاصالة الصحافية"، محولاً عمله من مجرد مهنة، لـ"شغفٍ قد يقربه من مصيرٍ مميت في بعض الاحيان"، تماماً كمصير الصحفيين الفرنسيين غيزلان ديبون وكلود فيرلون اللذين قتلا في الثاني من تشرين الثاني الحالي شمال مالي. بالتالي، إكراماً لعملهما وإستشهدهما، أعلن مكرزل عن إهداء عنوان هذا اللقاء لهما ولـ"مسيرتهما الصحافية النزيهة"، تلتها دقيقة صمت عن أرواحهما.


ثم تحدث الصحافي في صحيفة "Le Temps" السويسرية وصاحب كتاب "Couvrir le désastre: Un regard sur l'Intifada"، عن تجربته الصحافية في فلسطين، والمصاعب التي تواجه الصحافي على أرض الصراع الفلسطيني، واصفاً تلك الحرب بـ"الكارثة" على صعيد العنف وإستمراره عبر السنين، حيث "يصعب على الصحافي تغطية الاحداث والتنقل دون أن يصاب بأذى". كما أشار ليما الى "كارثية" الوضع الصحافي في سوريا، موضحاً أن النزاع السياسي هناك يشكل "كارثة ضخمة"، وأنه لم يعد يوجد صحافيون أجانب في سوريا، موضحاً أن "لا شيء يوازي صحافيٍ على أرض الحدث". واضاف: "من المستحيل التحدث عن سوريا اليوم دون الذهاب إليها، ولكن الذهاب إاليها هو المستحيل، فهي أصبحت مقبرة". فبالنسبة لليما هناك "سوريا الماضي وسوريا الكارثة اليوم"، وأنه حتى لو كثر "الصحافيون" أو الـ"Bloggers" على شبكات التواصل الاجتماعي، فـهم "يفتقدون للاحترافية والمصداقية الصحافية".


وعلى هامش الندوة، سألت "النهار" ليما عن إمكانية سفره لتغطية صحافية على أرض النزاع السوري ، فأجاب: "لا أمانع الفكرة، بل أطمح إليها وآمل أن أستطيع السفر في أقرب فرصةٍ ممكنة.. فواجبي الصحافي يناديني". وعن سؤالنا "هل هناك فرق بين عمل الصحافييْن العربي والاوروبي؟"، أوضح ليما أنه لا فارق بين صحافي عربي أو أجنبي طالما أنه "يمارس عمله بصدق ومصداقية تتطابق مع أسس العمل الصحافي ككل". واوضح أنه "من الاسهل على أرض النزاع التعرف وإستهداف صحافي ذي معالم أجنبية عن صحافي عربي أسمر وشعره أسود"، مشيراً الى أن الاخير، و"بسبب تعاطفه الديني أو المناطقي على أرض النزاع، خصوصاً في بلده، قد يفتقد لمصداقية الصحافي الاجنبي الذي يرى الامور عن بعد، أي بموضوعية أكبر".


أما المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير، أيمن مهنـا، فيرى أن "حرية التعبير موجودة وتشكل عنصراً إيجابياً في العمل الصحافي اللبناني" ولكن الامر لايخلو من العراقيل، فـ"صحافيو لبنان يتعرضون لتهديدات ومحاولات قتل كالتي أودت بحياة الصحافي الشهيد سمير قصير وغيره". واوضح أن "من أول الاسس الخاطئة في مجتمعنا الحصانة أو الإفلات من العقاب"، مشيراً بالارقام الى أنه، وفي سنة 2012 فقط، تم رصد "55 إعتداء على صحافيين لبنانيين خلال ممارسة عملهم في مناطق لبنانية لأسباب سياسية وطائفية (...) ولم تتم محاسبة أي طرف".


أما عن سوريا، و هي "البلد الاخطر للصحافيين اليوم"، أشار مهنا أنه "تم خطف 19 صحافياً حتى الآن في سوريا، وهم من جنسيات عدة، بينهم الصحافي اللبناني سمير كساب". واضاف أنه "لا يمكننا فصل حرية التعبير عن حرية ممارسة المهنة"، وأنه أمام الصحافيين اليوم 4 تحديات وهي: أولاً غياب ألامن وهو واقع يفرض المزيد من هدر دماء الصحافيين، ثانياً: علاقة الصحافي مع المؤسسة التي يعمل لديها، فـ"بعض الوكالات إلايطالية والاسبانية تدفع 70 أورو فقط مقابل تقرير عن حمص أو حلب"، وأن لـ"اسباب مادية أو أمنية يقوم البعض بشراء مقالات من "Free lancers" أو مراسلين، يفتقدون للمصداقية، وذلك لقاء مبالغ زهيدة". فمن نصدق؟


أما التحدي الثالث فهو "علاقة الصحافيين مع دولهم "، وأخيراً هناك نوع آخر وأخطر من التحديات وهو "إمكانية التعرض لصدمة نفسية".
"الناس يريدون دوماً رؤية الدم"، الا ان أمينة سر وممثلة جمعية الصحافيين الفرنكوفونيين لدى وزارة الداخلية، يمنى شكر غريب، ترى أن "مهمة الصحافي ليست صنع الصدمات، بل نقل الحقيقة كما هي وحيثما وجدت". لذلك "يجب دوماً التأكد من الخبر، إن وجدنا أو لم نوجد على أرض الحدث، وهو ليس بالعمل السهل، ولكنه أساسياً لضمير وكرامة الصحافي".


وبعد نهاية الندوة، منحت جائزة "أنا في العشرين و..."، بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس مكتب الشرق الاوسط التابع للوكالة الجامعية للفرنكوفونية الى الطالبة مايا خضرة من جامعة "روح القدس" عن مقالتها " Un jour, ils auront 20 ans"، والطالبة جينا الاشقر من الجامعة اليسوعية عن مقالتها "Je pense donc je suis".



خضرة قالت لـ"النهار" أن مقالتها جاءت نتيجة "تعاطف وإدراك للحالة المزرية التي تحكم عيش النازحين السوريين"، الذين نقلت مآسيهم في مناطق لبنانية عدة. أما لجنة حكم الجائزة فقد ضمت جوزيف مكرزل، لويس ليما، أيمن مهنا، روزيت فاضل، رولا دوغلاس، وألسا شرباتي.


[email protected] 


Twitter: @Zeinah5  

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم