الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"تفاهم معراب" رَوحة بلا رجعة إن شاء الله!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
"تفاهم معراب" رَوحة بلا رجعة إن شاء الله!
"تفاهم معراب" رَوحة بلا رجعة إن شاء الله!
A+ A-

حسناً فعل فخامة الرئيس في بيانه، أمس. حسناً يفعل كلّ يوم، ببيانٍ أو من دون بيان. وحسناً سيفعل بالتأكيد، غداً وبعد غد، وإلى ما شاء الدهر.

المسألة ليست مسألة خلافات بين "تيّار" و"قوّات"، أو بين جبران وسمير، مع حفظ الألقاب. إن الرئيس بالذات، هو الذي وجودُه ومقامُه في الدقّ، وصلاحياته هي التي في هذا الدقّ. لذا، لا لزوم للفّ والدوران، أو للتأويل والالتباس والغموض، في شأن المواقف والقرارات والمراسيم، داخل مجلس الوزراء وخارجه، وفي مسألة تأليف الحكومة، وحصة الرئيس فيها، وفي مقدّمها حصته بعددٍ من الوزراء لتكريس التوازن، ولتوصيل أفكاره وآرائه، ولا سيما منها ما يرفع قيمة لبنان الحضارية والثقافية والفكرية والعلمية والروحية بين الأمم، فضلاً عن حصته في نيابة رئاسة الحكومة. عسى في هذا الباب بالذات، أن يأتينا برجلٍ (لِم لا بامرأة تكون الأولى في تاريخ لبنان) رؤيويّ، نظيف الكفّ، مستقيم الرأي، فقير الحال، آدميّ، مرتقٍ إلى مناصبه بعرق الجبين فحسب، حافظٍ للدستور، مطبِّقٍ للقوانين، متشدِّدٍ في مسألة قطع دابر الفساد وغسل الأموال والتهريب، عالِم بالفكرة اللبنانية، وبمعنى الكينونة اللبنانية، وبلزوم نقل لبنان إلى حياة دستورية ومدنية تحترم الإنسان.

المسألة هنا، يا سيّدات ويا سادة. إنها صلاحية الرئيس في إصدار مرسوم التجنيس، وفي مسألة "المشاركة" في إبرام العقود، وتلزيم بواخر الكهرباء، أو في تعيين المديرين العامين، أو السفراء والقناصل.

فليعلم الجميع بهذا، وليعلموا خصوصاً أن الرئيس هو الذي في الدقّ، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

نقطة على السطر.

الرئيس موجود في كلّ مكان، وفي كلّ شيء. بل يجب أن يكون موجوداً على هذه السويّة بالذات. فالجمهورية هكذا تكون، أو "لعمرها ما تكون". الرئاسة خصوصاً.

لذا، كان لا بدّ من أن يصدر بيانٌ حاسمٌ عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، كبيان يوم أمس، لدحض التخمينات والتكهنات في ما اتخذه رئيس الجمهورية من مواقف وقرارات، أو في ما ينوي اتخاذه منها، أو في ما يجب أن يفعله في هذه المسألة أو تلك، وخصوصاً ما يتصل بتفسير الدستور واتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية، وإلى آخره.

والحال هذه، ربّما يفضي ذلك – يا ريت - إلى إطلاق رصاصة الرحمة على "تفاهم معراب". فأن تُطلَق هذه الرصاصة الآن، خيرٌ من أن لا تُطلَق أبداً.

والحال هذه، عسى يُصلّى على جثمان "تفاهم معراب" المشؤوم، الذي أفضى إلى تبادل القبلات اليهوذية بين "التيّار" و"القوّات"، وسدل الستار الموهوم على العداوات والحروب والاقتتالات بين "الأخوة في الدين".

قبّح الله ساعة ذلك "التفاهم"، ومفاعيلها.

عسى يكون ما يجري حالياً في شأن اهتزاز مصير "تفاهم معراب"، فاتحةً لإلغاء كلّ التفاهمات المماثلة التي خرّبت لبنان، وقوّضت مجتمعه، وحياته الوطنية والسياسية، وقيمه ومعاييره، ودستوره، والقانون فيه.

ابتداءً بـ"تفاهم مار مخايل" بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر"، مروراً بـ"الاتفاق الرباعي" السيئ الذكر، وبكل اتفاق مذهبي وطائفي، من مثل اتفاق التفاهم الثنائي الشيعي بين حركة "أمل" و"حزب الله"، والاتفاق بين "تيّار المستقبل" و"التيّار الوطني الحرّ"، الذي نحصد مفاعيله الوطنية والاقتصادية والاجتماعية و"المالية" الجميلة، بما يعود بالخير على موقّعي كلّ اتفاقٍ من هذا النوع، أو من غيره.

ألا قبّح الله هذه الاتفاقات والتفاهمات، التي إن دلّت على شيء، فإنما تدلّ على أنها تقزّم لبنان، وتقترع على ثوبه، وكيانه، وسيادته، وقانونه، ومصيره (التوطين والتجنيس وما إليهما)، ودستوره (الطائف إلى أين؟!) وأهله، وشعبه، وشبابه، وتجعل البلاد برمّتها عرضةً للمقايضة في سوق النخاسة المحلية والعربية والإقليمية والدولية.

في 10 تشرين الأول 2017، كتبتُ في "النهار" مقالاً عنوانه "التفاهمات الأربعة التي خرّبت لبنان". أدعوكم إلى قراءته مجدداً في ضوء زمن صدوره، وبالمقارنة مع ما يجري اليوم، ومع ما يحدث من مفاعيل، وخصوصاً مفاعيل "تفاهم معراب" الذي أفضى في جملة ما أفضى إليه، إلى تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية الحالي، وتأليف حكومة تصريف الأعمال القائمة حالياً، وانتخاب مجلس النواب الحالي.

الرئيس القوي يكون قوياً بالدستور. بتطبيقه. وبتكريس السيادة الوطنية لجيشه على كلّ أرض لبنان وترابه، وبقطع دابر الفساد.

ولِم لا، كبرهان حسن نية (أو كبرهان قوة!)، يكون الرئيس قوياً بفرض إلغاء مشروع "إيدن باي" من أساسه.

... أما "تفاهم معراب" فرَوحة بلا رجعة إن شاء الله.

عقبال بقية التفاهمات!

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم