الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لماذا تعزّز الحضور السياسيّ للمعارضة التركيّة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
لماذا تعزّز الحضور السياسيّ للمعارضة التركيّة؟
لماذا تعزّز الحضور السياسيّ للمعارضة التركيّة؟
A+ A-

وتبقى مراقبة متانة تحالف الأحزاب المعارضة خلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة في 8 تمّوز المقبل، إذا لم يتمكّن أيّ مرشّح من الحصول على ما يفوق 50% من الأصوات. لكن مع بقاء حال الطوارئ على حالها، ما الذي تغيّر حتى تمكّنت المعارضة التركيّة من خلط الأوراق الانتخابيّة؟


القانون الانتخابيّ

في آذار الماضي، أقرّ البرلمان التركيّ قانوناً سمح بإقامة تحالفات انتخابيّة بين الأحزاب، الأمر الذي سمح لتلك الصغيرة أن تتخطّى مسألة القلق من صعوبة تأمين عتبة 10% من الأصوات المفروضة على أيّ حزب كي يتمثّل في المجلس التشريعيّ. صوّت "حزب العدالة والتنمية" على هذا القانون من أجل ضمان دخول حليفه "حزب الحركة القوميّة" إلى البرلمان بعد مخاوف من إمكانيّة عدم حصوله على تلك النسبة. لكنّ إعلان الأحزاب المعارضة التحالف بين أبرز أطرافها صعّب الأمور على الحزب الحاكم.


تنوّع في التحالف؟

لم تتوحّد المعارضة بناء على تطابق الرؤى السياسيّة العامّة. فهي على سبيل المثال تضمّ "حزب الشعب الجمهوريّ" العلمانيّ التوجّه وحزب "السعادة" الإسلاميّ. كذلك، يرتكز "تحالف الشعب" الذي يضمّ "حزب العدالة والتنمية" و"حزب الحركة القوميّة" و"حزب الوحدة الكبرى" إلى أسس قوميّة، والأمر نفسه ينطبق على "الحزب الجيّد" أحد أطراف "التحالف الوطنيّ" (المعارضة).



في وقت قد يرى البعض أنّ هذا المشهد السياسيّ هو أقرب إلى تحالف ظرفيّ ومصلحيّ لمواجهة أردوغان، يشير كمال كيريشي وكوتاي أونايلي في "معهد بروكينغز" إلى أنّ تنوّع الخيارات المتاحة أمام الأتراك من جميع التوجّهات السياسيّة والفكريّة تعني أنّه يتمّ تحدّي أردوغان من قبل أطراف متعدّدة. الأستاذ الجامعيّ والكاتب السياسيّ في صحيفة "ذا واشنطن بوست" الأميركيّة تمتّع أيضاً بالمقاربة نفسها في مقاله إذ أشار إلى أنّ منافسي أردوغان أقوى هذه السنة بفضل الرياح السياسيّة المتغيّرة وبروز تحالف للمعارضة لا يتضمّن فقط اليسار أو الأقلّيّات الدينيّة والعلمانيّين لكن أيضاً القوميّين اليمينيّين والمسلمين الملتزمين.


محاذير

لكنّ توحّد هذه الأحزاب على قاعدة مواجهة أردوغان فيه بعض المحاذير. فإلى أيّ حدّ يمكن اعتبار هذا المدى الواسع والمتناقض من التوجّهات الفكريّة قادراً على توحيد نتائج معركته من دون أن يكون تركيزها على شخص أردوغان، أمر متروك للأيّام وربّما الأسابيع المقبلة. فخوض السباق الانتخابيّ والسياسيّ عبر الاعتماد فقط على مهاجمة أردوغان قد لا يفيد المعارضة كثيراً بحسب باحثين آخرين. الأستاذ المشارك في جامعة يلدريم بيازيد في أنقرة الدكتور عمير أنس، كتب في موقع "إنديا تايمس" أنّ "المسائل التي قد تنفع أو قد ترتدّ سلباً هي كثيرة". وأضاف: "الكثير من التركيز على شخصيّة أردوغان قد لا يكون استراتيجيّة مربحة. لدى أردوغان رأسماله الاجتماعيّ والسياسيّ الشخصيّ أبعد من حزب العدالة والتنمية". لذلك رأى أنّ المعارضة بحاجة لأجندة أكثر تنوّعاً في الانتخابات البرلمانيّة.


خلافات

بالرغم من هذا، لم يقدّم تنوّع المشارب السياسيّة ما يفيد الأحزاب المعارضة في توسيع هامش تحالفاتها. لذلك، بدا في بعض المفاصل أنّ هذا التنوّع كان في حقيقة الأمر تناقضاً جذريّاً بين مكوّناتها حتى لو بقي هذا التناقض محصوراً بين حزبين. لم يتمكّن "حزب الشعوب الديموقراطيّ" الكرديّ من الانضمام إلى هذا التحالف العريض. وكان رئيسه المشترك صلاح الدين دميرتاش قد اعتُقل في تشرين الأوّل 2016 بتهمة الانتماء لحزب العمّال الكردستانيّ، بينما خاض معركته الرئاسيّة من السجن.



أتى فشل دميرتاش في الانضمام إلى التحالف الذي يضمّ أيضاً الحزب الديموقراطي بسبب معارضة زعيمة "الحزب الجيّد" ميرال أكشنار لهذه الخطوة، هي التي تعتبر أيضاً حزب الشعوب مرتبطاً بحزب العمّال. لكنّ إينجه زار دميرتاش في سجنه منذ حوالي شهر ونصف. استدعى رفض أكشنار ردّاً من الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب بيرفين بولدان أواسط أيّار الماضي، داعية الأكراد إلى عدم التصويت لأكشنار حتى ولو وصلت إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة. لكنّ الأخيرة ردّت بدورها على هذا الكلام مشيرة إلى أنّها أسّست علاقات وثيقة مع الناخبين الأكراد. 


مرحلة مفصليّة؟

إلى جانب التضييق الذي يتعرّض له المعارضون في ظلّ قانون الطوارئ، تحفّز الأوضاع الاقتصاديّة المتدهورة الأحزاب المعارضة على التكتّل في تحالف واحد لمواجهة طريقة إدارة الحزب الحاكم للملفّ الاقتصاديّ. ووصف أتيلا يسيلادا، المحلّل في شركة "غلوبال سورس بارتنرز" ومقرّها اسطنبول، السياسات الاقتصاديّة التركيّة بأنّها "غير مسؤولة". وقال لثارور إنّ نسب التضخّم المرتفعة والعجز في الحساب الجاري ستضاعف المشاكل وأنّه لن يكون بإمكان الأتراك تحمّل المزيد لو استمرّت الأوضاع على ما هي عليه حالياً.



في حال فشلت المعارضة في الاستحقاقين الرئاسيّ والتشريعيّ، ستكون أمام محطّة للتفكير النقديّ وإعادة قراءة شاملة لحساباتها. لكن لو حقّقت فوزاً في الانتخابات التشريعيّة على الأقلّ، فقد يكون بإمكانها تقييد أردوغان إذا استطاع الفوز بالرئاسة لولاية أخرى من خمس سنوات. قد تشكّل انتخابات اليوم مرحلة مفصليّة للمعارضة التركيّة يمكن البناء عليها لتطوير حركتها السياسيّة في المستقبل. لذلك، قد تكون طريقة قراءة المعارضة التركيّة للنتائج الانتخابيّة أكثر أهمّيّة من النتائج نفسها.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم