الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

غورباتشيوف يعترف بإنفاق 82 مليار دولار على الدعاية الشيوعية في الخارج

المصدر: "النهار"
Bookmark
غورباتشيوف يعترف بإنفاق 82 مليار دولار على الدعاية الشيوعية في الخارج
غورباتشيوف يعترف بإنفاق 82 مليار دولار على الدعاية الشيوعية في الخارج
A+ A-
في هذه الحلقة (36) من مذكراته يتابع وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بايكر الحديث عن ذيول الانقلاب ضد ميخائيل غورباتشيوف في موسكو اواخر شهر آب 1991، وصعود نجم بوريس يلتسين. ويشير الى تجاوب غورباتشيوف والمطالبة الاميركية بسحب القوات السوفياتية من افغانستان ووقف المساعدات لكوبا فضلاً عن سحب الخبراء العسكريين السوفيات منها، في مقابل تقديم مزيد من المساعدات الاقتصادية والمالية الاميركية الى حكم غورباتشيوف. وينقل عن الاخير ان بلاده انفقت ما يوازي 82 مليار دولار على الايديولوجيا الشيوعية في الخارج. وهذا الجزء الثاني من الفصل الثامن والعشرين من المذكرات التي تنشرها "النهار" و"الشرق الاوسط". عدت الى واشنطن مساء يوم الاربعاء، ثم توجهت الى كينيبنكبورت بالطائرة صباح يوم الخميس لمناقشة الخطوات المقبلة مع الرئيس بوش. وقد استنتجنا انه مع انتصار الوسط (غورباتشيوف) وزعماء الجمهورية (يلتسين) الذي كان ملتزما الاصلاح، ومع افول النفوذ الذي كانت تتمتع به قوات الامن والجيش، بات لزاما علينا ان نتوقع تحرك القيادة السياسية على نحو اشد جرأة في النهج الاصلاحي الان. وقد امتلأت مناقشاتنا بمجموعة من الاعتبارات: 1- صفقة اقتصادية اصلاحية ذات طابع راديكالي. 2- تطبيق فوري ودقيق لاتفاقي START وCFE تتبعه محادثات لوضع حد لانتشار السلاح. 3- سيطرة مدنية على الاجهزة العسكرية والامنية. 4- خفض نفقات التسلح. 5- استمرار السياسة الخارجية. 6- اجراء مفاوضات جدية حول استقلال دول البلطيق بموجب الامر الواقع. 7- توسيع نطاق التعاون الاقتصادي. 8- التزام معايير حقوق الانسان الدولية. ومع ذلك بدا ان غورباتشيوف قد اخطأ في قراءة مدى التغيير الذي طرأ على العالم. كنت والرئيس نشهد من مسكن اسرته في ووكرز بونيت غورباتشيوف فيما هو يعلن من شاشة التلفزيون الحاجة الى "تجديد" الحزب الشيوعي. وقد صعقنا النبأ كثيرا. فمن الواضح ان الشعب كان يريد نهاية الحزب لا تجديده. كما انه كشف عن نياته عندما قام بتحطيم نصب لينين وتماثيله في جميع انحاء الاتحاد السوفياتي. لقد كان الاتحاد السوفياتي يتحلل بسرعة ومعه مركز غورباتشيوف نفسه. وما ان جاء يوم السبت حتى بدأت الضغوط تمارس على غورباتشيوف لكي يستقيل من رئاسة الحزب. كما ان اللجنة المركزية حلت، واحيلت ملكية ابنية ومؤسسات الحزب على البرلمان السوفياتي. وخارج روسيا صوت البرلمان الاوكراني بالاجماع على اعلان استقلال اوكرانيا، ثم اعقبته بيلوروسيا في اليوم التالي، ومولدافيا بعد يومين. عدت الى مزرعتي مصمما على اخذ قسط من الراحة قبل ان ينفجر جزء اخر من العالم. وقضيت الاسبوع الذي اعقب عودتي محاولا التمتع بالمقدار الممكن من الراحة فيما كنت مستغرقا في التفكير بهذه الاحداث الجسام. كانت الاسئلة التي واجهناها تبدو بلا نهاية: هل يستطيع يلتسين وغورباتشيوف ان يتعاونا؟ وكيف سنتعامل مع ما بدا انه حكومة ائتلافية من حيث الجوهر؟ وهل سيستمر الاتحاد السوفياتي دولة واحدة؟ لقد هززت برأسي لعظم هذه الاسئلة وجسامتها. وجدت عددا من الاجوبة في مذكرتين وضعهما خبيران مولجان بالشؤون السوفياتية، هما اندرو كاربنديل وجون حنا. المذكرة الاولى عنوانها: "ما العمل؟..." وهي تلعب من طريق تكرار عنوان كتاب لينين الصادر في عام 1902، وتحاجج بالقول ان الشعب الروسي قد تخلص من آخر اثار الستالينية، وان احتمالات الاصلاح الجذري في المجالين الاقتصادي والسياسي اصبحت مفتوحة الى اقصاها. وتؤكد المذكرة ان: "المركز ومؤسساته مستمرة حتى الان ولكن ذلك يتوقف على سلوك الجمهوريات. ولكي يعيش فان على المركز ان يحول نفسه طليعة للاصلاح الجذري، اذا ما فشل في ذلك فان الجمهوريات ستحاول ازاحة المركز جانبا وايجاد وسيلة اخرى يمكنها ان تؤسس علاقات في ما بينها". وفي اختصار اصبحت ايام غورباتشيوف معدودة، ما لم يتمكن من التحول الى ديموقراطي متفوق على يلتسين، وهذا احتمال وجدته مستبعدا تماما. بدأت افكر في مجموعة من المبادرات السرية التي تثيرها المذكرة (منها على سبيل المثال عقد مؤتمر للدول المانحة معونات انسانية، ورفع وتيرة المساعدات الاميركية التقنية، وتأسيس صناديق لتمويل المشاريع، وبرامج لكتائب السلام خاصة بالجمهوريات، وتخصيص صندوق لتحويل مشروعات الدفاع مشروعات زراعية ومدنية) بالاضافة الى عدد من الاصلاحات السياسية الجديدة، ومنها على سبيل المثال محاولة تقديم العون في تنظيم الانتخابات، وتحويل المناقشات المتعلقة بمعاهدة START الثانية بحيث تغطي موضوع الاخطار المترتبة على نشوب حرب بطريق المصادفة الخ. لقد كنت حذرا في شأن استبعاد غورباتشيوف نهائيا، قبل ادراك الشكل الذي ستتخذه علاقات غورباتشيوف ويلتسين، وكذلك العلاقات بين المركز والجمهوريات، كما فكرت في انه من السابق لاوانه ان اتقدم من الرئيس بجملة من المبادرات، قبل ان اتعرف مباشرة على الشكل الذي ستستقر عليه الاحداث في موسكو وفي مناطق اخرى من الاتحاد السوفياتي. وعلى اي حال فان اولويات الرئيس كانت تتركز على جمهوريات البلطيق. فقد تحركت بجرأة لتحقيق استقلالها بعد فشل انقلاب القصر مباشرة. كما ان يلتسين فتح صفحة جديدة باعترافه باستقلال استونيا ولاتفيا في 24 آب. كانت روسيا اعترفت بليتوانيا في 29 تموز. وسارع الكثير من الدول الاسكندينافية للاعتراف بهذه الجمهوريات، فتصاعدت الضغوط علينا من اجل ان نفعل الشيء نفسه. ولما كنا لم نعترف بضم دول البلطيق الى الاتحاد السوفياتي رسميا فقد اكتفى الرئيس في 2 ايلول بالاعلان عن عزمنا على اقامة علاقات ديبلوماسية مع استونيا ولاتفيا وليتوانيا. وعلى العمل من اجل تحويل الاستقلال واقعا حقيقيا. واما السؤال السياسي الاكبر فقد كان يحوم حول الجمهوريات الاخرى. وقد كنت احاول العثور على اداة ديبلوماسية تساعد على بلورة سلوكها فظفرت بفكرة مفيدة في المذكرة الثانية التي بدأت على النحو الآتي "مع انهيار الامبراطورية السوفياتية الخارجية في عام 1989 فان الامبراطورية السوفياتية الداخلية بدأت تنهار بدورها". وبينما كان معظم خطابيات الاستقلال يبدو متصلا بجهد واع تقوم به كل جمهورية على حدة من اجل زيادة حجم هيمنتها في اي مفاوضات مقبلة، فقد حذرت المذكرة من ان "ثمة احتمالا حقيقيا في ان تؤدي الاعلانات الراهنة عن الاستقلال الى نزاعات اقليمية واقتصادية وعسكرية بين الجمهوريات". وفي ذلك الاسبوع حذر يلتسين من ان الاجزاء التي تسيطر عليها روسيا من اوكرانيا وكازاخستان لن يسمح لها بالانفصال. وتستمر المذكرة فتقول: "بينما ستتحدد التطورات على مسرح الاحداث، فان كلماتنا سيكون لها، كما فعلت خلال الانقلاب، تأثيرها الكبير على الطريقة التي سيتصرف القادة بموجبها". وتضيف: "نستطيع من طريق طرح خمسة مبادئ وضع الاطار الفلسفي والعملي الذي ستجري وفقه عملية تحلل الاتحاد السوفياتي بطريقة سلمية ومنظمة". هذه المبادئ الخمسة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم