السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيف سترد اسرائيل على "صفقة" الغرب مع إيران ؟

المصدر: "النهار "
رندة حيدر
A+ A-

التسريبات التي برزت أمس في شأن إحتمال التوصل الى اتفاق بين الدول الخمس الكبرى زائد واحد وإيران، توافق بموجبه طهران على تعليق تخصيب اليورانيوم لمدة نصف سنة مقابل التخفيف الجزئي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على اقتصادها، وضعت إسرائيل في موقف حرج ومعقد. فالإسراع الى اعلان رفضها للإتفاق من شأنه أن يضعها في مواجهة ليس مع الولايات المتحدة فحسب بل مع المجتمع الدولي بأسره الذي يبدو اليوم متحمساً جداً لفكرة التوصل الى حل ولو موقت للملف النووي الإيراني، وابعاد شبح حرب محتملة جديدة في منطقة الشرق الأوسط. لكن من جهة اخرى سكوتها على الاتفاق سيكون له في رأيها انعكاسات خطرة على وجودها وعلى مستقبل التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.


منذ بداية الحديث عن استئناف المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي، حذرت إسرائيل على لسان مسؤوليها الكبار من مغبة التوصل الى حلول مرحلية قد تؤدي الى تخفيف العقوبات على إيران من دون أن تضطر هذه الأخيرة الى تقديم تنازلات حقيقية على هذا الصعيد. وشددت إسرائيل على ضرورة ان يكون الاتفاق شاملاً ونهائياً يطال جميع جوانب المشكلة ويقدم حلاً جذرياً لها.
في الخطاب الذي القاه نتنياهو امام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، حدد بوضوح شروط الاتفاق مع إيران واهمها وقف كل عمليات التخصيب لليورانيوم واغلاق مراكز الطرد المركزي كلها، واخراج جميع كميات اليوارنيوم المخصب خارج الاراضي الإيرانية الى جانب سلسلة اخرى من الشروط التعجيزية الاخرى. وتوقف نتنياهو أمام ضرورة عدم تخفيف العقوبات عن إيران لا بل طالب بفرض عقوبات جديدة عليها، والابقاء على خيار الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية.


أسباب الرفض الإسرائيلي للصفقة


 


تتعارض الصفقة التي يدور الحديث عنها الآن مع ما تعتبره إسرائيل اساسياَ في اي اتفاق مع طهران. فقبول الدول الخمس زائد واحد بالعرض الإيراني بتعليق تخصيب اليورانيوم لمدة زمنية محدودة فقط، من دون تحقيق الشروط الأخرى التي تحدث عنها نتنياهو، لا يعني في نظر الإسرائيليين ان طهران تخلت عن طموحها في الحصول على القنبلة بقدر ما يعني أنها قبلت بتأجيل تحقيق هذا الحلم. اما قبول الدول الكبرى بتخفيف العقوبات منذ الآن ولو بصورة جزئية، فتعتبره إسرائيل بمثابة ضربة قاصمة لكل الجهود التي بذلها المجتمع الدولي خلال السنوات الماضية لاخضاع إيران وتضييع للفرصة. فأي تراجع عن العقوبات اليوم في رأيها سيشكل خطوة ستفتح الباب على مصراعيه امام عودة العلاقات الطبيعية مع إيران وستنقذها من ضائقتها الاقتصادية، من دون اي مقابل حقيقي وملموس بأن ايران تخلت عن القنبلة.
لكن الأخطر من هذا كله في نظر إسرائيل ان الاتفاق قد يسدل الستار نهائياً على التهديد باستخدام الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، وكشف بوضوح عدم رغبة الإدارة الأميركية في الدخول في مواجهة عسكرية في المنطقة رغم كل الكلام الصادر عن المسؤولين الأميركيين في السابق بأن جميع الخيارات ستبقى مطروحة.
وتثير هذه النقطة بالذات ردة فعل قوية داخل إسرائيل، فقد نقل مراسل صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم بصراحة بأن الهجوم العسكري لن يؤدي الى القضاء على المشروع النووي الإيراني، ففي النهاية ستجد جميع الاطراف نفسها في المكان الذي هي فيه اليوم لمناقشة المشكلات عينها. لذا فمن الأفضل توفير الحياة والوقت والتوصل الى اتفاق منذ اليوم. والرسالة واضحة بالنسبة للإسرائيليين ان الولايات المتحدة لم تكن يوماً ترغب فعلاً بمهاجمة إيران.
وردة الفعل السلبية على التخلي عن الخيار العسكري نلمسها لدى اكثر من معلق إسرائيلي، قارن مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" بين الاتفاق الدولي على نزع السلاح الكيميائي في سوريا الذي في نظره ساهم في صمود الرئيس الأسد، وبين الاتفاق الدولي مع إيران الذي سيجعلها تعتقد ان في امكانها التظاهر ضد الولايات المتحدة والهتاف "الموت لأميركا" وان تحرق اعلامها، وان تحظى مع ذلك بموافقة اميركا على تخفيف العقوبات عنها.


فور نشر تسريبات الاتفاق لم تتأخر إسرائيل الرسمية والدوائر المؤيدة لها في الولايات المتحدة سواء داخل المنظمات اليهودية الأميركية، أم في الكونغرس الأميركي عن التعبير عن رضاها واستيائها من الصفقة. لكن رغم ذلك تجد إسرائيل صعوبة الآن في اختيار طريقة للتعبير عن هذا الرفض وفي ايجاد السبيل الانجع للرد على الصفقة المنتظرة. والسؤال الذي يطرحه المسؤولون الإسرائيليون على انفسهم هل عليهم منذ الآن شن حملة عنيفة ضد اتفاق جنيف، ام انتظار الجولة الثانية من المفاوضات؟ يقول مراسل "هآرتس": " ان اي نزاع مكشوف مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي تكتنفه مخاطر عدة وقد لا يتكلل بالنجاح. فان ذلك سيكشف ضعف هذه الإدارة وقد يؤدي الى انهيار الائتلاف الدولي ويتسبب بخروج الإيرانيين من المفاوضات، وسوف تحمل إسرائيل والمنظمات اليهودية الأميركية المسؤولة عن ذلك." ويضيف: "مما لاشك فيه ان الاتصالات بين واشطن وطهران وضعت إسرائيل أمام مفترق وقرارت مصيرية: فهل يتعين عليها المحافظة على ضبط النفس؟ أم الدخول في مواجهة مع الإدارة الأميركية والعمل على افشال الصفقة مع إيران؟ والسؤال الاهم هل الصفقة المقبلة ستبعد نهائياً خيار الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية؟ أم على العكس ستجعله ضرورياً واكثر الحاحاً؟"

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم