الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بولتون يلتقي ببوتين ... تغيير موقف أم تحصين موقع؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بولتون يلتقي ببوتين ... تغيير موقف أم تحصين موقع؟
بولتون يلتقي ببوتين ... تغيير موقف أم تحصين موقع؟
A+ A-

ليس تفصيلاً أن يختار #ترامب بولتون كي يمهّد للقمّة التاريخيّة في #هلسينكي. والأمر لا يتعلّق فقط بهذا الكلام الصادر عنه حين كان لا يزال معلّقاً سياسيّاً ل "فوكس نيوز" ردّاً على سؤال بشأن لقاء ترامب بنظيره الروسيّ فلاديمير #بوتين خلال قمّة هامبورغ في تمّوز 2017. في ذلك الوقت، سألته الإعلاميّة لورا إنغرام عن قول وزير الخارجيّة السابق ريكس تيليرسون إنّ بوتين نفى التدخّل الروسيّ في الانتخابات الأميركيّة. ثمّ عقّبت مبتسمة: "صادم أن ينفي ذلك". بولتون الذي كان مبتسماً أيضاً ردّ بذاك التعليق مشيراً إلى أنّ هذا كان أهمّ خلاصة لذلك الاجتماع.


"عمل حربيّ"

يُعدّ #بولتون من صقور الإدارة الأميركيّة في الملفّ الروسيّ. فهو كتب في الشهر نفسه مقال رأي في صحيفة "ذا دايلي تيليغراف" حيث كرّر تعليقه عن "كذب" بوتين مضيفاً أنّ التفاوض مع الرئيس الروسيّ يجب أن يكون على المسؤوليّة الشخصيّة للمفاوض. وخلال إحدى محاضراته في شباط الماضي، وصف التدخّل الروسيّ في الانتخابات بأنّه "عمل حربيّ" داعياً ترامب لتوضيح أنّه لن يدع #روسيا أو أيّ دولة أخرى تتدخّل في الانتخابات الأميركيّة. ورأى أنّ الردّ يجب أن يكون في المجال السيبيري وفي غيره من المجالات لكن أيضاً بطريقة "غير متناسبة" تدفع الخصوم "إلى عدم التفكير بذلك".


تهرّب من الأسئلة؟

لم تمنع النظرة المتشدّدة تجاه الروس والتي تمتدّ إلى ملفّات توتّر أخرى حول العالم الرئيس الأميركيّ من إيفاد صاحبها إلى موسكو للقاء بوتين. لكنّها لم تمنع الصحافيّين المشكّكين من سؤال بولتون عن توقيت عن آرائه السابقة تجاه روسيا. فبعد الاجتماع مع بوتين قال بولتون في مؤتمر صحافيّ إنّ الرئيسين يعتقدان أنّه بإمكانهما التوصل إلى حلول بغضّ النظر عن الخلافات بين البلدين و "أودّ أن أسمع أحداً يقول إنّ هذه فكرة سيّئة". عندها سأله مراسل "سي أن أن" ماثيو تشانس عمّا إذا كان قد غيّر موقفه السابق بأنّ "سياسة أمن قوميّ مبنيّة على إيمان بأنّ أنظمة مثل روسيا ستفي بالتزاماتها محكومة بالفشل". فأجاب بأنّ وظيفته ليست في تلخيص مئات آلاف الكلمات التي قالها وكتبها خلال مسيرته والتي يعاد استحضارها على مسامعه، علماً أنّه يقدّر ذلك كما أوضح. وأشار تشانس إلى أنّ بولتون كان يبذل أقصى جهد كي "يتفادى" الإجابة على أسئلته.


"خسارة نفوذ"؟

بالنظر إلى وضعه داخل البيت الأبيض مؤخّراً، لم يكن أمام بولتون الكثير من الخيارات أمام مهمّته في روسيا. على الأرجح، لا يزال يحتفظ بالرؤية نفسها تجاه #موسكو، لكن لم يكن بإمكانه رفض اللقاء مع الرئيس الروسيّ لعلمه أنّ ترامب مصمّم منذ فترة طويلة على عقد لقاء مباشر مع بوتين. بالتالي، كان بإمكان الرئيس الأميركيّ أن يرسل موفداً آخر إلى روسيا لكنّ وضع بولتون كان ليكون أصعب في الإدارة الحاليّة. وكتبت كريستينا مازا تقريراً في مجلّة نيوزويك أوائل الشهر الحاليّ، أشارت فيه إلى أنّ بولتون "يخسر النفوذ" داخل البيت الأبيض. وبسبب حديثه عن "النموذج الليبي" يبدو أنّ ترامب فضّل تسليم ملفّ كوريا الشماليّة إلى وزير خارجيّته الجديد مايك #بومبيو، وقد لفتت الكاتبة النظر إلى غياب بولتون عن اجتماع ترامب مع المبعوث الكوريّ الشماليّ كيم جونغ شول في واشنطن أواخر أيّار الماضي.

لكن ليس واضحاً تماماً ما إذا كان ترامب قد "أزاح" بولتون عن الملفّ الكوريّ بسبب هذا التصريح، خصوصاً أنّ نائبه مايك بنس استخدم أيضاً العبارة نفسها وقد هاجمته حينها بشدّة مساعدة وزير خارجيّة كوريا الشماليّة. يضاف إلى ذلك أنّ ترامب سلّم بومبيو الملفّ الكوريّ حتى قبل موافقة الكونغرس على تعيينه في منصبه الجديد. بالرغم من ذلك، شكّلت زيارة بولتون لموسكو فرصة كي يعيد تعزيز دوره داخل البيت الأبيض بصرف النظر عن صحّة الكلام عن تقلّص حجم نفوذه من عدمها. ففي حين أنّه قد لا يستسيغ اللقاء ببوتين، يبقى على بولتون مراعاة بعض القواعد في إدارة معروفة بغياب الاستقرار داخلها.


تفادي مصير مشابه

حين تمّ تعيين بولتون مستشاراً لشؤون الأمن القوميّ رأى المسؤول السابق في وزارة الدفاع خلال عهد أوباما ديريك شولي أنّ وجود السفير الأسبق في الأمم المتّحدة في منصبه الجديد لن ينتهي بطريقة جيّدة. وكتب في موقع "ديفنس وان" الأميركيّ أنّ المستشار الجديد ليس الرجل الذي يمكنه أن ينتمي إلى فريق عمل حيث كان وجوده في الفريق الديبلوماسيّ لوزير الخارجيّة كولن باول مثيراً للاضطرابات. وإضافة إلى مواجهته صعوبات في العمل المشترك بين مختلف الوكالات، لا يتمتّع بولتون بالخبرة في العمل العسكريّ والاستخباريّ، لذلك، إنّ حلوله المرتبطة بشنّ الحروب لن تكسبه أصداء جيّدة داخل البنتاغون. وتابع شولي متوقعاً أن تتدهور العلاقات بين ترامب وبولتون لاحقاً خصوصاً أنّ سياساتهما متناقضة مع احتمال أن تغضب آراء الأخير القاعدة الشعبيّة للرئيس الأميركيّ.

في النهاية، يدرك بولتون أنّ بإمكان ترامب الاستغناء عنه تماماً كما استغنى عن سلفيه في هذا المنصب. لا يدلّ اجتماع بولتون بالرئيس الروسيّ إلى أنّه غيّر رأيه بالضرورة، فهو يظلّ مستشار ترامب لشؤون الأمن القوميّ، لا متّخذ القرار النهائيّ فيها. من هنا، ربّما قد يستفيد بولتون من الذهاب إلى روسيا عبر تقديم تنازل شكليّ لترامب مقابل اكتساب حصانة جوهريّة كي يبقى في منصبه، لأطول فترة ممكنة.





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم