السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الرائع إبرهيم معلوف: "بيناتنا ما بينطاق؟!"

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الرائع إبرهيم معلوف: "بيناتنا ما بينطاق؟!"
الرائع إبرهيم معلوف: "بيناتنا ما بينطاق؟!"
A+ A-

ها نحن نقف وجهاً لوجه في الفُسحة الخارجيّة المطلّة على "البيسين المُغرية" في الفندق البيروتيّ الذي يستضيفنا بعد ظهر هذا اليوم الحار. تعابير وجهه ودّية على الرغم من أنه لا يُحدّق مباشرة في عيني...أقلّه في الدقائق الأولى. ربما يُحاول تقويم ما إذا كان سيحبني أم أن الوضع "مش ولا بدّ". لاحقاً سأكتشف بأنه، في الواقع، يُحب الجميع، و"مرتاح على وضعه" مع الكبار والصغار. إطلالته "مُزخرفة" بهذا الاسترخاء الفاتِن الذي يُجاور الاطمئنان، "وكأنّو ما في شي وراه ولا إدّامو". فعلى الرغم من أسفاره المُتواصلة في مُختلف أنحاء العالم، وجدول أعماله المُرهِق، وإطلالاته "الجازيّة" والمُطعّمة بالروح الشرقيّة على أهم المسارح العالميّة، ووقوفه وجهاً لوجه مع الموسيقيّين الكبار الذين يُعاملونه باحترام مُطلق، يبدو وكأنه يُسيطر كلياً على نفسه من دون أي "تلميح" لغرور "مُستتر" يتربّص خلف هذا الترحيب "السهل المنال". شيء ما في في استقباله الحار يشير إلى مقطوعته الشهيرة، "يا هلا"! وكأنه يُريد بأي ثمن أن يقترب بضع خطوات من أبناء بلده، هو الذي يرقص على أنغام العالميّة منذ سنوات طويلة. 

الشفافيّة وهالة الـEasy-Going والدماثة التي "تُغلّف" حضوره "العذب" تشير إلى إصراره على الوثوق بالآخرين. فهل تَكمن هنا تحديداً نقطة ضعفه؟ يصمت قليلاً قبل أن يُجيب: "معقول. لكنني لا أشعر بخوف من الناس ولا أقف على مسافة منهم. كما لا أقترب منهم بحذر"".

عازف "الترومبيت" اللبناني العالمي إبرهيم معلوف، سعيد لأن الأسئلة التي اختارها له بعض القرّاء وأفراد عائلتي(!) شخصيّة، ولا علاقة لها بالموسيقى. فهو يُريد أن نعرفه في يومياته الحميمة.

نجلس معاً وكأن صداقة طويلة تجمعنا، على الرغم من أنه حديثي الثاني معه، بعد الأول الذي سبق إطلالته الرائعة في العام المُنصرم في مهرجانات بعلبك الدوليّة.

 الأكيد أنه كان أكثر من واضح وأكثر من شفّاف في الجلسة التي استغرقت أقل من ساعة تخلّلتها "كم Selfie" وفيديو قصير اختار خلاله أن يُجيب عن السؤال الأقرب إلى قلبه من بين الأسئلة التي طرحتها عليه! ("شو أكتر شي بيعصّبك؟!).

فهو مُنفتح ويسهل عليه التواصل، "يعني ما عندو شي يخبّيه". وها هو ينحني "شي ما بينذَكر" ليُصافحني، ليفاجأ بعناقي العفوي له. يضحك ضحكة نصف مكبوتة و"قريبة من القلب". يرفَع كتفيه بما يُشبه الارتباك. ولكنه سُرعان ما يتذكّر بأن "اللبناني هيك بيحب يبوّس ويعبّط"!

أقل من ساعة مع الموسيقي الذي يطل في 11 آب في مهرجانات البترون، ومع ذلك يروي تفاصيل حميميّة عن حياته، بلا تفكير مطوّل أو تخطيط لكل جواب.


أقل من ساعة اكتشفنا خلالها بعض تفاصيل حول حياته الغريبة التي تُشبهه، لكنها تخفي رغبة قويّة في الاستقرار:

- في حياة إبرهيم معلوف، "ما في يوم متل التاني". ومن هذا المُنطلق، يصعب عليه أن يعيش علاقات اجتماعيّة وشخصيّة عاديّة أو "طبيعيّة". وعليه أن يُخطّط لكل اللقاءات العائليّة قبل أسابيع، وأحياناً قبل أكثر من شهرين، "نعم، أحياناً أخطّط قبل أكثر من شهرين لأمضي بعض الوقت مع أمي وابنتي".

- حياته صعبة كما يصفها لأن عليه، كفنان، أن يحافظ على حريّته ليتمكّن من الخلق في أية لحظة، ومع ذلك يحلم هذا الشاب بحياة هادئة ومُستقرّة، يستيقظ فيها يومياً باكراً ليذهب إلى وظيفته ويعود منها في ساعات المساء الأولى لتحضير العشاء لعائلته ويُشاهد بعدها "شي برنامج على التلفزيون".

- "الحياة التي أعيشها منذ سنوات طويلة غريبة"، يضحك قبل أن يعلّق قائلاً: "غريبة كلمة ربما لا تصفها جيداً".

- "يثق بي الناس لأنني أعطيهم كل انتباهي في الوقت المخصّص لهم. الآن، على سبيل المثال، أنا معك وكل انتباهي ووقتي ملكٌ لك. منذ 20 عاماً وأنا أقسّم وقتي – على الليبرة – تصوّري صعوبة حياتي المُنظّمة بشكل كبير. وفي الواقع أحتاج إلى هذا التنظيم المُفرط لأتمكّن من الحصول في المقابل على بعض عفويّة تُشعرني بطيف الحياة العاديّة التي أحلم بها".

- "يا إلهي! كم أحلم بأن أكون A Family man!(رجل عائلي عادي)".

- "أكثر صفاتي القبيحة، أو أكثرها فظاعةً هي أنني مُتطلّب لدرجة مُفرطة من الذين أحبهم. ولكنني لست فيلسوفاً ولا أدّعي بأنني حكيم لدرجة أنني أستطيع أن أعطي كل شيء من دون ان أطلب كل شيء في المُقابل!". هل نستطيع، إذاً، أن نقول عنك يا "موسيو معلوف أنك ما بتنطاق؟: يضحك مطولاً ولا يُعلّق بسرعة، ولكنه يكتفي بالقول: "تطلّبي الزائد يجعل العلاقات الشخصيّة صعبة جداً معي!".

- "في لبنان أكثر ما يُزعجني هو الأحكام المُسبقة التي يطلقها البعض على الآخرين. أحياناً يقولون لي بصراحة مُفرطة: أنت فنان تجول العالم وتعتلي خشبات المسارح الأكثر شهرة وترتدي التي شيرت العادية؟! لا أولِي المظهر الخارجي أهميّة كبيرة. تصوّري أنني قبل زيارتي إلى لبنان كنت أوقّع عقداً مع المدير التنفيذي لشركة إنتاج عالميّة في لوس أنجليس، واستقبلني حافي القدمين وجلسنا معاً أرضاً لنتفّق على العقد!". أعترف له بأنني لم أتمكّن من أن أقلّم أظافري قبل المُقابلة، فيُجيب ضاحكاً: "حلو هيك!".

- "أعشق قدرة اللبناني على النهوض باستمرار على الرغم من ضربات القَدر المُستمرّة له".

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم