السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

زواجي كان سبب طلاقي

المصدر: "النهار"
نيروز مناد
زواجي كان سبب طلاقي
زواجي كان سبب طلاقي
A+ A-

لم أتردد لحظةً واحدةً في الموافقة على طلب كريم الزواج مني، ليس لأنَّه من عائلةٍ ثرية ولكن لأنَّه يحبّني. 

خلال فترة خطوبتنا ظهرتْ في حياته سيدة جميلة اسمها ليلى، رأيتها تتأمله في جميع المناسباتِ التي حضرناها معاً. كانت تجلس دائماً على مسافةٍ منه وتنظر إليه بصمت.

تزوجنا في منتصف تموز. حَملتُ بطفلي الأول في مطلع أيلول وفقدتُه في أواخر تشرين الأول.

في بداية العام الجديد وجدتُ علبةَ دواءٍ مخبأةً في درجٍ يستعمله كريم. لم تكن علاقتي به معقدة، بل أعتقد أنَّها كانت من أفضل العلاقاتِ على الإطلاق. غير أنَّه يتغيب عن المنزل كثيراً.

مع انتقالنا إلى منزلٍ جديد، بدأَ كريم يتغيبُ أكثر، ثمَّ صارت أيام غيابه تتتالى، حتّى انتهت به الحال إلى أن مكث خارج المنزل شهراً كاملاً كان يتصل بي خلاله دقائقَ قليلة، مرةً كل أسبوع.

عندما عاد إلى المنزل كان يحمل حقيبةً أصغر من التي أخذها معه ولم تكن ثيابه جميعها موجودةً فيها.

لم أكن على استعدادٍ لمعرفة الحقيقة التي بدت واضحة. تظاهرتُ بعدم الاكتراث.

بعد سنةٍ من زواجنا، فاجأني كريم برغبته في الانفصال. قررتُ الموافقةَ من دون جدال، شرط معرفةِ الحقيقة كاملةً:

"لماذا يجب أن يكون هناكَ امرأة أخرى؟!"، ظلَّ يردد هذه الجملة طوال الوقت، ثمَّ صرخ بي بحزم: "لا أحبكِ ولا أحب سواكِ. لا تفكري كطفلة".

أمام صدمة انهيار زواجٍ كنتُ أظنه مثالياً، وجدتني مضطرةً للبحث خلف القرار الذي اتخذه منفرداً بهذه السّهولة. لم يكن أمامي أي خط أتبعه سوى تلك السيدة الجميلة صاحبة النظرات الصامتة، وكان الوصول إليها سهلاً، فهي صديقةُ أعزّ أصدقاء كريم.

رتبتُ موعداً معها وتمَّ اللقاءُ فعلاً :

- هل أنتِ مطلّقة؟

 - نعم. لكنَّ هذا لا يعني أني أبحث عن زوجٍ آخر. وحتى لو كنتُ أبحث، فزوجكِ ليس بديلاً مناسباً.

- رأيتكِ تتأملينه كثيراً في أكثر من مناسبة...

- كنتُ أحاول معرفةَ ما قدمه إلى زوجي ولم أفلح أنا في تقديمه.

-= ماذا تقصدين؟

استفاضت كثيراً في الحديث عن علاقة كريم الغرامية بزوجها، التي يبلغ عمرها أكثر من سبع سنوات أدت في النهاية إلى تدمير زواجين.

لم تكن تفهم ما معنى أن تعشق زوجها وأن تكون سعيدةً معه، في حين أنَّه يفضل رجلاً عليها! كانت مجروحةً بشدة. فهي أحبته لكنَّه لم يستطع التظاهر أكثر.

بالنسبة إليَّ، لم أكن أعرف ما الذي يؤلمني أكثر؛ وجودِ رجلٍ يثير زوجي أكثر مني، أم أنَّ سنةً كاملةً من عمري ضاعت من دون أن أعرف ما هو الحب فعلاً!

فتحتُ درج كريم لأضع فيه نسختي من مفاتيح المنزل، فتناولتُ علبة الدواء. تفحصتها. قرأتها. ومن بين كل الأشياء الغريبة التي اختبرتها في هذا الزواج، كانت علبة الدواء هي الأكثر غرابةً. فزوجي الطبيب البيطري استعمل محرّضاً حيوانياً لإجهاضي!

بعد سنواتٍ من الطلاق، كانت هذه المرة هي المرة الأولى يسألني فيها أحدهم :

- ما هو سبب طلاقك؟

- زواجي. كان زواجي هو سبب طلاقي .


(كاتبة سورية)


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم